أما الرجل فنقول : ، فإن كان فيهن امرأته غسلته وكفنته وصلين عليه وتدفنه ، أما إذا مات رجل في سفر فإن كان معه رجال يغسله الرجل ، وإن كان معه نساء لا رجل فيهن لما روي عن المرأة فتغسل زوجها عائشة رضي الله عنها أنها قالت : لو استقبلنا من الأمر ما استدبرنا لما غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا نساؤه ومعنى ذلك أنها لم تكن عالمة وقت وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بإباحة غسل المرأة لزوجها ، ثم علمت بعد ذلك .
وروي أن رضي الله عنه أوصى إلى امرأته أبا بكر الصديق أن تغسله بعد وفاته ، وهكذا فعل أسماء بنت عميس ; ولأن إباحة الغسل مستفادة بالنكاح فتبقى ما بقي النكاح ، والنكاح بعد الموت باق إلى وقت انقطاع العدة ، بخلاف ما إذا ماتت المرأة حيث لا يغسلها الزوج ; لأن هناك انتهى ملك النكاح لانعدام المحل ، فصار الزوج أجنبيا فلا يحل له غسلها واعتبر بملك اليمين حيث لا ينتفي عن المحل بموت المالك ، ويبطل بموت المحل فكذا هذا ، وهذا إذا لم تثبت البينونة بينهما في حال حياة الزوج ، فأما إذا ثبتت بأن أبو موسى الأشعري ; لأن ملك النكاح ارتفع بالإبانة وكذا إذا طلقها ثلاثا ، أو بائنا ثم مات وهي في العدة لا يباح لها غسله ; لأن الحرمة ثبتت بالتقبيل على سبيل التأبيد فبطل ملك النكاح ضرورة . قبلت ابن زوجها ، ثم مات وهي في العدة
وكذا لو ; لأن الردة توجب زوال ملك النكاح . ارتدت عن الإسلام - والعياذ بالله ثم - أسلمت بعد موته
ولو ; لأن الطلاق الرجعي لا يزيل ملك النكاح . طلقها [ ص: 305 ] طلاقا رجعيا ثم مات وهي في العدة لها أن تغسله
وأما وعند إذا حدث بعد وفاة الزوج ما يوجب البينونة لا يباح لها أن تغسله عندنا يباح بأن ارتدت المرأة بعد موته ثم أسلمت ، وجه قول زفر : أن الردة بعد الموت لا ترفع النكاح ; لأنه ارتفع بالموت فبقي حل الغسل ، كما كان بخلاف الردة في حالة الحياة ، ولنا أن زوال النكاح موقوف على انقضاء العدة فكان النكاح قائما فيرتفع بالردة ، وإن لم يبق مطلقا فقد بقي في حق حل المس والنظر ، وكما ترفع الردة مطلق الحل ترفع ما بقي منه وهو حل المس والنظر وعلى هذا الخلاف زفر عندنا خلافا إذا طاوعت ابن زوجها ، أو قبلته بعد موته ، أو وطئت بشبهة بعد موته فوجب عليها العدة ، ليس لها أن تغسله . لزفر
ولو وكذا إذا انقضت عدتها من ذلك الغير عندنا ، خلافا مات الزوج وهي معتدة من وطء شبهة ليس لها أن تغسله ; لأنه لم يثبت لها حل الغسل عند الموت فلا يثبت بعده ، وكذلك إذا لأبي يوسف فانقضت عدتها بعد موته فهو على هذا الخلاف ، وكذلك دخل الزوج بأخت امرأته بشبهة ووجبت عليها العدة ثم مات عندنا ، خلافا المجوسي إذا أسلم ثم مات ثم أسلمت امرأته المجوسية لم تغسله كذا ذكره الشيخ الإمام لأبي يوسف السرخسي الخلاف في هذه المسائل الثلاث ، وذكر القاضي في شرحه مختصر أن للمرأة أن تغسله في هذه المواضع عندنا ، وعند الطحاوي ليس لها أن تغسله . زفر
ولو لم يكن فيهن امرأته ولكن معهن رجل كافر علمنه غسل الميت ويخلين بينهما حتى يغسله ويكفنه ، ثم يصلين عليه ويدفنه ; لأن نظر الجنس إلى الجنس أخف وإن لم يكن بينهما موافقة في الدين ، فإن لم يكن معهن رجل لا مسلم ولا كافر ، فإن كان معهن صبية صغيرة لم تبلغ حد الشهوة وأطاقت الغسل علمنها الغسل ، ويخلين بينه وبينها حتى تغسله وتكفنه ; لأن حكم العورة غير ثابت في حقها وإن لم يكن معهن ذلك فإنهن لا يغسلنه ، سواء كن ذوات رحم محرم منه أو لا ; لأن المحرم في حكم النظر إلى العورة والأجنبية سواء ، فكما لا تغسله الأجنبية فكذا ذوات محارمه ، ولكن ييممنه غير أن ، وإن لم تكن ذات رحم محرم منه تيممه بخرقة تلفها على كفها ; لأنه لم يكن لها أن تمسه في حياته فكذا بعد وفاته ، وكذا لو كان فيهن أم ولده لم تغسله في قول الميممة إذا كانت ذات رحم محرم منه تيممه بغير خرقة الآخر ، وفي قوله الأول وهو قول أبي حنيفة زفر لها أن تغسله ; لأنها معتدة فأشبهت المنكوحة ، ولنا أن الملك لا يبقى فيها ببقاء العدة ; لأن الملك فيها كان ملك يمين وهو يعتق بموت السيد ، والحرية تنافي ملك اليمين فلا يبقى بخلاف المنكوحة ، فإن حريتها لا تنافي ملك النكاح ، كما في حال حياة الزوج ، وكذا لو كان فيهن أمته ، أو مدبرته ، أما الأمة ; فلأنها زالت عن ملكه بالموت إلى الورثة ، ولا يباح لأمة الغير عورته غير أنها لو يممته تيممه بغير خرقة ; لأنه يباح للجارية مس موضع التيمم بخلاف أم الولد فإنها تعتق وتلتحق بسائر الحرائر الأجنبيات . والشافعي
وأما المدبرة ; فلأنها تعتق ولا يجب عليها العدة ، ثم أم الولد لا تغسله فلأن لا تغسله هذه أولى ، وقال الشافعي ; لأنه يحتاج إلى من يغسله فبقي الملك له فيها حكما ، وهذا غير سديد ; لأن حاجته تندفع بالجنس أو بالتيمم . الأمة تغسل مولاها