الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                وكذلك قال أصحابنا في الغدير العظيم الذي لو حرك طرف منه لا يتحرك الطرف الآخر إذا وقعت فيه النجاسة : إنه إن كان في غالب الرأي أنها وصلت إلى الموضع الذي يتوضأ منه لا يجوز ، وإن كان فيه أنها لم تصل يجوز ، وذكر في كتاب الصلاة في الميزاب إذا سال على إنسان أنه إن كان غالب ظنه أنه نجس يجب غسله وإلا فلا ، وإن لم يستقر قلبه على شيء لا يجب غسله في الحكم ، ولكن المستحب أن يغسل وأما حوض الحمام الذي يخلص بعضه إلى بعض إذا وقعت فيه النجاسة أو توضأ إنسان ، روي عن أبي يوسف أنه إن كان الماء يجري من الميزاب والناس يغترفون منه لا يصير نجسا ، وهكذا روى الحسن عن أبي حنيفة ; لأنه بمنزلة الماء الجاري ، ولو تنجس الحوض الصغير بوقوع النجاسة فيه ، ثم بسط ماؤه حتى صار لا يخلص بعضه إلى بعض فهو نجس ; لأن المبسوط هو الماء النجس وقيل في الحوض الكبير وقعت فيه النجاسة ، ثم قل ماؤه ، حتى صار يخلص بعضه إلى بعض : إنه طاهر ; لأن المجتمع هو الماء الطاهر ، هكذا ذكره أبو بكر الإسكاف واعتبر حالة الوقوع .

                                                                                                                                ولو وقع في هذا القليل نجاسة ، ثم عاوده الماء ، حتى امتلأ الحوض ولم يخرج منه شيء قال أبو القاسم الصفار : لا يجوز التوضؤ به ; لأنه كلما دخل الماء فيه صار نجسا .

                                                                                                                                ولو أن حوضين صغيرين يخرج الماء من [ ص: 73 ] أحدهما ويدخل في الآخر فتوضأ منه إنسان في خلال ذلك جاز ; لأنه ماء جار حوض حكم بنجاسته ، ثم نضب ماؤه وجف أسفله ، حتى حكم بطهارته ثم دخل فيه الماء ثانيا هل يعود نجسا ؟ فيه روايتان عن أبي حنيفة ، وكذا الأرض إذا أصابتها النجاسة فجفت وذهب أثرها ، ثم عاودها الماء ، وكذا المني إذا أصاب الثوب فجف وفرك ، ثم أصابه بلل ، وكذا جلد الميتة إذا دبغ دباغة حكمية بالتشميس والترتيب ، ثم أصابه الماء ففي هذه المسائل كلها روايتان عن أبي حنيفة .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية