الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( وأما ) المختلف فيه ( فمنها ) أن ينفصل المني لا عن شهوة ويخرج لا عن شهوة بأن ضرب على ظهره ضربا قويا ، أو حمل حملا ثقيلا ، فلا غسل فيه عندنا ، وعند الشافعي فيه الغسل ، واحتج بما روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال { الماء من الماء } أي : الاغتسال من المني من غير فصل .

                                                                                                                                ( ولنا ) ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه { سئل عن المرأة ترى في المنام يجامعها زوجها فقال صلى الله عليه وسلم أتجد لذة ؟ فقيل : نعم فقال : عليها الاغتسال إذا وجدت الماء } ، ولو لم يختلف الحكم بالشهوة ، وعدمها لم يكن للسؤال عن اللذة معنى ; ولأن وجوب الاغتسال معلق بنزول المني ، وأنه في اللغة اسم للمنزل عن شهوة لما نذكر في تفسير المني .

                                                                                                                                وأما الحديث فالمراد من الماء الماء المتعارف ، وهو المنزل عن شهوة لانصراف مطلق الكلام إلى المتعارف ( ومنها ) أن ينفصل المني عن شهوة ويخرج لا عن شهوة ، وأنه يوجب الغسل في قول أبي حنيفة ، ومحمد .

                                                                                                                                وعند أبي يوسف لا يوجب فالمعتبر عندهما الانفصال عن شهوة ، وعنده المعتبر هو الانفصال مع الخروج عن شهوة ، وفائدته تظهر في موضعين أحدهما إذا احتلم الرجل فانتبه وقبض على عورته ، حتى سكنت شهوته ، ثم خرج المني بلا شهوة ، والثاني إذا جامع فاغتسل قبل أن يبول ، ثم خرج منه بقية المني وجه قول أبي يوسف أن جانب الانفصال يوجب الغسل وجانب الخروج ينفيه ، فلا يجب مع الشك ، ولهما أنه إذا احتمل الوجوب ، والعدم فالقول بالوجوب أولى احتياطا .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية