وا
الواو : من حروف المعجم ، ووو حرف هجاء . واو : حرف هجاء ، وهي مؤلفة من واو وياء وواو ، وهي حرف مجهور يكون أصلا وبدلا وزائدا ، فالأصل نحو ورل وسوط ودلو ، وتبدل من ثلاثة أحرف وهي الهمزة والألف والياء ، فأما إبدالها من الهمزة فعلى ثلاثة أضرب : أحدها أن تكون الهمزة أصلا ، والآخر : أن تكون بدلا ، والآخر : أن تكون زائدا ، أما إبدالها منها وهي أصل فأن تكون الهمزة مفتوحة وقبلها ضمة ، فمتى آثرت تخفيف الهمزة قلبتها واوا ، وذلك نحو قولك في جؤن جون ، وفي تخفيف هو يضرب أباك يضرب وباك ، فالواو هنا مخلصة وليس فيها شيء من بقية الهمزة المبدلة ، فقولهم : في يملك أحد عشر هو يملك وحد عشر ، وفي يضرب أباه يضرب وباه ، وذلك أن الهمزة في أحد وأباه بدل من واو ، وقد أبدلت الواو من همزة التأنيث المبدلة من الألف في نحو حمراوان وصحراوات وصفراوي ، وأما إبدالها من الهمزة الزائدة فقولك في تخفيف هذا غلام أحمد : هذا غلام وحمد ، وهو مكرم أصرم : هو مكرم وصرم ، وأما إبدال الواو من الألف أصلية فقولك في تثنية إلى ولدى وإذا أسماء رجال : إلوان ولدوان وإذوان ; وتحقيرها ووية .
ويقال : واو موأوأة ، وهمزوها كراهة اتصال الواوات والياءات ، وقد قالوا مواواة ، قال : هذا قول صاحب العين ، وقد خرجت واو بدليل التصريف إلى أن في الكلام مثل وعوت الذي نفاه ، لأن ألف واو لا تكون إلا منقلبة كما أن كل ألف على هذه الصورة لا تكون إلا كذلك ، إذا كانت منقلبة فلا تخلو من أن تكون عن الواو ، أو عن الياء إذ لولا همزها فلا تكون عن الواو ؛ لأنه إن كان كذلك كانت حروف الكلمة واحدة ولا نعلم ذلك في الكلام ألبتة إلا ببة وما عرب كالكك ، فإذا بطل انقلابها عن الواو ثبت أنه عن الياء فخرج إلى باب وعوت على الشذوذ . وحكى سيبويه ثعلب : وويت واوا حسنة عملتها ، فإن صح هذا جاز أن تكون الكلمة من واو وواو وياء ، وجاز أن تكون من واو وواو وواو ، فكان الحكم على هذا وووت ، غير أن مجاوزة الثلاثة قلبت الواو الأخيرة ياء وحملها على أنها منقلبة من واو ، واستدل على ذلك بتفخيم العرب إياها وأنه لم تسمع الإمالة فيها ، فقضى لذلك بأنها من الواو وجعل حروف الكلمة كلها واوات ، قال أبو الحسن الأخفش : ورأيت ابن جني أبا علي ينكر هذا القول ويذهب إلى أن الألف فيها منقلبة عن ياء ، واعتمد ذلك على أنه إن جعلها من الواو كانت العين والفاء واللام كلها لفظا واحدا ; قال أبو علي : وهو غير موجود ; قال : فعدل إلى القضاء بأنها من الياء ، قال : ولست أرى بما أنكره ابن جني أبو علي على أبي الحسن بأسا ، وذلك أن أبا علي ، وإن كان كره ذلك لئلا تصير حروفه كلها واوات ، فإنه إذا قضى بأن الألف من ياء لتختلف الحروف فقد حصل بعد ذلك معه لفظ لا نظير له ، ألا ترى أنه ليس في الكلام حرف فاؤه واو ولامه واو إلا قولنا : واو ؟ فإذا كان قضاؤه بأن الألف من ياء لا يخرجه من أن يكون الحرف فذا لا نظير له ، فقضاؤه بأن العين واو أيضا ليس بمنكر ، ويعضد ذلك أيضا شيئان :
أحدهما : ما وصى به من أن الألف إذا كانت في موضع العين فأن تكون منقلبة عن الواو أكثر من أن تكون منقلبة عن الياء ، والآخر : ما حكاه سيبويه أبو الحسن من أنه لم يسمع عنهم فيها الإمالة ، وهذا أيضا يؤكد أنها من الواو ، قال : ولأبي علي أن يقول منتصرا لكون الألف عن ياء : إن الذي ذهبت أنا إليه أسوغ وأقل فحشا مما ذهب إليه أبو الحسن ، وذلك أني وإن قضيت بأن الفاء واللام واوان ، وكان هذا مما لا نظير له ، فإني قد رأيت العرب جعلت الفاء واللام من لفظ واحد كثيرا ، وذلك نحو : سلس وقلق وحرح ودعد وفيف ، فهذا وإن لم يكن فيه واو فإنا وجدنا فاءه ولامه من لفظ واحد . وقالوا أيضا في الياء التي هي أخت الواو : يديت إليه يدا ، ولم نرهم جعلوا الفاء واللام جميعا من موضع واحد لا من واو ولا من غيرها ، قال : فقد دخل أبو الحسن معي في أن أعترف بأن الفاء واللام واوان ، إذ لم يجد بدا من الاعتراف بذلك ، كما أجده أنا ، ثم إنه زاد عما ذهبنا إليه جميعا شيئا لا نظير له في حرف من الكلام ألبتة ، وهو جعله الفاء والعين واللام من موضع [ ص: 134 ] واحد ; فأما ما أنشده أبو علي من قول هند بنت أبي سفيان ترقص ابنها عبد الله بن الحارث :
لأنكحن ببه جارية خدبه
فإنما ببه حكاية الصوت الذي كانت ترقصه عليه ، وليس باسم ، وإنما هو لقب كقب لصوت وقع السيف ، وطيخ للضحك ، وددد لصوت الشيء يتدحرج ، فإنما هذه أصوات ليست توزن ولا تمثل بالفعل بمنزلة صه ومه ونحوهما ; قال : فلأجل ما ذكرناه من الاحتجاج لمذهب ابن جني أبي علي تعادل عندنا المذهبان أو قربا من التعادل ، ولو جمعت واوا على أفعال لقلت في قول من جعل ألفها منقلبة من واو أواء ، وأصلها أواو ، فلما وقعت الواو طرفا بعد ألف زائدة قلبت ألفا ، ثم قلبت تلك الألف همزة كما قلنا في أبناء وأسماء وأعداء ، وإن جمعها على أفعل قال في جمعها أو ، وأصلها أووو ، فلما وقعت الواو طرفا مضموما ما قبلها أبدل من الضمة كسرة ومن الواو ياء ، وقال أو كأدل وأحق ، ومن كانت ألف واو عنده من ياء قال إذا جمعها على أفعال أياء ، وأصلها عنده أوياء ، فلما اجتمعت الواو والياء وسبقت الواو بالسكون قلبت الواو ياء وأدغمت في الياء التي بعدها ، فصارت أياء كما ترى ، وإن جمعها على أفعل قال أي وأصلها أويو ، فلما اجتمعت الواو والياء وسبقت الواو بالسكون قلبت الواو ياء وأدغمت الأولى في الثانية فصارت أيو ، فلما وقعت الواو طرفا مضموما ما قبلها أبدلت من الضمة كسرة ومن الواو ياء ، على ما ذكرناه الآن ، فصار التقدير أييي فلما اجتمعت ثلاث ياءات ، والوسطى منهن مكسورة ، حذفت الياء الأخيرة كما حذفت في تحقير أحوى أحي وأعيا أعي ، فكذلك قلت أنت أيضا أي كأدل . وحكى ثعلب أن بعضهم يقول : أويت واوا حسنة ، يجعل الواو الأولى همزة لاجتماع الواوات . قال : وتبدل الواو من الباء في القسم لأمرين : أحدهما مضارعتها إياها لفظا ، والآخر مضارعتها إياها معنى ، أما اللفظ فلأن الباء من الشفة كما أن الواو كذلك ، وأما المعنى فلأن الباء للإلصاق والواو للاجتماع ، والشيء إذا لاصق الشيء فقد اجتمع معه . قال ابن جني : ما كان من الحروف على ثلاثة أحرف وسطه ألف ففي فعله لغتان الواو والياء كقولك دولت دالا وقوفت قافا أي : كتبتها ، إلا الواو فإنها بالياء لا غير لكثرة الواوات ، تقول فيها وييت واوا حسنة ، وغير الكسائي يقول : أويت أو وويت ، وقال الكسائي : تقول العرب كلمة مئواة مثل معواة أي : مبنية من بنات الواو ، وقال غيره : كلمة موياة من بنات الواو ، وكلمة ميواة من بنات الياء ، وإذا صغرت الواو قلت أوية . ويقال : هذه قصيدة واوية إذا كانت على الواو ، قال الكسائي الخليل : وجدت كل واو وياء في الهجاء لا تعتمد على شيء بعدها ترجع في التصريف إلى الياء نحو يا ، وفا ، وطا ونحوه ، والله أعلم .
