لن
لن : لن : حرف ناصب للأفعال ، وهو نفي لقولك سيفعل ، وأصلها عند الخليل لا أن ، فكثر استعمالها فحذفت الهمزة تخفيفا ، فالتقت ألف لا ونون أن ، وهما ساكنان ، فحذفت الألف من لا لسكونها وسكون النون بعدها ، فخلطت اللام بالنون ، وصار لهما بالامتزاج والتركيب الذي وقع فيهما حكم آخر ، يدلك على ذلك قول العرب : زيدا لن أضرب ، فلو كان حكم لن المحذوفة الهمزة مبقى بعد حذفها وتركيب النون مع لام لا قبلها ، كما كان قبل الحذف والتركيب ، لما جاز لزيد أن يتقدم على أن ؛ لأنه كان يكون في التقدير من صلة أن المحذوفة الهمزة ، ولو كان من صلتها لما جاز تقدمه عليها على وجه ، فهذا يدلك أن الشيئين إذا خلطا حدث لهما حكم ومعنى لم يكن لهما قبل أن يمتزجا ، ألا ترى أن لولا مركبة من لو ولا ، ومعنى لو امتناع الشيء لامتناع غيره ، ومعنى لا النفي والنهي ، فلما ركبا معا حدث معنى آخر ، وهو امتناع الشيء لوقوع غيره ؟ فهذا في أن بمنزلة قولنا كأن ، ومصحح له ومؤنس به ، وراد على ما ألزمه سيبويه الخليل من أنه لو كان الأصل لا أن لما جاز زيدا لن أضرب ، لامتناع جواز تقدم الصلة على الموصول ، وحجاج الخليل في هذا ما قدمنا ذكره لأن الحرفين حدث لهما بالتركيب نحو لم يكن لهما مع الانفراد . الجوهري : لن حرف لنفي الاستقبال ، وتنصب به تقول : لن يقوم [ ص: 240 ] زيد . التهذيب : قال النحويون لن تنصب المستقبل ، واختلفوا في علة نصبه إياه ، فقال أبو إسحاق النحوي : روي عن الخليل فيه قولان : أحدهما أنها نصبت كما نصبت أن ، وليس ما بعدها بصلة لها لأن لن تفعل نفي سيفعل فيقدم ما بعدها عليها نحو قولك زيدا لن أضرب كما تقول زيدا لم أضرب ، وروى عن بعض أصحاب سيبويه الخليل أنه قال الأصل في لن لا أن ، ولكن الحذف وقع استخفافا ، وزعم أن هذا ليس بجيد ولو كان كذلك لم يجز زيدا لن أضرب ، وهذا جائز على مذهب سيبويه وجميع النحويين البصريين ؛ وحكى سيبويه هشام عن في لن مثل هذا القول الشاذ عن الكسائي الخليل ولم يأخذ به ولا أصحابه . وقال سيبويه الليث : زعم الخليل في لن أنه لا أن فوصلت لكثرتها في الكلام ، ألا ترى أنها تشبه في المعنى لا ولكنها أوكد ؟ تقول : لن يكرمك زيد ، معناه كأنه كان يطمع في إكرامه فنفيت ذلك ووكدت النفي بلن ، فكانت أوجب من لا . وقال الفراء : الأصل في لن ولم لا ، فأبدلوا من ألف لا نونا وجحدوا بها المستقبل من الأفعال ونصبوه بها ، وأبدلوا من ألف لا ميما وجحدوا بها المستقبل الذي تأويله المضي وجزموه بها . قال أبو بكر : وقال بعضهم في قوله تعالى فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم ؛ فلن يؤمنوا ، فأبدلت الألف من النون الخفيفة ؛ قال : وهذا خطأ ؛ لأن لن فرع للا ، إذ كانت لا تجحد الماضي والمستقبل والدائم والأسماء ، ولن لا تجحد إلا المستقبل وحده .