الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          وسم

                                                          وسم : الوسم أثر الكي ، والجمع وسوم ; أنشد ثعلب :


                                                          ظلت تلوذ أمس بالصريم


                                                          وصليان كسبال الروم


                                                          ترشح إلا موضع الوسوم

                                                          يقول : ترشح أبدانها كلها إلا . . . وقد وسمه وسما وسمة إذا أثر فيه بسمة وكي ، والهاء عوض عن الواو . وفي الحديث : أنه كان يسم إبل الصدقة أي يعلم عليها بالكي . واتسم الرجل إذا جعل لنفسه سمة يعرف بها ، وأصل الياء واو . والسمة والوسام : ما وسم به البعير من ضروب الصور . والميسم : المكواة أو الشيء الذي يوسم به [ ص: 214 ] الدواب ، والجمع مواسم ومياسم ، الأخيرة معاقبة ; قال الجوهري : أصل الياء واو ، فإن شئت قلت في جمعه مياسم على اللفظ ، وإن شئت مواسم على الأصل . قال ابن بري : الميسم اسم للآلة التي يوسم بها ، واسم لأثر الوسم أيضا كقول الشاعر :


                                                          ولو غير أخوالي أرادوا نقيصتي     جعلت لهم فوق العرانين ميسما

                                                          فليس يريد جعلت لهم حديدة ، وإنما يريد جعلت أثر وسم . وفي الحديث : وفي يده الميسم ; هي الحديدة التي يكوى بها ، وأصله موسم فقلبت الواو ياء لكسرة الميم . الليث : الوسم أثر كية تقول موسوم أي قد وسم بسمة يعرف بها إما كية ، وإما قطع في أذن أو قرمة تكون علامة له . وفي التنزيل العزيز : سنسمه على الخرطوم ، وإن فلانا لدوابه ميسم وميسمها أثر الجمال والعتق ، وإنها لوسيمة قسيمة . شمر : درع موسومة ، وهي المزينة بالشبه في أسفلها . وقوله في الحديث : على كل ميسم من الإنسان صدقة ; قال ابن الأثير : هكذا جاء في رواية فإن كان محفوظا فالمراد به أن على كل عضو موسوم بصنع الله صدقة ، قال : هكذا فسر . وفي الحديث : بئس ، لعمر الله ، عمل الشيخ المتوسم ، والشاب المتلوم ; المتوسم : المتحلي بسمة الشيوخ ، وفلان موسوم بالخير . وقد توسمت فيه الخير أي تفرست . والوسمي : مطر أول الربيع ، وهو بعد الخريف ; لأنه يسم الأرض بالنبات فيصير فيها أثرا في أول السنة . وأرض موسومة : أصابها الوسمي ، وهو مطر يكون بعد الخرفي في البرد ثم يتبعه الولي في صميم الشتاء ثم يتبعه الربعي . الأصمعي : أول ما يبدو المطر في إقبال الربيع ثم الصيف ثم الحميم . ابن الأعرابي : نجوم الوسمي أولها ، فروع الدلو المؤخر ثم الحوت ثم الشرطان ثم البطين ثم النجم ، وهو آخر الصرفة ، يسقط في آخر الشتاء . الجوهري : الوسمي مطر الربيع الأول ; لأنه يسم الأرض بالنبات ، نسب إلى الوسم . وتوسم الرجل : طلب كلأ الوسمي ; وأنشد :


                                                          وأصبحن كالدوم النواعم غدوة     على وجهة من ظاعن متوسم

                                                          ابن سيده : وقد وسمت الأرض ; وقول أبي صخر الهذلي :


                                                          يتلون مرتجزا له نجم     جون تحير برقه يسمي

                                                          أراد يسم الأرض بالنبات ، فقلب . وحكى ثعلب : أسمته بمعنى وسمته ، فهمزته على هذا بدل من واو . وأبصر وسم قدحك أي لا تجاوزن قدرك . وصدقني وسم قدحه : كصدقني سن بكره . وموسم الحج والسوق : مجتمعهما ; قال اللحياني : ذو مجاز موسم ، وإنما سميت هذه كلها مواسم لاجتماع الناس والأسواق فيها . ووسموا : شهدوا الموسم . الليث : موسم الحج سمي موسما لأنه معلم يجتمع إليه ، وكذلك كانت مواسم أسواق العرب في الجاهلية . قال ابن السكيت : كل مجمع من الناس كثير هو موسم . ومنه موسم منى . ويقال : وسمنا موسمنا أي شهدناه ، وكذلك عرفنا أي شهدنا عرفة . وعيد القوم إذا شهدوا عيدهم ; وقول الشاعر :


                                                          حياض عراك هدمتها المواسم

                                                          يريد أهل المواسم ، ويقال : أراد الإبل الموسومة . ووسم الناس توسيما : شهدوا الموسم كما يقال في العيد عيدوا . وفي الحديث : أنه لبث عشر سنين يتبع الحاج بالمواسم ، هي جمع موسم ، وهو الوقت الذي يجتمع فيه الحاج كل سنة ، كأنه وسم بذلك الوسم ، وهو مفعل منه اسم للزمان لأنه معلم لهم . وتوسم فيه الشيء : تخيله . يقال : توسمت في فلان خيرا أي رأيت فيه أثرا منه . وتوسمت فيه الخير أي تفرست ، مأخذه من الوسم ، أي عرفت فيه سمته وعلامته . والوسمة أهل الحجاز يثقلونها وغيرهم يخففها ، كلاهما شجر له ورق يختضب به ، وقيل : هو العظلم . الليث : الوسم والوسمة شجرة ورقها خضاب ; قال أبو منصور : كلام العرب الوسمة ، بكسر السين ، قاله الفراء وغيره من النحويين . الجوهري : الوسمة ، بكسر السين ، العظلم يختضب به وتسكينها لغة ، قال : ولا تقل وسمة ، بضم الواو ، وإذا أمرت منه ، قلت : توسم . وفي حديث الحسن والحسين - عليهما السلام - : أنهما كانا يخضبان بالوسمة ; قيل : هي نبت ، وقيل : شجر باليمن يختضب بورقه الشعر أسود . والميسم والوسامة : أثر الحسن ; وقال ابن كلثوم :


                                                          خلطن بميسم حسبا ودينا

                                                          ابن الأعرابي : الوسيم الثابت الحسن كأنه قد وسم . وفي الحديث : تنكح المرأة لميسمها أي لحسنها من الوسامة ، وقد وسم فهو وسيم ، والمرأة وسيمة ، قال : وحكمها في البناء حكم ميساع ، فهي مفعل من الوسامة . والميسم : الجمال . يقال : امرأة ذات ميسم إذا كان عليها أثر الجمال . وفلان وسيم أي حسن الوجه والسيما . وقوم وسام ، ونسوة وسام أيضا : مثل ظريفة وظراف ، وصبيحة وصباح . ووسم الرجل ، بالضم ، وسامة ووساما ، بحذف الهاء ، مثل جمل جمالا ، فهو وسيم ; قال الكميت يمدح الحسين بن علي - عليهما السلام - :


                                                          وتطيل المرزآت المقالي     ت إليه القعود بعد القيام


                                                          يتعرفن حر وجه عليه     عقبة السرو ظاهرا والوسام

                                                          والوسام معطوف على السرو . وفي صفته - صلى الله عليه وسلم - : وسيم قسيم ; الوسامة : الحسن الوضيء الثابت ، والأنثى وسيمة ; قال :


                                                          لهنك من عبسية لوسيمة     على هنوات كاذب من يقولها

                                                          أراد . . . . . وواسمت فلانا فوسمته إذا غلبته بالحسن . وفي حديث عمر - رضي الله عنه - : قال لحفصة لا يغرنك أن كانت جارتك أوسم منك أي أحسن ، يعني عائشة ، والضرة تسمى جارة . وأسماء : اسم امرأة مشتق من الوسامة ، وهمزته مبدلة من واو ; قال ابن سيده : وإنما قالوا ذلك أن سيبويه ذكر أسماء في الترخيم مع فعلان كسكران معتدا بها فعلاء ; فقال أبو العباس : لم يكن يجب أن يذكر هذا الاسم مع سكران من حيث كان وزنه أفعالا لأنه جمع اسم ، قال : وإنما منع الصرف في العلم المذكر من حيث غلبت عليه تسمية المؤنث له فلحق عنده بباب سعاد وزينب ، فقوى أبو بكر قول سيبويه إنه في الأصل وسماء ، ثم قلبت واوه همزة ، وإن [ ص: 215 ] كانت مفتوحة حملا على باب أحد وأناة ، وإنما شجع أبو بكر على ارتكاب هذا القول ; لأن سيبويه شرع له ذلك ، وذلك أنه لما رآه قد جعله فعلاء ، وعدم تركيب " ي س م " تطلب لذلك وجها ، فذهب إلى البدل ، وقياس قول سيبويه أن لا ينصرف ، وأسماء نكرة لا معرفة لأنه عنده فعلاء ، وأما على غير مذهب سيبويه فإنها تنصرف نكرة ومعرفة لأنها أفعال كأثمار ، ومذهب سيبويه وأبي بكر فيها أشبه بمعنى أسماء النساء ، وذلك لأنها عندهما من الوسامة ، وهي الحسن ، فهذا أشبه في تسمية النساء من معنى كونها جمع اسم ، قال : وينبغي لسيبويه أن يعتقد مذهب أبي بكر ، إذ ليس معنى هذا التركيب على ظاهره ، وإن كان سيبويه يتأول عين سيد على أنها ياء ، وإن عدم هذا التركيب لأنه " س ي د " فكذلك يتوهم أسماء من " أ س م " وإن عدم هذا التركيب إلا ههنا . والوسم : الورع ، والشين لغة ; قال ابن سيده : ولست منها على ثقة .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية