( ومنها ) فالدباغ تطهير للجلود كلها إلا جلد الإنسان والخنزير ، كذا ذكر الدباغ للجلود النجسة ، ، وقال الكرخي : إن جلد الميتة لا يطهر بالدباغ ، لكن يجوز استعماله في الجامد ، لا في المائع ، بأن يجعل جرابا للحبوب دون الزق للماء والسمن والدبس ، وقال عامة أصحاب الحديث : لا يطهر بالدباغ إلا جلد ما يؤكل لحمه وقال مالك كما قلنا إلا في جلد الكلب ; لأنه نجس العين عنده كالخنزير وكذا روي عن الشافعي واحتجوا بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { الحسن بن زياد } واسم الإهاب يعم الكل إلا فيما قام الدليل على تخصيصه ، ( ولنا ) ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب } أيما إهاب دبغ فقد طهر
كالخمر تخلل فتحل وروي أن { } ; ولأن نجاسة الميتات لما فيها من الرطوبات والدماء السائلة وأنها تزول بالدباغ فتطهر كالثوب النجس إذا غسل ; ولأن العادة جارية فيما بين المسلمين بلبس جلد الثعلب ، والفنك ، والسمور ونحوها ، في الصلاة وغيرها من غير نكير ، فدل على الطهارة ، ولا حجة لهم في الحديث ; لأن الإهاب في اللغة : اسم لجلد لم يدبغ ، كذا قاله النبي صلى الله عليه وسلم مر بفناء قوم فاستسقاهم فقال : هل عندكم ماء ؟ فقالت امرأة : لا يا رسول الله إلا في قربة لي ميتة فقال صلى الله عليه وسلم ألست دبغتيها ؟ فقالت : نعم فقال : دباغها طهورها ، والله أعلم ، ثم قول الأصمعي : إلا جلد الإنسان [ ص: 86 ] والخنزير ، جواب ظاهر قول أصحابنا . الكرخي
وروي عن أن الجلود كلها تطهر بالدباغ لعموم الحديث ، والصحيح أن جلد الخنزير لا يطهر بالدباغ ; لأن نجاسته ليست لما فيه من الدم والرطوبة بل هو نجس العين ، فكان وجود الدباغ - في حقه - والعدم بمنزلة واحدة ، وقيل : إن جلده لا يحتمل الدباغ ; لأن له جلودا مترادفة ، بعضها فوق بعض كما للآدمي . أبي يوسف
وأما جلد الإنسان فإن كان يحتمل الدباغ وتندفع رطوبته بالدبغ ينبغي أن يطهر ; لأنه ليس بنجس العين لكن لا يجوز الانتفاع به احتراما له وأما جلد الفيل فذكر في العيون عن أنه لا يطهر بالدباغ . محمد
وروي عن أبي حنيفة أنه يطهر ; لأنه ليس بنجس العين ، ثم وأبي يوسف : حقيقي ، وحكمي ، فالحقيقي : هو أن يدبغ بشيء له قيمة كالقرظ والعفص والسبخة ونحوها ، والحكمي : أن يدبغ بالتشميس والتتريب والإلقاء في الريح ، والنوعان مستويان في سائر الأحكام إلا في حكم واحد ، وهو أنه لو أصابه الماء بعد الدباغ الحقيقي لا يعود نجسا ، وبعد الدباغ الحكمي فيه روايتان . الدباغ على ضربين
وقال : لا يطهر الجلد إلا بالدباغ الحقيقي ، وأنه غير سديد ; لأن الحكمي في إزالة الرطوبات ، والعصمة عن النتن ، والفساد بمضي الزمان ، مثل الحقيقي ، فلا معنى للفصل بينهما ، والله أعلم . الشافعي