الحكم الرابع عشر
في خطبة النساء
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=235ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكننتم في أنفسكم علم الله أنكم ستذكرونهن ولكن لا تواعدوهن سرا إلا أن تقولوا قولا معروفا )
قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=235ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكننتم في أنفسكم علم الله أنكم ستذكرونهن ولكن لا تواعدوهن سرا إلا أن تقولوا قولا معروفا )
وفيه مسائل :
المسألة الأولى : التعريض في اللغة ضد التصريح، ومعناه أن يضمن كلامه ما يصلح للدلالة على مقصوده ويصلح للدلالة على غير مقصوده ، إلا أن إشعاره بجانب المقصود أتم وأرجح ، وأصله من عرض الشيء وهو جانبه ، كأنه يحوم حوله ولا يظهره، ونظيره أن يقول المحتاج للمحتاج إليه : جئتك لأسلم عليك ولأنظر إلى وجهك الكريم ، ولذلك قالوا :
وحسبك بالتسليم مني تقاضيا
والتعريض قد يسمى تلويحا ؛ لأنه يلوح منه ما يريد ، والفرق بين الكناية والتعريض أن الكناية أن تذكر الشيء بذكر لوازمه، كقولك : فلان طويل النجاد، كثير الرماد، والتعريض أن تذكر كلاما يحتمل مقصودك ويحتمل غير مقصودك ، إلا أن قرائن أحوالك تؤكد حمله على مقصودك.
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=10815الخطبة فقال
الفراء : الخطبة مصدر بمنزلة الخطب ، وهو مثل قولك : إنه الحسن القعدة والجلسة ، تريد القعود والجلوس . وفي اشتقاقه وجهان :
الأول : أن الخطب هو الأمر والشأن ، يقال : ما خطبك؟ أي : ما شأنك، فقولهم : خطب فلان فلانة، أي : سألها أمرا وشأنا في نفسها .
الثاني : أصل الخطبة من الخطاب الذي هو الكلام، يقال : خطب المرأة خطبة ؛ لأنه خاطب في عقد النكاح، وخطب خطبة ؛ أي خاطب بالزجر والوعظ ، والخطب : الأمر العظيم؛ لأنه يحتاج فيه إلى خطاب كثير.
الْحُكْمُ الرَّابِعَ عَشَرَ
فِي خِطْبَةِ النِّسَاءِ
(
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=235وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا )
قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=235وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا )
وَفِيهِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : التَّعْرِيضُ فِي اللُّغَةِ ضِدُّ التَّصْرِيحِ، وَمَعْنَاهُ أَنْ يُضَمِّنَ كَلَامَهُ مَا يَصْلُحُ لِلدَّلَالَةِ عَلَى مَقْصُودِهِ وَيَصْلُحُ لِلدَّلَالَةِ عَلَى غَيْرِ مَقْصُودِهِ ، إِلَّا أَنَّ إِشْعَارَهُ بِجَانِبِ الْمَقْصُودِ أَتَمُّ وَأَرْجَحُ ، وَأَصْلُهُ مِنْ عَرْضِ الشَّيْءِ وَهُوَ جَانِبُهُ ، كَأَنَّهُ يَحُومُ حَوْلَهُ وَلَا يُظْهِرُهُ، وَنَظِيرُهُ أَنْ يَقُولَ الْمُحْتَاجُ لِلْمُحْتَاجِ إِلَيْهِ : جِئْتُكَ لِأُسَلِّمَ عَلَيْكَ وَلِأَنْظُرَ إِلَى وَجْهِكَ الْكَرِيمِ ، وَلِذَلِكَ قَالُوا :
وَحَسْبُكَ بِالتَّسْلِيمِ مِنِّي تَقَاضِيَا
وَالتَّعْرِيضُ قَدْ يُسَمَّى تَلْوِيحًا ؛ لِأَنَّهُ يَلُوحُ مِنْهُ مَا يُرِيدُ ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْكِنَايَةِ وَالتَّعْرِيضِ أَنَّ الْكِنَايَةَ أَنْ تَذْكُرَ الشَّيْءَ بِذِكْرِ لَوَازِمِهِ، كَقَوْلِكَ : فُلَانٌ طَوِيلُ النِّجَادِ، كَثِيرُ الرَّمَادِ، وَالتَّعْرِيضُ أَنْ تَذْكُرَ كَلَامًا يَحْتَمِلُ مَقْصُودَكَ وَيَحْتَمِلُ غَيْرَ مَقْصُودِكَ ، إِلَّا أَنَّ قَرَائِنَ أَحْوَالِكَ تُؤَكِّدُ حَمْلَهُ عَلَى مَقْصُودِكَ.
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=10815الْخِطْبَةُ فَقَالَ
الْفَرَّاءُ : الْخِطْبَةُ مَصْدَرٌ بِمَنْزِلَةِ الْخَطْبِ ، وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِكَ : إِنَّهُ الْحَسَنُ الْقَعْدَةِ وَالْجِلْسَةِ ، تُرِيدُ الْقُعُودَ وَالْجُلُوسَ . وَفِي اشْتِقَاقِهِ وَجْهَانِ :
الْأَوَّلُ : أَنَّ الْخَطْبَ هُوَ الْأَمْرُ وَالشَّأْنُ ، يُقَالُ : مَا خَطْبُكَ؟ أَيْ : مَا شَأْنُكَ، فَقَوْلُهُمْ : خَطَبَ فُلَانٌ فُلَانَةَ، أَيْ : سَأَلَهَا أَمْرًا وَشَأْنًا فِي نَفْسِهَا .
الثَّانِي : أَصْلُ الْخِطْبَةِ مِنَ الْخِطَابِ الَّذِي هُوَ الْكَلَامُ، يُقَالُ : خَطَبَ الْمَرْأَةَ خِطْبَةً ؛ لِأَنَّهُ خَاطِبٌ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ، وَخَطَبَ خُطْبَةً ؛ أَيْ خَاطَبَ بِالزَّجْرِ وَالْوَعْظِ ، وَالْخَطْبُ : الْأَمْرُ الْعَظِيمُ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَاجُ فِيهِ إِلَى خِطَابٍ كَثِيرٍ.