( 2276 ) مسألة : قال : ( والاختيار أن لا يحرم قبل ميقاته ، فإن فعل فهو محرم ) لا خلاف في أن يصير محرما ، تثبت في حقه أحكام الإحرام . قال من أحرم قبل الميقات : أجمع أهل العلم على أن من أحرم قبل الميقات أنه محرم . ولكن الأفضل الإحرام من الميقات ، ويكره قبله . روي نحو ذلك عن ابن المنذر ، عمر . رضي الله عنهما وبه قال وعثمان الحسن ، ، وعطاء ، ومالك وإسحاق .
وقال : الأفضل الإحرام من بلده . وعن أبو حنيفة كالمذهبين . وكان الشافعي ، علقمة والأسود ، ، وعبد الرحمن وأبو إسحاق ، يحرمون من بيوتهم . واحتجوا بما روت زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { أم سلمة المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام ، غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، أو وجبت له الجنة . شك عبد الله أيتهما قال } . رواه من أهل بحجة أو عمرة من أبو داود . وفي لفظ رواه : { ابن ماجه بيت المقدس ، غفر له } . وأحرم من أهل بعمرة من من ابن عمر إيليا . وروى ، النسائي وأبو داود ، بإسنادهما عن الصبي بن معبد ، قال : أهللت بالحج والعمرة ، فلما أتيت العذيب لقيني سلمان بن ربيعة ، ، وأنا أهل بهما ، فقال أحدهما : ما هذا بأفقه من بعيره . فأتيت وزيد بن صوحان ، فذكرت له ذلك . فقال : { عمر } . وهذا إحرام به قبل الميقات . وروي عن هديت لسنة نبيك صلى الله عليه وسلم عمر رضي الله عنهما في قوله تعالى : { وعلي وأتموا الحج والعمرة لله } . إتمامهما أن تحرم بهما من دويرة أهلك . [ ص: 115 ]
ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه أحرموا من الميقات ، ولا يفعلون إلا الأفضل . فإن قيل : إنما فعل هذا لتبيين الجواز ، قلنا : قد حصل بيان الجواز بقوله ، كما في سائر المواقيت . ثم لو كان كذلك لكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه يحرمون من بيوتهم ، ولما تواطئوا على ترك الأفضل ، واختيار الأدنى ، وهم أهل التقوى والفضل ، وأفضل الخلق ، ولهم من الحرص على الفضائل والدرجات ما لهم .
وقد روى أبو يعلى الموصلي ، في ( مسنده ) ، عن ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { أبي أيوب } . يستمتع أحدكم بحله ما استطاع ، فإنه لا يدري ما يعرض له في إحرامه
وروى الحسن ، أن أحرم من مصره ، فبلغ ذلك عمران بن حصين رضي الله عنه فغضب ، وقال : يتسامع الناس أن رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحرم من مصره . وقال : إن عمر عبد الله بن عامر أحرم من خراسان ، فلما قدم على لامه فيما صنع ، وكرهه له . رواهما عثمان سعيد ، ، وقال والأثرم : كره البخاري أن يحرم من عثمان خراسان أو كرمان . ولأنه أحرم قبل الميقات ، فكره ، كالإحرام بالحج قبل أشهره . ولأنه تغرير بالإحرام ، وتعرض لفعل محظوراته ، وفيه مشقة على النفس ، فكره ، كالوصال في الصوم .
قال : انظروا هذه المواقيت التي وقتت لكم ، فخذوا برخصة الله فيها ، فإنه عسى أن يصيب أحدكم ذنبا في إحرامه ، فيكون أعظم لوزره ، فإن الذنب في الإحرام أعظم من ذلك . فأما حديث الإحرام من عطاء بيت المقدس ، ففيه ضعف ، يرويه ، ابن أبي فديك ; وفيهما مقال . ويحتمل اختصاص هذا ببيت المقدس دون غيره ، ليجمع بين الصلاة في المسجدين في إحرام واحد ، ولذلك أحرم ومحمد بن إسحاق منه ، ولم يكن يحرم من غيره إلا من الميقات . ابن عمر
وقول للصبي : هديت لسنة نبيك . يعني في القران ، والجمع بين الحج والعمرة ، لا في الإحرام من قبل الميقات ، فإن سنة النبي صلى الله عليه وسلم الإحرام من الميقات ، بين ذلك بفعله وقوله ، وقد بين أنه لم يرد ذلك إنكاره على عمر إحرامه من مصره . عمران بن حصين
وأما قول عمر ، فإنهما قالا : إتمام العمرة أن تنشئها من بلدك . ومعناه أن تنشئ لها سفرا من بلدك ، تقصد له ، ليس أن تحرم بها من أهلك . قال وعلي : كان أحمد سفيان يفسره بهذا . وكذلك فسره به . ولا يصح أن يفسر بنفس الإحرام ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ما أحرموا بها من بيوتهم ، وقد أمرهم الله بإتمام العمرة ، فلو حمل قولهم على ذلك لكان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه تاركين لأمر الله . أحمد
ثم إن عمر ما كانا يحرمان إلا من الميقات ، أفتراهما يريان أن ذلك ليس بإتمام لها ويفعلانه ، هذا لا ينبغي أن يتوهمه أحد . ولذلك أنكر وعليا على عمر إحرامه من مصره ، واشتد عليه ، وكره أن يتسامع الناس ، مخافة أن يؤخذ به . أفتراه كره إتمام العمرة واشتد عليه أن يأخذ الناس بالأفضل ، هذا لا يجوز ، فيتعين حمل قولهما في ذلك على ما حمله عليه الأئمة ، والله أعلم . عمران