التهذيب : الواو معناها في العطف وغيره فعل الألف مهموزة وساكنة فعل الياء . الجوهري : الواو من حروف العطف تجمع الشيئين ولا تدل على الترتيب ، ويدخل عليها ألف الاستفهام كقوله تعالى : أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل ; كما تقول أفعجبتم ; وقد تكون بمعنى مع لما بينهما من المناسبة ؛ لأن مع للمصاحبة كقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ، أي : مع الساعة ; قال بعثت أنا والساعة كهاتين وأشار إلى السبابة والإبهام : صوابه وأشار إلى السبابة والوسطى ، قال : وكذلك جاء في الحديث ; وقد تكون الواو للحال كقولهم : قمت وأصك وجهه أي : قمت صاكا وجهه ، وكقولك : قمت والناس قعود ، وقد يقسم بها تقول : والله لقد كان كذا ، وهو بدل من الباء وإنما أبدل منه لقربه منه في المخرج إذ كان من حروف الشفة ، ولا يتجاوز الأسماء المظهرة نحو والله وحياتك وأبيك ; وقد تكون الواو ضمير جماعة المذكر في قولك فعلوا ويفعلون وافعلوا ; وقد تكون الواو زائدة ; قال ابن بري : قلت الأصمعي لأبي عمرو : قولهم : ربنا ولك الحمد ، فقال : يقول الرجل للرجل بعني هذا الثوب ، فيقول : وهو لك وأظنه أراد هو لك ; وأنشد الأخفش :
فإذا وذلك يا كبيشة لم يكن إلا كلمة حالم بخيال
كأنه قال : فإذا ذلك لم يكن ; وقال زهير بن أبي سلمى :
قف بالديار التي لم يعفها القدم بلى وغيرها الأرواح والديم
فإذا وذلك ليس إلا ذكره وإذا مضى شيء كأن لم يفعل
قال : وقد ذكر بعض أهل العلم أن الواو زائدة في قوله تعالى : وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هذا ; لأنه جواب لما في قوله : فلما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه في غيابة الجب . التهذيب : الواوات لها معان مختلفة لكل معنى منها اسم يعرف به : فمنها واو الجمع كقولك : ضربوا ويضربون وفي الأسماء : المسلمون والصالحون ; ومنها : واو العطف والفرق بينها وبين الفاء في المعطوف أن الواو يعطف بها جملة على جملة ، لا تدل على الترتيب في تقديم المقدم ذكره على المؤخر ذكره ، وأما الفراء فإنه يوصل بها ما بعدها بالذي قبلها والمقدم هو الأول ، وقال الفراء : إذا قلت : زرت عبد الله وزيدا فأيهما شئت كان هو المبتدأ بالزيارة ، وإن قلت : زرت عبد الله فزيدا كان الأول هو الأول ، والآخر هو الآخر ; ومنها : واو القسم تخفض ما بعدها ، وفي التنزيل العزيز : والطور وكتاب مسطور ; فالواو التي في " والطور " هي واو القسم ، والواو التي هي في " وكتاب مسطور " هي واو العطف ، ألا ترى أنه لو عطف بالفاء كان جائزا والفاء لا يقسم بها كقوله تعالى : والذاريات ذروا فالحاملات وقرا ; غير أنه إذا كان بالفاء فهو متصل باليمين الأولى ، وإن كان بالواو فهو شيء آخر أقسم به ; ومنها : واو الاستنكار ، إذا قلت : جاءني الحسن ، قال المستنكر ألحسنوه ، وإذا قلت : جاءني عمرو ، قال : أعمروه ، يمد بواو والهاء للوقفة ; ومنها : واو الصلة في القوافي كقوله :
قف بالديار التي لم يعفها القدمو
فوصلت ضمة الميم بواو تم بها وزن البيت ; ومنها : واو الإشباع مثل قولهم : البرقوع والمعلوق ، والعرب تصل الضمة بالواو . وحكى [ ص: 135 ] الفراء : أنظور ، في موضع أنظر ; وأنشد :
لو أن عمرا هم أن يرقودا فانهض فشد المئزر المعقودا
أراد : أن يرقد فأشبع الضمة ووصلها بالواو ونصب يرقود على ما ينصب به الفعل ; وأنشد :
الله يعلم أنا في تلفتنا يوم الفراق إلى إخواننا صور
وأنني حيثما يثني الهوى بصري من حيثما سلكوا أدنو فأنظور
لا تنه عن خلق وتأتي مثله عار عليك إذا فعلت عظيم
حتى إذا قملت بطونكم ورأيتم أبناءكم شبوا
وقلبتم ظهر المجن لنا إن اللئيم العاجز الخب
فإذا وذلك ليس إلا حينه وإذا مضى شيء كأن لم يفعل
ثم تنادوا بين تلك الضوضى منهم بهاب وهلا ويايا
نادى مناد منهم ألا تا صوت امرئ للجليات عيا
قالوا جميعا كلهم بلا فا
ويك أن من يكن له نشب يح بب ومن يفتقر يعش عيش ضر