الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                واختلف أصحابنا في الصوم المظنون إذا أفسده بأن شرع في صوم أو صلاة على ظن أنه عليه ثم تبين أنه ليس عليه فأفطر متعمدا ؟ قال أصحابنا الثلاثة : لا قضاء عليه لكن الأفضل أن يمضي فيه .

                                                                                                                                وقال زفر : عليه القضاء .

                                                                                                                                وحكى الطحاوي عن أبي حنيفة فيمن شرع في صلاة يظن أنها عليه مثل قول زفر وعلى هذا الخلاف إذا شرع في صوم الكفارة ثم أيسر في خلاله فأفطر متعمدا .

                                                                                                                                وجه قول زفر أنه لما تبين أنه ليس عليه تبين أنه شرع في النفل ولهذا ندب إلى المضي فيه ، والشروع في النفل ملزم على أصل أصحابنا ، فيلزمه المضي فيه ويلزمه القضاء إذا أفسد ، كما لو شرع في النفل ابتداء ولهذا كان الشروع في الحج المظنون ملزما كذا الصوم ولنا أنه شرع مسقطا لا موجبا فلا يجب عليه المضي ، ودليل ذلك أنه قصد بالشروع إسقاط ما في ذمته فإذا تبين أنه ليس في ذمته شيء من ذلك لم يصح قصدا ، والشروع في العبادة لا يصح من غير قصد إلا أنه استحب له أن يمضي فيه لشروعه في العبادة في زعمه وتشبهه بالشارع في العبادة فيثاب عليه كما يثاب المتشبه بالصائمين بإمساك بقية يومه إذا أفطر بعذر ، والاشتباه مما يكثر وجوده في باب الصوم ، فلو أوجبنا عليه القضاء لوقع في الحرج بخلاف الحج ، فإن وقوع الشك والاشتباه في باب الحج نادر غاية الندرة ، فكان ملحقا بالعدم فلا يكون في إيجاب القضاء عليه حرج والله أعلم .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية