وحي : الوحي : الإشارة والكتابة والرسالة والإلهام والكلام الخفي وكل ما ألقيته إلى غيرك . يقال : وحيت إليه الكلام وأوحيت . ووحى وحيا أوحى أيضا أي كتب ; قال العجاج :
حتى نحاهم جدنا والناحي لقدر كان وحاه الواحي بثرمداء جهرة الفضاح
فمدافع الريان عري رسمها خلقا كما ضمن الوحي سلامها
أراد ما يكتب في الحجارة وينقش عليها . وفي حديث : قال الحارث الأعور علقمة قرأت القرآن في سنتين ، فقال الحارث : القرآن هين ، الوحي أشد منه ; أراد بالقرآن القراءة ، وبالوحي الكتابة والخط . يقال : وحيت الكتاب وحيا ، فأنا واح ; قال أبو موسى : كذا ذكره عبد الغافر ، قال : وإنما المفهوم من كلام الحارث عند الأصحاب شيء تقوله الشيعة أنه أوحي إلى سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيء فخص به أهل البيت . وأوحى إليه : بعثه . وأوحى إليه : ألهمه . وفي التنزيل العزيز : وأوحى ربك إلى النحل ، وفيه : بأن ربك أوحى لها ; أي إليها ، فمعنى هذا أمرها ، ووحى في هذا المعنى ; قال العجاج :
وحى لها القرار فاستقرت وشدها بالراسيات الثبت
وقيل : أراد أوحى إلا أن من لغة هذا الراجز إسقاط الهمزة مع الحرف ، ويروى أوحى ; قال : ووحى في البيت بمعنى كتب . ووحى إليه وأوحى : كلمه بكلام يخفيه من غيره . ووحى إليه وأوحى : أومأ . وفي التنزيل العزيز : ابن بري فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا ; وقال :
فأوحت إلينا والأنامل رسلها
وقال الفراء في قوله فأوحى إليهم . أي أشار إليهم ; قال : والعرب تقول أوحى ووحى وأومى وومى بمعنى واحد ، ووحى يحي وومى يمي . : وحيت إليه بالكلام أحي به وأوحيته إليه ، وهو أن تكلمه بكلام تخفيه من غيره ; وقول الكسائي أبي ذؤيب :
فقال لها وقد أوحت إليه ألا لله أمك ما تعيف
أوحت إليه أي كلمته ، وليست العقاة متكلمة ، إنما هو على قوله :
قد قالت الأنساع للبطن الحقي
وهو باب واسع ، وأوحى الله إلى أنبيائه . : أوحى الرجل إذا بعث برسول ثقة إلى عبد من عبيده ثقة ، وأوحى أيضا إذا كلم عبده بلا رسول ، وأوحى الإنسان إذا صار ملكا بعد فقر ، وأوحى الإنسان ووحى وأحى إذا ظلم في سلطانه ، واستوحيته إذا استفهمته . والوحي : ما يوحيه الله إلى أنبيائه . ابن الأعرابي في قولهم : أنا مؤمن بوحي الله ، قال : سمي وحيا ؛ لأن الملك أسره على [ ص: 172 ] الخلق ، وخص به النبي - صلى الله عليه وسلم - المبعوث إليه ; قال الله - عز وجل - : ابن الأنباري يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ; معناه يسر بعضهم إلى بعض ، فهذا أصل الحرف ثم قصر الوحي للإلهام ، ويكون للأمر ، ويكون للإشارة ; قال علقمة :
يوحي إليها بأنقاض ونقنقة
وقال في قوله تعالى : الزجاج وإذ أوحيت إلى الحواريين أن آمنوا بي وبرسولي ; قال بعضهم : ألهمتهم كما قال - عز وجل - : وأوحى ربك إلى النحل ، وقال بعضهم : أوحيت إلى الحواريين : أمرتهم ; ومثله :
وحى لها القرار فاستقرت
أي أمرها ، وقال بعضهم في قوله : وإذ أوحيت إلى الحواريين ; أتيتهم في الوحي إليك بالبراهين والآيات التي استدلوا بها على الإيمان فآمنوا بي وبك . قال الأزهري : وقال الله - عز وجل - : وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه ; قال : الوحي هاهنا إلقاء الله في قلبها ، قال : وما بعد هذا يدل ، والله أعلم ، على أنه وحي من الله على جهة الإعلام للضمان لها : إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين ; وقيل : إن معنى الوحي هاهنا الإلهام ، قال : وجائز أن يلقي الله في قلبها أنه مردود إليها وأنه يكون مرسلا ، ولكن الإعلام أبين في معنى الوحي هاهنا . قال أبو إسحاق : وأصل الوحي في اللغة كلها إعلام في خفاء ، ولذلك صار الإلهام يسمى وحيا ; قال الأزهري : وكذلك الإشارة والإيماء يسمى وحيا والكتابة تسمى وحيا . وقال الله - عز وجل - : وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب ; معناه إلا أن يوحي إليه وحيا فيعلمه بما يعلم البشر أنه أعلمه ، إما إلهاما أو رؤيا ، وإما أن ينزل عليه كتابا كما أنزل على موسى ، أو قرآنا يتلى عليه كما أنزله على سيدنا محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكل هذا إعلام وإن اختلفت أسباب الإعلام فيها . وروى الأزهري عن أبي زيد في قوله - عز وجل - : قل أوحي إلي ، من أوحيت ، قال : وناس من العرب يقولون وحيت إليه ووحيت له وأوحيت إليه وله ، قال : وقرأ جؤية الأسدي : قل أوحي إلي ، من وحيت همز الواو . ووحيت لك بخبر كذا أي أشرت وصوت به رويدا . قال أبو الهيثم : يقال وحيت إلى فلان أحي إليه وحيا ، وأوحيت إليه أوحي إيحاء إذا أشرت إليه وأومأت ، قال : وأما اللغة الفاشية في القرآن فبالألف ، وأما في غير القرآن العظيم فوحيت إلى فلان مشهورة ; وأنشد العجاج :
وحى لها القرار فاستقرت
أي وحى الله تعالى للأرض بأن تقر قرارا ولا تميد بأهلها أي أشار إليها بذلك ، قال : ويكون وحى لها القرار أي كتب لها القرار . يقال : وحيت الكتاب أحيه وحيا أي كتبته فهو موحي . قال رؤبة :
إنجيل توراة وحى منمنمه
أي كتبه كاتبه . والوحى : النار ، ويقال للملك وحى من هذا . قال ثعلب : قلت ل ما الوحى ؟ فقال : الملك ، فقلت : ولم سمي الملك وحى ؟ فقال : الوحى النار ، فكأنه مثل النار ينفع ويضر ، والوحى : السيد من الرجال ; قال : ابن الأعرابي
وعلمت أني إن علقت بحبله نشبت يداي إلى وحى لم يصقع
مرتجز الجوف بوحي أعجم
وسمعت وحاه ووغاه ; وأنشد : ابن الأعرابي
يذود بسحماوين لم يتفللا وحى الذئب عن طفل مناسمه مخلي
وهذا البيت مذكور في سحم ; وأنشد الجوهري على الوحى الصوت لشاعر :
منعناكم كراء وجانبيه كما منع العرين وحى اللهام
وكذلك الوحاة بالهاء ; قال الراجز :
يحدو بها كل فتى هيات تلقاه بعد الوهن ذا وحاة وهن نحو البيت عامدات
ونصب عامدات على الحال . النضر : سمعت وحاة الرعد ، وهو صوته الممدود الخفي ، قال : والرعد يحي وحاة ، وخص مرة بالوحاة صوت الطائر . والوحى : العجلة ، يقولون : الوحى الوحى ! والوحاء الوحاء ! يعني البدار البدار ، والوحاء الوحاء يعني الإسراع ، فيمدونهما ويقصرونهما إذا جمعوا بينهما ، فإذا أفردوه مدوه ولم يقصروه ; قال ابن الأعرابي أبو النجم :
يفيض عنه الربو من وحائه
التهذيب : الوحاء ممدود ، السرعة ، وفي الصحاح : يمد ويقصر ، وربما أدخلوا الكاف مع الألف واللام فقالوا الوحاك الوحاك ، قال : والعرب تقول النجاء النجاء ، والنجى النجى ، والنجاك النجاك ، والنجاءك النجاءك . وتوح يا هذا في شأنك أي أسرع . ووحاه توحية أي عجله . وفي الحديث : إذا أردت أمرا فتدبر عاقبته ; فإن كانت شرا فانته ، وإن كانت خيرا فتوحه أي أسرع إليه ، والهاء للسكت . ووحى فلان ذبيحته إذا ذبحها ذبحا سريعا وحيا ; وقال الجعدي :
أسيران مكبولان عند ابن جعفر وآخر قد وحيتموه مشاغب
والوحي على فعيل : السريع . يقال : موت وحي . وفي حديث أبي بكر : الوحا الوحا أي السرعة السرعة ، يمد ويقصر . يقال : توحيت توحيا إذا أسرعت ، وهو منصوب على الإغراء بفعل مضمر . واستوحيناهم أي استصرخناهم . واستوح لنا بني فلان ما خبرهم أي استخبرهم ، وقد وحى . وتوحى بالشيء : أسرع . وشيء وحي : عجل مسرع . واستوحى الشيء : حركه ودعاه ليرسله . واستوحيت الكلب واستوشيته وآسدته إذا دعوته لترسله . بعضهم : الإيحاء البكاء . يقال : فلان يوحي أباه أي يبكيه . والنائحة توحي الميت : تنوح عليه ، وقال :
[ ص: 173 ]
توحي بحال أبيها وهو متكئ على سنان كأنف النسر مفتوق
أي محدد . ابن كثوة : من أمثالهم : إن من لا يعرف الوحى أحمق ; يقال للذي يتواحى دونه بالشيء أو يقال عند تعيير الذي لا يعرف الوحي . أبو زيد من أمثالهم : وحي في حجر ; يضرب مثلا لمن يكتم سره ، يقول : الحجر لا يخبر أحدا بشيء فأنا مثله لا أخبر أحدا بشيء أكتمه ; قال الأزهري : وقد يضرب مثلا للشيء الظاهر البين . يقال : هو كالوحي في الحجر إذا نقر فيه ; ومنه قول زهير :
كالوحي في حجر المسيل المخلد