( فصل ) :
أما
nindex.php?page=treesubj&link=1524الواجبات الأصلية في الصلاة فستة : منها قراءة الفاتحة والسورة في صلاة ذات ركعتين ، وفي الأوليين من ذوات الأربع والثلاث ، حتى لو تركهما أو أحدهما : فإن كان عامدا كان مسيئا ، وإن كان ساهيا يلزمه سجود السهو ، وهذا عندنا .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي :
nindex.php?page=treesubj&link=1530قراءة الفاتحة على التعيين فرض ، حتى لو تركها أو حرفا منها في ركعة لا تجوز صلاته وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : قراءتهما على التعيين فرض .
( احتجا ) بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30881لا صلاة لمن لم يقرأ فاتحة الكتاب } .
وروي {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30835لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب وسورة معها } ، أو قال : وشيء معها ; ولأن النبي صلى الله عليه وسلم واظب على قراءتهما في كل صلاة فيدل على الفرضية .
( ولنا ) قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=20فاقرءوا ما تيسر من القرآن } ، أمر بمطلق القراءة من غير تعيين ، فتعيين الفاتحة فرضا أو تعيينهما نسخ الإطلاق ، ونسخ الكتاب بالخبر المتواتر لا يجوز عند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، فكيف يجوز بخبر الواحد ؟ فقبلنا الحديث في حق الوجوب عملا حتى تكره ترك قراءتهما دون الفرضية عملا بهما بالقدر الممكن ، كي لا يضطر إلى رده لوجوب رده عند معارضة الكتاب ، ومواظبة النبي صلى الله عليه وسلم على فعل لا يدل على فرضيته ، فإنه كان يواظب على الواجبات والله أعلم .
( ومنها )
nindex.php?page=treesubj&link=1567الجهر بالقراءة فيما يجهر وهو الفجر والمغرب والعشاء في الأوليين ،
nindex.php?page=treesubj&link=1568والمخافتة فيما يخافت وهو الظهر والعصر إذا كان إماما .
والجملة فيه أنه لا يخلو إما أن يكون إماما أو منفردا ، فإن كان إماما يجب عليه مراعاة الجهر فيما يجهر ، وكذا في كل صلاة من شرطها الجماعة كالجمعة والعيدين والترويحات ، ويجب عليه المخافتة فيما يخافت ، وإنما كان كذلك لأن القراءة ركن يتحمله الإمام عن القوم فعلا ، فيجهر ليتأمل القوم ويتفكروا في ذلك ، فتحصل ثمرة القراءة وفائدتها للقوم ، فتصير قراءة الإمام قراءة لهم تقديرا ، كأنهم قرءوا .
وثمرة الجهر تفوت في صلاة النهار ; لأن الناس في الأغلب يحضرون الجماعات في خلال الكسب والتصرف والانتشار في الأرض ، فكانت قلوبهم متعلقة بذلك ، فيشغلهم ذلك عن حقيقة التأمل فلا يكون الجهر مفيدا بل يقع تسبيبا إلى الإثم بترك التأمل ، وهذا لا يجوز ، بخلاف صلاة الليل ; لأن الحضور إليها لا يكون في خلال الشغل ، وبخلاف الجمعة والعيدين ; لأنه يؤدى في الأحايين مرة على هيئة مخصوصة من الجمع العظيم وحضور السلطان وغير ذلك فيكون ذلك مبعثة على إحضار القلب والتأمل ; ولأن القراءة من أركان الصلاة
[ ص: 161 ] والأركان في الفرائض تؤدى على سبيل الشهرة دون الإخفاء ، ولهذا {
كان النبي صلى الله عليه وسلم يجهر في الصلوات كلها في الابتداء } إلى أن قصد الكفار أن لا يسمعوا القرآن وكادوا يلغون فيه فخافت النبي صلى الله عليه وسلم بالقراءة في الظهر والعصر ; لأنهم كانوا مستعدين للأذى في هذين الوقتين ، ولهذا كان يجهر في الجمعة والعيدين ; لأنه أقامهما
بالمدينة وما كان للكفار
بالمدينة قوة الأذى ، ثم وإن زال هذا العذر بقيت هذه السنة كالرمل في الطواف ونحوه ; ولأنه واظب على المخافتة فيهما في عمره فكانت واجبة ; ولأنه وصف صلاة النهار بالعجماء وهي التي لا تبين ، ولا يتحقق هذا الوصف لها إلا بترك الجهر فيها ، وكذا واظب على الجهر فيما يجهر والمخافتة فيما يخافت وذلك دليل الوجوب ، وعلى هذا عمل الأمة ويخفي القراءة فيما سوى الأوليين ; لأن الجهر صفة القراءة المفروضة ، والقراءة ليست بفرض في الأخريين لما بينا فيما تقدم ، وإذا ثبت هذا فنقول : إذا جهر الإمام فيما يخافت أو خافت فيما يجهر فإن كان عامدا يكون مسيئا ، وإن كان ساهيا فعليه سجود السهو ; لأنه وجب عليه إسماع القوم فيما يجهر ، وإخفاء القراءة عنهم فيما يخافت ، وترك الواجب عمدا يوجب الإساءة ، وسهوا يوجب سجود السهو وإن كان منفردا فإن كانت صلاة يخافت فيها بالقراءة خافت لا محالة ، وهو رواية الأصل ، وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبو يوسف في الإملاء إن زاد على ما يسمع أذنيه فقد أساء .
وذكر
عصام بن أبي يوسف في مختصره وأثبت له خيار الجهر والمخافتة ، استدلالا بعدم وجوب السهو عليه إذا جهر ، والصحيح رواية الأصل لقوله صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=20806صلاة النهار عجماء من غير فصل } ; ولأن الإمام مع حاجته إلى إسماع غيره يخافت فالمنفرد أولى ولو جهر فيها بالقراءة فإن كان عامدا يكون مسيئا ، كذا ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=15071الكرخي في صلاته وإن كان ساهيا لا سهو عليه نص عليه في باب السهو بخلاف الإمام .
( والفرق ) أن سجود السهو يجب لجبر النقصان ، والنقصان في صلاة الإمام أكثر ; لأن إساءته أبلغ ; لأنه فعل شيئين نهي عنهما : أحدهما - أنه رفع صوته في غير موضع الرفع ، والثاني - أنه أسمع من أمر بالإخفاء عنه ، والمنفرد رفع صوته فقط فكان النقصان في صلاته أقل ، وما وجب لجبر الأعلى لا يجب لجبر الأدنى وإن كانت صلاة يجهر فيها بالقراءة فهو بالخيار ، إن شاء جهر وإن شاء خافت ، وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=15071الكرخي إن شاء جهر بقدر ما يسمع أذنيه ولا يزيد على ذلك ، وذكر في عامة الروايات مفسرا أنه بين خيارات ثلاث : إن شاء جهر وأسمع غيره ، وإن شاء جهر وأسمع نفسه ، وإن شاء أسر القراءة ، أما كون له أن يجهر فلأن المنفرد إمام في نفسه ، وللإمام أن يجهر .
وله أن يخافت بخلاف الإمام ; لأن الإمام يحتاج إلى الجهر لإسماع غيره والمنفرد يحتاج إلى إسماع نفسه لا غير ، وذلك يحصل بالمخافتة ، وذكر في رواية
أبي حفص الكبير أن الجهر أفضل ; لأن فيه تشبيها بالجماعة ، والمنفرد إن عجز عن تحقيق الصلاة بجماعة لم يعجز عن التشبه ، ولهذا إذا أذن وأقام كان أفضل هذا في الفرائض وأما في التطوعات فإن كان في النهار يخافت ، وإن كان في الليل فهو بالخيار إن شاء خافت وإن شاء جهر ، والجهر أفضل ; لأن النوافل أتباع الفرائض ، والحكم في الفرائض كذلك ، حتى لو كان بجماعة كما في التراويح يجب الجهر ولا يتخير في الفرائض ، وقد روي {
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا صلى بالليل سمعت قراءته من وراء الحجاب } .
وروي أن {
nindex.php?page=hadith&LINKID=15647النبي صلى الله عليه وسلم مر بأبي بكر رضي الله عنه وهو يتهجد بالليل ويخفي القراءة ، ومر nindex.php?page=showalam&ids=2بعمر وهو يتهجد ويجهر بالقراءة ، ومر nindex.php?page=showalam&ids=115ببلال وهو يتهجد وينتقل من سورة إلى سورة ، فلما أصبحوا غدوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل كل واحد منهم عن حاله ، فقال أبو بكر رضي الله عنه : كنت أسمع من أناجي . وقال nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه : كنت أوقظ الوسنان وأطرد الشيطان ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=115بلال رضي الله عنه : كنت أنتقل من بستان إلى بستان فقال النبي صلى الله عليه وسلم : يا أبا بكر ارفع من صوتك قليلا ، ويا nindex.php?page=showalam&ids=2عمر اخفض من صوتك قليلا ، ويا nindex.php?page=showalam&ids=115بلال إذا فتحت سورة فأتمها } ، ثم
nindex.php?page=treesubj&link=1568المنفرد إذا خافت وأسمع أذنيه يجوز بلا خلاف لوجود القراءة بيقين ، إذ السماع بدون القراءة لا يتصور ، أما إذا صحح الحروف بلسانه وأداها على وجهها ولم يسمع أذنيه ولكن وقع له العلم بتحريك اللسان وخروج الحروف من مخارجها - فهل تجوز صلاته ؟ اختلف فيه ، ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=15071الكرخي أنه يجوز ، وهو قول
أبي بكر البلخي المعروف بالأعمش ، وعن الشيخ
أبي القاسم الصفار والفقيه
أبي جعفر الهندواني [ ص: 162 ] والشيخ الإمام
أبي بكر محمد بن الفضل البخاري أنه لا يجوز ما لم يسمع نفسه ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=15211بشر بن غياث المريسي أنه قال : إن كان بحال لو أدنى رجل صماخ أذنيه إلى فيه سمع كفى ، وإلا فلا ، ومنهم من ذكر في المسألة خلافا بين
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف nindex.php?page=showalam&ids=16908ومحمد ، فقال على قول
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف : يجوز ، وعلى قول
nindex.php?page=showalam&ids=16908محمد : لا يجوز ، وجه قول
nindex.php?page=showalam&ids=15071الكرخي أن القراءة فعل اللسان وذلك بتحصيل الحروف ونظمها على وجه مخصوص وقد وجد ، فأما إسماعه نفسه فلا عبرة به ; لأن السماع فعل الأذنين دون اللسان ، ألا ترى أن القراءة نجدها تتحقق من الأصم وإن كان لا يسمع نفسه ؟ وجه قول الفريق الثاني أن مطلق الأمر بالقراءة ينصرف إلى المتعارف ، وقدر ما لا يسمع هو لو كان سميعا لم يعرف قراءة .
وجه قول
بشر أن الكلام في العرف اسم لحروف منظومة دالة على ما في ضمير المتكلم ، وذلك لا يكون إلا بصوت مسموع .
وما قاله
nindex.php?page=showalam&ids=15071الكرخي أقيس وأصح ، وذكر في كتاب الصلاة إشارة إليه ، فإنه قال : إن شاء قرأ وإن شاء جهر وأسمع نفسه .
ولو لم يحمل قوله : قرأ في نفسه على إقامة الحروف لأدى إلى التكرار والإعادة الخالية عن الإفادة ، ولا عبرة بالعرف في الباب ; لأن هذا أمر بينه وبين ربه فلا يعتبر فيه عرف الناس ، وعلى هذا الخلاف كل حكم تعلق بالنطق من البيع والنكاح والطلاق والعتاق والإيلاء واليمين والاستثناء وغيرها والله أعلم .
( فَصْلٌ ) :
أَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=1524الْوَاجِبَاتُ الْأَصْلِيَّةُ فِي الصَّلَاةِ فَسِتَّةٌ : مِنْهَا قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ وَالسُّورَةِ فِي صَلَاةٍ ذَاتِ رَكْعَتَيْنِ ، وَفِي الْأُولَيَيْنِ مِنْ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ وَالثَّلَاثِ ، حَتَّى لَوْ تَرَكَهُمَا أَوْ أَحَدَهُمَا : فَإِنْ كَانَ عَامِدًا كَانَ مُسِيئًا ، وَإِنْ كَانَ سَاهِيًا يَلْزَمُهُ سُجُودُ السَّهْوِ ، وَهَذَا عِنْدَنَا .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ :
nindex.php?page=treesubj&link=1530قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ عَلَى التَّعْيِينِ فَرْضٌ ، حَتَّى لَوْ تَرَكَهَا أَوْ حَرْفًا مِنْهَا فِي رَكْعَةٍ لَا تَجُوزُ صَلَاتُهُ وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٌ : قِرَاءَتُهُمَا عَلَى التَّعْيِينِ فَرْضٌ .
( احْتَجَّا ) بِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30881لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ } .
وَرُوِيَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=30835لَا صَلَاةَ إلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَسُورَةٍ مَعَهَا } ، أَوْ قَالَ : وَشَيْءٌ مَعَهَا ; وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاظَبَ عَلَى قِرَاءَتِهِمَا فِي كُلِّ صَلَاةٍ فَيَدُلُّ عَلَى الْفَرْضِيَّةِ .
( وَلَنَا ) قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=20فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ } ، أَمْرٌ بِمُطْلَقِ الْقِرَاءَةِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ ، فَتَعْيِينُ الْفَاتِحَةِ فَرْضًا أَوْ تَعْيِينُهُمَا نَسَخَ الْإِطْلَاقَ ، وَنَسْخُ الْكِتَابِ بِالْخَبَرِ الْمُتَوَاتِرِ لَا يَجُوزُ عِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ ، فَكَيْفَ يَجُوزُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ ؟ فَقَبِلْنَا الْحَدِيثَ فِي حَقِّ الْوُجُوبِ عَمَلًا حَتَّى تُكْرَهَ تَرْكُ قِرَاءَتِهِمَا دُونَ الْفَرْضِيَّةِ عَمَلًا بِهِمَا بِالْقَدْرِ الْمُمْكِنِ ، كَيْ لَا يُضْطَرَّ إلَى رَدِّهِ لِوُجُوبِ رَدِّهِ عِنْدَ مُعَارَضَةِ الْكِتَابِ ، وَمُوَاظَبَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى فِعْلٍ لَا يَدُلُّ عَلَى فَرْضِيَّتِهِ ، فَإِنَّهُ كَانَ يُوَاظِبُ عَلَى الْوَاجِبَاتِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
( وَمِنْهَا )
nindex.php?page=treesubj&link=1567الْجَهْرُ بِالْقِرَاءَةِ فِيمَا يُجْهَرُ وَهُوَ الْفَجْرُ وَالْمَغْرِبُ وَالْعِشَاءُ فِي الْأُولَيَيْنِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=1568وَالْمُخَافَتَةُ فِيمَا يُخَافَتُ وَهُوَ الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ إذَا كَانَ إمَامًا .
وَالْجُمْلَةُ فِيهِ أَنَّهُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ إمَامًا أَوْ مُنْفَرِدًا ، فَإِنْ كَانَ إمَامًا يَجِبُ عَلَيْهِ مُرَاعَاةُ الْجَهْرِ فِيمَا يُجْهَرُ ، وَكَذَا فِي كُلِّ صَلَاةٍ مِنْ شَرْطِهَا الْجَمَاعَةُ كَالْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَالتَّرْوِيحَاتِ ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ الْمُخَافَتَةُ فِيمَا يُخَافَتُ ، وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْقِرَاءَةَ رُكْنٌ يَتَحَمَّلُهُ الْإِمَامُ عَنْ الْقَوْمِ فِعْلًا ، فَيَجْهَرُ لِيَتَأَمَّلَ الْقَوْمُ وَيَتَفَكَّرُوا فِي ذَلِكَ ، فَتَحْصُلُ ثَمَرَةُ الْقِرَاءَةِ وَفَائِدَتُهَا لِلْقَوْمِ ، فَتَصِيرُ قِرَاءَةُ الْإِمَامِ قِرَاءَةً لَهُمْ تَقْدِيرًا ، كَأَنَّهُمْ قَرَءُوا .
وَثَمَرَةُ الْجَهْرِ تَفُوتُ فِي صَلَاةِ النَّهَارِ ; لِأَنَّ النَّاسَ فِي الْأَغْلَبِ يَحْضُرُونَ الْجَمَاعَاتِ فِي خِلَالِ الْكَسْبِ وَالتَّصَرُّفِ وَالِانْتِشَارِ فِي الْأَرْضِ ، فَكَانَتْ قُلُوبُهُمْ مُتَعَلِّقَةً بِذَلِكَ ، فَيَشْغَلُهُمْ ذَلِكَ عَنْ حَقِيقَةِ التَّأَمُّلِ فَلَا يَكُونُ الْجَهْرُ مُفِيدًا بَلْ يَقَعُ تَسْبِيبًا إلَى الْإِثْمِ بِتَرْكِ التَّأَمُّلِ ، وَهَذَا لَا يَجُوزُ ، بِخِلَافِ صَلَاةِ اللَّيْلِ ; لِأَنَّ الْحُضُورَ إلَيْهَا لَا يَكُونُ فِي خِلَالِ الشُّغْلِ ، وَبِخِلَافِ الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ ; لِأَنَّهُ يُؤَدَّى فِي الْأَحَايِينِ مَرَّةً عَلَى هَيْئَةٍ مَخْصُوصَةٍ مِنْ الْجَمْعِ الْعَظِيمِ وَحُضُورِ السُّلْطَانِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَيَكُونُ ذَلِكَ مَبْعَثَةٌ عَلَى إحْضَارِ الْقَلْبِ وَالتَّأَمُّلِ ; وَلِأَنَّ الْقِرَاءَةَ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ
[ ص: 161 ] وَالْأَرْكَانُ فِي الْفَرَائِضِ تُؤَدَّى عَلَى سَبِيلِ الشُّهْرَةِ دُونَ الْإِخْفَاءِ ، وَلِهَذَا {
كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْهَرُ فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا فِي الِابْتِدَاءِ } إلَى أَنْ قَصَدَ الْكُفَّارُ أَنْ لَا يَسْمَعُوا الْقُرْآنَ وَكَادُوا يَلْغُونَ فِيهِ فَخَافَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْقِرَاءَةِ فِي الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ ; لِأَنَّهُمْ كَانُوا مُسْتَعِدِّينَ لِلْأَذَى فِي هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ ، وَلِهَذَا كَانَ يَجْهَرُ فِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ ; لِأَنَّهُ أَقَامَهُمَا
بِالْمَدِينَةِ وَمَا كَانَ لِلْكُفَّارِ
بِالْمَدِينَةِ قُوَّةُ الْأَذَى ، ثُمَّ وَإِنْ زَالَ هَذَا الْعُذْرُ بَقِيَتْ هَذِهِ السُّنَّةُ كَالرَّمَلِ فِي الطَّوَافِ وَنَحْوِهِ ; وَلِأَنَّهُ وَاظَبَ عَلَى الْمُخَافَتَةِ فِيهِمَا فِي عُمْرِهِ فَكَانَتْ وَاجِبَةً ; وَلِأَنَّهُ وَصَفَ صَلَاةَ النَّهَارِ بِالْعَجْمَاءِ وَهِيَ الَّتِي لَا تَبِينُ ، وَلَا يَتَحَقَّقُ هَذَا الْوَصْفُ لَهَا إلَّا بِتَرْكِ الْجَهْرِ فِيهَا ، وَكَذَا وَاظَبَ عَلَى الْجَهْرِ فِيمَا يُجْهَرُ وَالْمُخَافَتَةِ فِيمَا يُخَافَتُ وَذَلِكَ دَلِيلُ الْوُجُوبِ ، وَعَلَى هَذَا عَمَلُ الْأُمَّةِ وَيُخْفِي الْقِرَاءَةَ فِيمَا سِوَى الْأُولَيَيْنِ ; لِأَنَّ الْجَهْرَ صِفَةُ الْقِرَاءَةِ الْمَفْرُوضَةِ ، وَالْقِرَاءَةُ لَيْسَتْ بِفَرْضٍ فِي الْأُخْرَيَيْنِ لِمَا بَيَّنَّا فِيمَا تَقَدَّمَ ، وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَنَقُولُ : إذَا جَهَرَ الْإِمَامُ فِيمَا يُخَافَتُ أَوْ خَافَتْ فِيمَا يُجْهَرُ فَإِنْ كَانَ عَامِدًا يَكُونُ مُسِيئًا ، وَإِنْ كَانَ سَاهِيًا فَعَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ ; لِأَنَّهُ وَجَبَ عَلَيْهِ إسْمَاعُ الْقَوْمِ فِيمَا يُجْهَرُ ، وَإِخْفَاءُ الْقِرَاءَةِ عَنْهُمْ فِيمَا يُخَافَتُ ، وَتَرْكُ الْوَاجِبِ عَمْدًا يُوجِبُ الْإِسَاءَةَ ، وَسَهْوًا يُوجِبُ سُجُودَ السَّهْوِ وَإِنْ كَانَ مُنْفَرِدًا فَإِنْ كَانَتْ صَلَاةً يُخَافَتُ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ خَافَتَ لَا مَحَالَةَ ، وَهُوَ رِوَايَةُ الْأَصْلِ ، وَذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبُو يُوسُفَ فِي الْإِمْلَاءِ إنْ زَادَ عَلَى مَا يُسْمِعُ أُذُنَيْهِ فَقَدْ أَسَاءَ .
وَذَكَرَ
عِصَامُ بْنُ أَبِي يُوسُفَ فِي مُخْتَصَرِهِ وَأَثْبَتَ لَهُ خِيَارَ الْجَهْرِ وَالْمُخَافَتَةِ ، اسْتِدْلَالًا بِعَدَمِ وُجُوبِ السَّهْوِ عَلَيْهِ إذَا جَهَرَ ، وَالصَّحِيحُ رِوَايَةُ الْأَصْلِ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=20806صَلَاةُ النَّهَارِ عَجْمَاءُ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ } ; وَلِأَنَّ الْإِمَامَ مَعَ حَاجَتِهِ إلَى إسْمَاعِ غَيْرِهِ يُخَافِتُ فَالْمُنْفَرِدُ أَوْلَى وَلَوْ جَهَرَ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ فَإِنْ كَانَ عَامِدًا يَكُونُ مُسِيئًا ، كَذَا ذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=15071الْكَرْخِيُّ فِي صَلَاتِهِ وَإِنْ كَانَ سَاهِيًا لَا سَهْوَ عَلَيْهِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي بَابِ السَّهْوِ بِخِلَافِ الْإِمَامِ .
( وَالْفَرْقُ ) أَنَّ سُجُودَ السَّهْوِ يَجِبُ لِجَبْرِ النُّقْصَانِ ، وَالنُّقْصَانُ فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ أَكْثَرُ ; لِأَنَّ إسَاءَتَهُ أَبْلَغُ ; لِأَنَّهُ فَعَلَ شَيْئَيْنِ نُهِيَ عَنْهُمَا : أَحَدُهُمَا - أَنَّهُ رَفَعَ صَوْتَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الرَّفْعِ ، وَالثَّانِي - أَنَّهُ أَسْمَعَ مَنْ أُمِرَ بِالْإِخْفَاءِ عَنْهُ ، وَالْمُنْفَرِدُ رَفَعَ صَوْتَهُ فَقَطْ فَكَانَ النُّقْصَانُ فِي صَلَاتِهِ أَقَلَّ ، وَمَا وَجَبَ لِجَبْرِ الْأَعْلَى لَا يَجِبُ لِجَبْرِ الْأَدْنَى وَإِنْ كَانَتْ صَلَاةً يُجْهَرُ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ فَهُوَ بِالْخِيَارِ ، إنْ شَاءَ جَهَرَ وَإِنْ شَاءَ خَافَتَ ، وَذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=15071الْكَرْخِيُّ إنْ شَاءَ جَهَرَ بِقَدْرِ مَا يُسْمِعُ أُذُنَيْهِ وَلَا يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ ، وَذَكَرَ فِي عَامَّةِ الرِّوَايَاتِ مُفَسَّرًا أَنَّهُ بَيْنَ خِيَارَاتٍ ثَلَاثٍ : إنْ شَاءَ جَهَرَ وَأَسْمَعَ غَيْرَهُ ، وَإِنْ شَاءَ جَهَرَ وَأَسْمَعَ نَفْسَهُ ، وَإِنْ شَاءَ أَسَرَّ الْقِرَاءَةَ ، أَمَّا كَوْنُ لَهُ أَنْ يَجْهَرَ فَلِأَنَّ الْمُنْفَرِدَ إمَامٌ فِي نَفْسِهِ ، وَلِلْإِمَامِ أَنْ يَجْهَرَ .
وَلَهُ أَنْ يُخَافِتَ بِخِلَافِ الْإِمَامِ ; لِأَنَّ الْإِمَامَ يَحْتَاجُ إلَى الْجَهْرِ لِإِسْمَاعِ غَيْرِهِ وَالْمُنْفَرِدُ يَحْتَاجُ إلَى إسْمَاعِ نَفْسِهِ لَا غَيْرُ ، وَذَلِكَ يَحْصُلُ بِالْمُخَافَتَةِ ، وَذُكِرَ فِي رِوَايَةِ
أَبِي حَفْصٍ الْكَبِيرِ أَنَّ الْجَهْرَ أَفْضَلُ ; لِأَنَّ فِيهِ تَشْبِيهًا بِالْجَمَاعَةِ ، وَالْمُنْفَرِدُ إنْ عَجَزَ عَنْ تَحْقِيقِ الصَّلَاةِ بِجَمَاعَةٍ لَمْ يَعْجِزْ عَنْ التَّشَبُّهِ ، وَلِهَذَا إذَا أَذَّنَ وَأَقَامَ كَانَ أَفْضَلَ هَذَا فِي الْفَرَائِضِ وَأَمَّا فِي التَّطَوُّعَاتِ فَإِنْ كَانَ فِي النَّهَارِ يُخَافِتُ ، وَإِنْ كَانَ فِي اللَّيْلِ فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ خَافَتَ وَإِنْ شَاءَ جَهَرَ ، وَالْجَهْرُ أَفْضَلُ ; لِأَنَّ النَّوَافِلَ أَتْبَاعُ الْفَرَائِضِ ، وَالْحُكْمُ فِي الْفَرَائِضِ كَذَلِكَ ، حَتَّى لَوْ كَانَ بِجَمَاعَةٍ كَمَا فِي التَّرَاوِيحِ يَجِبُ الْجَهْرُ وَلَا يَتَخَيَّرُ فِي الْفَرَائِضِ ، وَقَدْ رُوِيَ {
عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ إذَا صَلَّى بِاللَّيْلِ سُمِعَتْ قِرَاءَتُهُ مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ } .
وَرُوِيَ أَنَّ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=15647النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِأَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ يَتَهَجَّدُ بِاللَّيْلِ وَيُخْفِي الْقِرَاءَةَ ، وَمَرَّ nindex.php?page=showalam&ids=2بِعُمَرَ وَهُوَ يَتَهَجَّدُ وَيَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ ، وَمَرَّ nindex.php?page=showalam&ids=115بِبِلَالٍ وَهُوَ يَتَهَجَّدُ وَيَنْتَقِلُ مِنْ سُورَةٍ إلَى سُورَةٍ ، فَلَمَّا أَصْبَحُوا غَدَوْا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَنْ حَالِهِ ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : كُنْتُ أُسْمِعُ مَنْ أُنَاجِي . وَقَالَ nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : كُنْتُ أُوقِظُ الْوَسْنَانَ وَأَطْرُدُ الشَّيْطَانَ ، وَقَالَ nindex.php?page=showalam&ids=115بِلَالٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : كُنْتُ أَنْتَقِلُ مِنْ بُسْتَانٍ إلَى بُسْتَانٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : يَا أَبَا بَكْرٍ ارْفَعْ مِنْ صَوْتِكِ قَلِيلًا ، وَيَا nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ اخْفِضْ مِنْ صَوْتِكَ قَلِيلًا ، وَيَا nindex.php?page=showalam&ids=115بِلَالُ إذَا فَتَحْتَ سُورَةً فَأَتِمَّهَا } ، ثُمَّ
nindex.php?page=treesubj&link=1568الْمُنْفَرِدُ إذَا خَافَتَ وَأَسْمَعَ أُذُنَيْهِ يَجُوزُ بِلَا خِلَافٍ لِوُجُودِ الْقِرَاءَةِ بِيَقِينٍ ، إذْ السَّمَاعُ بِدُونِ الْقِرَاءَةِ لَا يُتَصَوَّرُ ، أَمَّا إذَا صَحَّحَ الْحُرُوفَ بِلِسَانِهِ وَأَدَّاهَا عَلَى وَجْهِهَا وَلَمْ يُسْمِعْ أُذُنَيْهِ وَلَكِنْ وَقَعَ لَهُ الْعِلْمُ بِتَحْرِيكِ اللِّسَانِ وَخُرُوجِ الْحُرُوفِ مِنْ مَخَارِجِهَا - فَهَلْ تَجُوزُ صَلَاتُهُ ؟ اُخْتُلِفَ فِيهِ ، ذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=15071الْكَرْخِيُّ أَنَّهُ يَجُوزُ ، وَهُوَ قَوْلُ
أَبِي بَكْرِ الْبَلْخِيّ الْمَعْرُوفِ بِالْأَعْمَشِ ، وَعَنْ الشَّيْخِ
أَبِي الْقَاسِمِ الصَّفَّارِ وَالْفَقِيهِ
أَبِي جَعْفَرٍ الْهِنْدُوَانِيُّ [ ص: 162 ] وَالشَّيْخِ الْإِمَامِ
أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ مَا لَمْ يُسْمِعْ نَفْسُهُ ، وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15211بِشْرِ بْنِ غِيَاثٍ الْمَرِيسِيِّ أَنَّهُ قَالَ : إنْ كَانَ بِحَالٍ لَوْ أَدْنَى رَجُلٌ صِمَاخَ أُذُنَيْهِ إلَى فِيهِ سَمِعَ كَفَى ، وَإِلَّا فَلَا ، وَمِنْهُمْ مَنْ ذَكَرَ فِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافًا بَيْنَ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبِي يُوسُفَ nindex.php?page=showalam&ids=16908وَمُحَمَّدٍ ، فَقَالَ عَلَى قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبِي يُوسُفَ : يَجُوزُ ، وَعَلَى قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=16908مُحَمَّدٍ : لَا يَجُوزُ ، وَجْهُ قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=15071الْكَرْخِيِّ أَنَّ الْقِرَاءَةَ فِعْلُ اللِّسَانِ وَذَلِكَ بِتَحْصِيلِ الْحُرُوفِ وَنَظْمِهَا عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ وَقَدْ وُجِدَ ، فَأَمَّا إسْمَاعُهُ نَفْسَهُ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ ; لِأَنَّ السَّمَاعَ فِعْلُ الْأُذُنَيْنِ دُونَ اللِّسَانِ ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْقِرَاءَةَ نَجِدُهَا تَتَحَقَّقُ مِنْ الْأَصَمِّ وَإِنْ كَانَ لَا يُسْمِعُ نَفْسَهُ ؟ وَجْهُ قَوْلِ الْفَرِيقِ الثَّانِي أَنَّ مُطْلَقَ الْأَمْرِ بِالْقِرَاءَةِ يَنْصَرِفُ إلَى الْمُتَعَارَفِ ، وَقَدْرِ مَا لَا يَسْمَعُ هُوَ لَوْ كَانَ سَمِيعًا لَمْ يَعْرِفْ قِرَاءَةً .
وَجْهُ قَوْلِ
بِشْرٍ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْعُرْفِ اسْمٌ لِحُرُوفٍ مَنْظُومَةٍ دَالَّةٍ عَلَى مَا فِي ضَمِيرِ الْمُتَكَلِّمِ ، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا بِصَوْتٍ مَسْمُوعٍ .
وَمَا قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15071الْكَرْخِيُّ أَقْيَسُ وَأَصَحُّ ، وَذَكَرَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ إشَارَةً إلَيْهِ ، فَإِنَّهُ قَالَ : إنْ شَاءَ قَرَأَ وَإِنْ شَاءَ جَهَرَ وَأَسْمَعَ نَفْسَهُ .
وَلَوْ لَمْ يُحْمَلْ قَوْلُهُ : قَرَأَ فِي نَفْسِهِ عَلَى إقَامَةِ الْحُرُوفِ لَأَدَّى إلَى التَّكْرَارِ وَالْإِعَادَةِ الْخَالِيَةِ عَنْ الْإِفَادَةِ ، وَلَا عِبْرَةَ بِالْعُرْفِ فِي الْبَابِ ; لِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّهِ فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِ عُرْفُ النَّاسِ ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ كُلُّ حُكْمٍ تَعَلَّقَ بِالنُّطْقِ مِنْ الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالْإِيلَاءِ وَالْيَمِينِ وَالِاسْتِثْنَاءِ وَغَيْرِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .