الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ثم كيف توضع الجنائز إذا اجتمعت ؟ فنقول لا يخلو إما [ ص: 316 ] أن كانت من جنس واحد ، أو اختلف الجنس فإن كان الجنس متحدا فإن شاءوا جعلوها صفا واحدا ، كما يصطفون في حال حياتهم عند الصلاة ، وإن شاءوا وضعوا واحدا بعد واحد مما يلي القبلة ; ليقوم الإمام بحذاء الكل ، هذا جواب ظاهر الرواية .

                                                                                                                                وروي عن أبي حنيفة في غير رواية الأصول أن الثاني أولى من الأول ; لأن السنة هي قيام الإمام بحذاء الميت ، وهو يحصل في الثاني دون الأول ، وإذا وضعوا واحدا بعد واحد ينبغي أن يكون أفضلهم مما يلي الإمام كذا روي عن أبي حنيفة أنه يوضع أفضلهما مما يلي الإمام وأسنهما وقال أبو يوسف : " والأحسن عندي أن يكون أهل الفضل مما يلي الإمام لقول النبي : صلى الله عليه وسلم { ليليني منكم أولو الأحلام والنهى } .

                                                                                                                                ثم إن وضع رأس كل واحد منهم بحذاء رأس صاحبه فحسن ، وإن وضع شبه الدرج ، كما قال ابن أبي ليلى : وهو أن يكون رأس الثاني عند منكب الأول فحسن ، كذا روي عن أبي حنيفة أنه إن وضع هكذا فحسن أيضا ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه دفنوا على هذه الصفة فيحسن الوضع للصلاة على هذا الترتيب أيضا .

                                                                                                                                وأما إذا اختلف الجنس بأن كانوا رجالا ونساء توضع الرجال مما يلي الإمام ، والنساء خلف الرجال مما يلي القبلة ; لأنهم هكذا يصطفون خلف الإمام في حال الحياة ، ثم إن الرجال يكونون أقرب إلى الإمام من النساء فكذا بعد الموت .

                                                                                                                                ومن العلماء من قال : توضع النساء مما يلي الإمام ، والرجال خلفهن ; لأن في الصلاة بالجماعة في حال الحياة صف النساء خلف صف الرجال إلى القبلة فكذا في وضع الجنائز .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية