الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ثم اختلف أصحابنا في طهارة المستحاضة أنها تنتقض عند خروج الوقت أم عند دخوله أم أيهما كان قال أبو حنيفة ، ومحمد تنتقض عند خروج الوقت لا غير وقال زفر عند دخول الوقت لا غير .

                                                                                                                                وقال أبو يوسف عند أيهما كان ، وثمرة هذا الاختلاف لا تظهر إلا في موضعين أحدهما أن يوجد الخروج بلا دخول كما إذا توضأت في وقت الفجر ، ثم طلعت الشمس فإن طهارتها تنتقض عند أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ومحمد لوجود الخروج ، وعند زفر لا تنتقض لعدم الدخول ، والثاني أن يوجد الدخول بلا خروج كما إذا توضأت قبل الزوال ، ثم زالت الشمس فإن [ ص: 29 ] طهارتها لا تنتقض عند أبي حنيفة ، ومحمد لعدم الخروج .

                                                                                                                                وعند أبي يوسف ، وزفر تنتقض لوجود الدخول وجه قول زفر أن سقوط اعتبار المنافي لمكان الضرورة ، ولا ضرورة قبل دخول الوقت فلا يسقط ، وبه يحتج أبو يوسف في جانب الدخول ، وفي جانب الخروج يقول كما لا ضرورة إلى إسقاط اعتبار المنافي قبل الدخول لا ضرورة إليه بعد الخروج فيظهر حكم المنافي ، ولأبي حنيفة ، ومحمد ما ذكرنا أن وقت الأداء شرعا أقيم مقام وقت الأداء فعلا لما بينا من المعنى ، ثم لا بد من تقديم وقت الطهارة على وقت الأداء حقيقة فكذا لا بد من تقديمها على وقت الأداء شرعا ، حتى يمكنه شغل جميع الوقت بالأداء ، وهذه الحالة انعدمت بخروج الوقت فظهر حكم الحدث ، ومشايخنا أداروا الخلاف على الدخول ، والخروج فقالوا : تنتقض طهارتها بخروج الوقت ، أو بدخوله لتيسير الحفظ على المتعلمين لا لأن للخروج ، أو الدخول تأثيرا في انتقاض الطهارة ، وإنما المدار على ما ذكرنا .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية