الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ولو لبس ثوبا للضرورة ثم زالت الضرورة ، فدام على ذلك يوما أو يومين فما دام في شك من زوال الضرورة لا يجب عليه إلا كفارة واحدة : كفارة الضرورة .

                                                                                                                                وإن تيقن بأن الضرورة قد زالت ، فعليه كفارتان : كفارة ضرورة ، وكفارة اختيار ; لأن الضرورة كانت ثابتة بيقين ، فلا يحكم بزوالها بالشك على الأصل المعهود إن الثابت يقينا لا يزال بالشك وإذا كان كذلك فاللبس الثاني وقع على الوجه الذي وقع عليه الأول ، فكان لبسا واحدا فيوجب كفارة واحدة ، وإذا استيقن بزوال الضرورة ، فاللبس الثاني حصل على غير الوجه الذي حصل عليه الأول ، فيوجب عليه كفارة أخرى .

                                                                                                                                ونظير هذا ما إذا كان به قرح أو جرح ، اضطر إلى مداواته بالطيب أنه ما دام باقيا فعليه كفارة واحدة ، وإن كان تكرر عليه الدواء ; لأن الضرورة باقية فوقع الكل على وجه واحد .

                                                                                                                                ولو برأ ذلك القرح أو الجرح ، وحدث قرح آخر أو جراحة أخرى فداوها بالطيب يلزمه كفارة أخرى ; لأن الضرورة قد زالت فوقع الثاني على غير الوجه الأول ، وكذا المحرم إذا مرض أو أصابته الحمى ، وهو يحتاج إلى لبس الثوب في وقت ، ويستغني عنه في وقت الحمى ، فعليه كفارة واحدة ، ما لم تزل عنه تلك العلة لحصول اللبس على جهة واحدة .

                                                                                                                                ولو زالت عنه تلك [ ص: 189 ] الحمى وأصابته حمى أخرى عرف ذلك ، أو زال عنه ذلك المرض وجاءه مرض آخر فعليه كفارتان ، سواء كفر للأول أو لم يكفر في قول أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، وعند محمد عليه كفارة واحدة ما لم يكفر للأول ، فإن كفر للأول فعليه كفارة أخرى وسنذكر المسألة إن شاء الله في بيان المحظور الذي يفسد الحج وهو الجماع ، بأن جامع في مجلسين مختلفين ولو جرح له قرح ، أو أصابه جرح وهو يداويه بالطيب ، فخرجت قرحة أخرى ، أو أصابه جرح آخر ، والأول على حاله لم يبرأ فداوى الثاني فعليه كفارة واحدة ; لأن الأول لم يبرأ فالضرورة باقية ، فالمداواة الثانية حصلت على الجهة التي حصلت عليها الأولى ، فيكفيه كفارة واحدة .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية