الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( فصل ) :

                                                                                                                                والكلام في صلاة الخوف .

                                                                                                                                في مواضع ، في بيان شرعيتها بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي بيان قدرها ، وفي بيان كيفيتها ، وفي بيان شرائط جوازها .

                                                                                                                                أما الأول فصلاة الخوف مشروعة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم في قول أبي حنيفة ومحمد وهو قول أبي يوسف الأول ، وقال الحسن بن زياد لا تجوز وهو قول أبي يوسف الآخر ، واحتجا بقوله تعالى { وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك } الآية جوز صلاة الخوف بشرط كون الرسول فيهم فإذا خرج من الدنيا انعدمت الشرطية ولأن الجواز حال حياته ثبت مع المنافي لما فيها من أعمال كثيرة ليست من الصلاة وهي الذهاب والمجيء ولا بقاء للشيء مع ما ينافيه إلا أن الشرع أسقط اعتبار المنافي [ ص: 243 ] حال حياة النبي صلى الله عليه وسلم لحاجة الناس إلى استدراك فضيلة الصلاة خلفه وهذا المعنى منعدم في زماننا فوجب اعتبار المنافي فيصلي كل طائفة بإمام على حدة ، ولأبي حنيفة ومحمد إجماع الصحابة رضي الله عنهم على جوازها فإنه روي عن علي رضي الله عنه أنه صلى صلاة الخوف وروي عن أبي موسى الأشعري أنه صلى صلاة الخوف بأصبهان ، وسعيد بن العاص كان يحارب المجوس بطبرستان ومعه جماعة من الصحابة منهم الحسن وحذيفة وعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم فقال : أيكم شهد صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال حذيفة : أنا ، فقام وصلى بهم صلاة الخوف على نحو ما يقوله فانعقد إجماع الصحابة على الجواز وبه تبين أن ما ذكرا من المعنى غير سديد لخروجه عن معارضة الإجماع مع أن ذلك ترك الواجب وهو ترك المشي في الصلاة لإحراز الفضيلة وذا لا يجوز على أن الحاجة إلى استدراك الفضيلة قائمة ; لأن كل طائفة يحتاجون إلى الصلاة خلف أفضلهم وإلى إحراز فضيلة تكثير الجماعة ; ولأن الأصل في الشرع أن يكون عاما في الأوقات كلها إلا إذا قام دليل التخصيص ، وإحراز الفضيلة لا يصلح مخصصا ; لما بينا .

                                                                                                                                وأما الآية فليس فيها أنه إذا لم يكن الرسول فيهم لا تجوز فكان تعليقا بالسكوت وأنه غير صحيح .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية