[ ص: 21 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=14209أبو القاسم رحمه الله : باب ما تكون به الطهارة من الماء ، التقدير : هذا باب
nindex.php?page=treesubj&link=3_11ما تكون به الطهارة من الماء ، فحذف المبتدأ للعلم به ، وقوله " ما تكون الطهارة به " ، أي تحصل وتحدث ، وهي هاهنا تامة غير محتاجة إلى خبر .
ومتى كانت تامة كانت بمعنى الحدث والحصول ، تقول : كان الأمر ، أي حدث ووقع ; قال الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=280وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة } أي : إن وجد ذو عسرة .
وقال الشاعر
إذا كان الشتاء فأدفئوني فإن الشيخ يهرمه الشتاء
أي إذا جاء الشتاء . وفي نسخة مقروءة على
nindex.php?page=showalam&ids=13371ابن عقيل : ( باب ما تجوز به الطهارة من الماء ) ومعناهما متقارب .
والطهارة في اللغة : النزاهة عن الأقذار ، وفي الشرع : رفع ما يمنع الصلاة من حدث أو نجاسة بالماء ، أو رفع حكمه بالتراب .
فعند إطلاق لفظ الطهارة في لفظ الشارع أو كلام الفقهاء ينصرف إلى الموضوع الشرعي دون اللغوي وكذلك كل ماله موضوع شرعي ولغوي ، إنما ينصرف المطلق منه إلى الموضوع الشرعي كالوضوء ، والصلاة ، والصوم ، والزكاة ، والحج ، ونحوه ; لأن الظاهر من صاحب الشرع التكلم بموضوعاته .
والطهور - بضم الطاء - : المصدر ، قاله
اليزيدي والطهور - بالفتح - من الأسماء المتعدية ، وهو الذي يطهر غيره ، مثل الغسول الذي يغسل به .
وقال بعض الحنفية : هو من الأسماء اللازمة ، بمعنى الطاهر سواء ; لأن
العرب لا تفرق بين الفاعل والمفعول في التعدي واللزوم ، فما كان فاعله لازما كان فعوله لازما .
بدليل قاعد وقعود ، ونائم ونئوم ، وضارب
[ ص: 22 ] وضروب . وهذا غير صحيح ; فإن الله تعالى قال {
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=11ليطهركم به } ، وروى
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=1244أعطيت خمسا لم يعطهن نبي قبلي ; نصرت بالرعب مسيرة شهر ، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا } . متفق عليه ، ولو أراد به الطاهر لم يكن فيه مزية ; لأنه طاهر في حق كل أحد .
وسئل النبي صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=39005عن التوضؤ بماء البحر ، فقال : هو الطهور ماؤه ، الحل ميتته . }
ولو لم يكن الطهور متعديا لم يكن ذلك جوابا للقوم ، حيث سألوه عن التعدي ، إذ ليس كل طاهر مطهرا ، وما ذكروه لا يستقيم ; لأن
العرب فرقت بين الفاعل والفعول ، فقالت : قاعد لمن وجد منه القعود ، وقعود لمن يتكرر منه ذلك ، فينبغي أن يفرق بينهما هاهنا ، وليس إلا من حيث التعدي واللزوم .
( 1 ) مسألة : قال
nindex.php?page=showalam&ids=14209أبو القاسم ، رحمه الله : (
nindex.php?page=treesubj&link=13_12_11والطهارة بالماء الطاهر المطلق الذي لا يضاف إلى اسم شيء غيره : مثل ماء الباقلا ، وماء الورد ، وماء الحمص وماء الزعفران ، وما أشبهه ، مما لا يزايل اسمه اسم الماء في وقت ) .
قوله " " والطهارة " مبتدأ خبره محذوف ، تقديره : والطهارة مباحة ، أو جائزة ، ونحو ذلك ، والألف واللام للاستغراق ، فكأنه قال : وكل طهارة جائزة بكل ماء طاهر مطلق ، والطاهر : ما ليس بنجس .
والمطلق : ما ليس بمضاف إلى شيء غيره . وهو معنى قوله " لا يضاف إلى اسم شيء غيره " . وإنما ذكره صفة له وتبيينا ، ثم مثل الإضافة ، فقال : " مثل ماء الباقلا ، وماء الورد ، وماء الحمص ، وماء الزعفران ، وما أشبهه " .
وقوله : " مما لا يزايل اسمه اسم الماء في وقت " ، صفة للشيء الذي يضاف إليه الماء ، ومعناه : لا يفارق اسمه اسم الماء . والمزايلة : المفارقة ; قال الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=25لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما } ، وقال
أبو طالب وقد طاوعوا أمر العدو المزايل
أي المفارق . أي : لا يذكر الماء إلا مضافا إلى المخالط له في الغالب .
ويفيد هذا الوصف الاحتراز من المضاف إلى مكانه ومقره ، كماء النهر والبئر ; فإنه إذا زال عن مكانه زالت النسبة في الغالب ، وكذلك ما تغيرت رائحته تغيرا يسيرا ، فإنه لا يضاف في الغالب .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي : هذا احتراز من المتغير بالتراب ; لأنه يصفو عنه ، ويزايل اسمه اسمه . وقد دلت هذه المسألة على أحكام منها إباحة الطهارة بكل ماء موصوف بهذه الصفة التي ذكرها ، على أي صفة كان من أصل الخلقة ، من الحرارة والبرودة ، والعذوبة والملوحة ، نزل من السماء ، أو نبع من الأرض ، في بحر أو نهر أو بئر أو غدير ، أو غير ذلك .
وقد دل على ذلك قول الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=11وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به } ، وقوله سبحانه : {
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=48وأنزلنا من السماء ماء طهورا } ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم {
nindex.php?page=hadith&LINKID=15092 : الماء طهور لا ينجسه شيء } ، وقوله في البحر : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=39003هو الطهور ماؤه الحل ميتته } .
وهذا قول عامة أهل العلم ، إلا أنه حكي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12عبد الله بن عمر nindex.php?page=showalam&ids=13وعبد الله بن عمرو ، أنهما قالا في البحر : التيمم أعجب إلينا منه . هو نار .
وحكاه
الماوردي عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب . والأول أولى ، لقول الله تعالى :
[ ص: 23 ] {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6فلم تجدوا ماء فتيمموا } وماء البحر ماء ، لا يجوز العدول إلى التيمم مع وجوده .
وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=12324سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، إنا نركب البحر ، ونحمل معنا القليل من الماء ، فإن توضأنا به عطشنا ، nindex.php?page=treesubj&link=21أفنتوضأ بماء البحر ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هو الطهور ماؤه الحل ميتته } أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود ،
nindex.php?page=showalam&ids=15395والنسائي والترمذي ، وقال : هذا حديث حسن صحيح .
وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه أنه قال : " من لم يطهره ماء البحر فلا طهره الله " ولأنه ماء باق على أصل خلقته ، فجاز الوضوء به كالعذب .
وقولهم : " هو نار " إن أريد به أنه نار في الحال فهو خلاف الحس ، وإن أريد أنه يصير نارا ، لم يمنع ذلك الوضوء به حال كونه ماء .
[ ص: 21 ] قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14209أَبُو الْقَاسِمِ رَحِمَهُ اللَّهُ : بَابُ مَا تَكُونُ بِهِ الطَّهَارَةُ مِنْ الْمَاءِ ، التَّقْدِيرُ : هَذَا بَابُ
nindex.php?page=treesubj&link=3_11مَا تَكُونُ بِهِ الطَّهَارَةُ مِنْ الْمَاءِ ، فَحَذَفَ الْمُبْتَدَأَ لِلْعِلْمِ بِهِ ، وَقَوْلُهُ " مَا تَكُونُ الطَّهَارَةُ بِهِ " ، أَيْ تَحْصُلُ وَتَحْدُثُ ، وَهِيَ هَاهُنَا تَامَّةٌ غَيْرُ مُحْتَاجَةٍ إلَى خَبَرٍ .
وَمَتَى كَانَتْ تَامَّةً كَانَتْ بِمَعْنَى الْحَدَثِ وَالْحُصُولِ ، تَقُولُ : كَانَ الْأَمْرُ ، أَيْ حَدَثَ وَوَقَعَ ; قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=280وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إلَى مَيْسَرَةٍ } أَيْ : إنْ وُجِدَ ذُو عُسْرَةٍ .
وَقَالَ الشَّاعِرُ
إذَا كَانَ الشِّتَاءُ فَأَدْفِئُونِي فَإِنَّ الشَّيْخَ يُهْرِمُهُ الشِّتَاءُ
أَيْ إذَا جَاءَ الشِّتَاءُ . وَفِي نُسْخَةٍ مَقْرُوءَةٍ عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=13371ابْنِ عَقِيلٍ : ( بَابُ مَا تَجُوزُ بِهِ الطَّهَارَةُ مِنْ الْمَاءِ ) وَمَعْنَاهُمَا مُتَقَارِبٌ .
وَالطَّهَارَةُ فِي اللُّغَةِ : النَّزَاهَةُ عَنْ الْأَقْذَارِ ، وَفِي الشَّرْعِ : رَفْعُ مَا يَمْنَعُ الصَّلَاةَ مِنْ حَدَثٍ أَوْ نَجَاسَةٍ بِالْمَاءِ ، أَوْ رَفْعُ حُكْمِهِ بِالتُّرَابِ .
فَعِنْدَ إطْلَاقِ لَفْظِ الطَّهَارَةِ فِي لَفْظِ الشَّارِعِ أَوْ كَلَامِ الْفُقَهَاءِ يَنْصَرِفُ إلَى الْمَوْضُوعِ الشَّرْعِيِّ دُونَ اللُّغَوِيِّ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَالَهُ مَوْضُوعٌ شَرْعِيٌّ وَلُغَوِيٌّ ، إنَّمَا يَنْصَرِفُ الْمُطْلَقُ مِنْهُ إلَى الْمَوْضُوعِ الشَّرْعِيِّ كَالْوُضُوءِ ، وَالصَّلَاةِ ، وَالصَّوْمِ ، وَالزَّكَاةِ ، وَالْحَجِّ ، وَنَحْوِهِ ; لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ صَاحِبِ الشَّرْعِ التَّكَلُّمُ بِمَوْضُوعَاتِهِ .
وَالطُّهُورُ - بِضَمِّ الطَّاءِ - : الْمَصْدَرُ ، قَالَهُ
الْيَزِيدِيُّ وَالطَّهُورُ - بِالْفَتْحِ - مِنْ الْأَسْمَاءِ الْمُتَعَدِّيَةِ ، وَهُوَ الَّذِي يُطَهِّرُ غَيْرَهُ ، مِثْلُ الْغَسُولِ الَّذِي يُغْسَلُ بِهِ .
وَقَالَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ : هُوَ مِنْ الْأَسْمَاءِ اللَّازِمَةِ ، بِمَعْنَى الطَّاهِرِ سَوَاءٌ ; لِأَنَّ
الْعَرَبَ لَا تُفَرِّقُ بَيْنَ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ فِي التَّعَدِّي وَاللُّزُومِ ، فَمَا كَانَ فَاعِلُهُ لَازِمًا كَانَ فَعُولُهُ لَازِمًا .
بِدَلِيلِ قَاعِدٍ وَقَعُودٍ ، وَنَائِمٍ وَنَئُومٍ ، وَضَارِبٍ
[ ص: 22 ] وَضَرُوبٍ . وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ ; فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ {
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=11لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ } ، وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=36جَابِرٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=1244أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ نَبِيٌّ قَبْلِي ; نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ ، وَجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا } . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ، وَلَوْ أَرَادَ بِهِ الطَّاهِرَ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مَزِيَّةٌ ; لِأَنَّهُ طَاهِرٌ فِي حَقِّ كُلِّ أَحَدٍ .
وَسُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=39005عَنْ التَّوَضُّؤِ بِمَاءِ الْبَحْرِ ، فَقَالَ : هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ ، الْحِلُّ مَيْتَتُهُ . }
وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الطَّهُورُ مُتَعَدِّيًا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ جَوَابًا لِلْقَوْمِ ، حَيْثُ سَأَلُوهُ عَنْ التَّعَدِّي ، إذْ لَيْسَ كُلُّ طَاهِرٍ مُطَهِّرًا ، وَمَا ذَكَرُوهُ لَا يَسْتَقِيمُ ; لِأَنَّ
الْعَرَبَ فَرَّقَتْ بَيْنَ الْفَاعِلِ وَالْفَعُولِ ، فَقَالَتْ : قَاعِدٌ لِمَنْ وُجِدَ مِنْهُ الْقُعُودُ ، وَقَعُودُ لِمَنْ يَتَكَرَّرُ مِنْهُ ذَلِكَ ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا هَاهُنَا ، وَلَيْسَ إلَّا مِنْ حَيْثُ التَّعَدِّي وَاللُّزُومُ .
( 1 ) مَسْأَلَةٌ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14209أَبُو الْقَاسِمِ ، رَحِمَهُ اللَّهُ : (
nindex.php?page=treesubj&link=13_12_11وَالطَّهَارَةُ بِالْمَاءِ الطَّاهِرِ الْمُطْلَقِ الَّذِي لَا يُضَافُ إلَى اسْمِ شَيْءٍ غَيْرِهِ : مِثْلُ مَاءِ الْبَاقِلَّا ، وَمَاءِ الْوَرْدِ ، وَمَاءِ الْحِمَّصِ وَمَاءِ الزَّعْفَرَانِ ، وَمَا أَشْبَهَهُ ، مِمَّا لَا يُزَايِلُ اسْمُهُ اسْمَ الْمَاءِ فِي وَقْتٍ ) .
قَوْلُهُ " " وَالطَّهَارَةُ " مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ ، تَقْدِيرُهُ : وَالطَّهَارَةُ مُبَاحَةٌ ، أَوْ جَائِزَةٌ ، وَنَحْوُ ذَلِكَ ، وَالْأَلِفُ وَاللَّامُ لِلِاسْتِغْرَاقِ ، فَكَأَنَّهُ قَالَ : وَكُلُّ طَهَارَةٍ جَائِزَةٌ بِكُلِّ مَاءٍ طَاهِرٍ مُطْلَقٍ ، وَالطَّاهِرُ : مَا لَيْسَ بِنَجِسٍ .
وَالْمُطْلَقُ : مَا لَيْسَ بِمُضَافٍ إلَى شَيْءٍ غَيْرِهِ . وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ " لَا يُضَافُ إلَى اسْمِ شَيْءٍ غَيْرِهِ " . وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ صِفَةً لَهُ وَتَبْيِينًا ، ثُمَّ مَثَّلَ الْإِضَافَةَ ، فَقَالَ : " مِثْلُ مَاءِ الْبَاقِلَّا ، وَمَاءِ الْوَرْدِ ، وَمَاءِ الْحِمَّصِ ، وَمَاءِ الزَّعْفَرَانِ ، وَمَا أَشْبَهَهُ " .
وَقَوْلُهُ : " مِمَّا لَا يُزَايِلُ اسْمُهُ اسْمَ الْمَاءِ فِي وَقْتٍ " ، صِفَةٌ لِلشَّيْءِ الَّذِي يُضَافُ إلَيْهِ الْمَاءُ ، وَمَعْنَاهُ : لَا يُفَارِقُ اسْمُهُ اسْمَ الْمَاءِ . وَالْمُزَايَلَةُ : الْمُفَارَقَةُ ; قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=48&ayano=25لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا } ، وَقَالَ
أَبُو طَالِبٍ وَقَدْ طَاوَعُوا أَمْرَ الْعَدُوِّ الْمُزَايِلِ
أَيْ الْمُفَارِقِ . أَيْ : لَا يُذْكَرُ الْمَاءُ إلَّا مُضَافًا إلَى الْمُخَالِطِ لَهُ فِي الْغَالِبِ .
وَيُفِيدُ هَذَا الْوَصْفُ الِاحْتِرَازَ مِنْ الْمُضَافِ إلَى مَكَانِهِ وَمَقَرِّهِ ، كَمَاءِ النَّهْرِ وَالْبِئْرِ ; فَإِنَّهُ إذَا زَالَ عَنْ مَكَانِهِ زَالَتْ النِّسْبَةُ فِي الْغَالِبِ ، وَكَذَلِكَ مَا تَغَيَّرَتْ رَائِحَتُهُ تَغَيُّرًا يَسِيرًا ، فَإِنَّهُ لَا يُضَافُ فِي الْغَالِبِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14953الْقَاضِي : هَذَا احْتِرَازٌ مِنْ الْمُتَغَيِّرِ بِالتُّرَابِ ; لِأَنَّهُ يَصْفُو عَنْهُ ، وَيُزَايِلُ اسْمُهُ اسْمَهُ . وَقَدْ دَلَّتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى أَحْكَامٍ مِنْهَا إبَاحَةُ الطَّهَارَةِ بِكُلِّ مَاءٍ مَوْصُوفٍ بِهَذِهِ الصُّفَّةِ الَّتِي ذَكَرَهَا ، عَلَى أَيِّ صِفَةٍ كَانَ مِنْ أَصْلِ الْخِلْقَةِ ، مِنْ الْحَرَارَةِ وَالْبُرُودَةِ ، وَالْعُذُوبَةِ وَالْمُلُوحَةِ ، نَزَلَ مِنْ السَّمَاءِ ، أَوْ نَبَعَ مِنْ الْأَرْضِ ، فِي بَحْرٍ أَوْ نَهْرٍ أَوْ بِئْرٍ أَوْ غَدِيرٍ ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ .
وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=11وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ } ، وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=48وَأَنْزَلْنَا مِنْ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا } ، وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=15092 : الْمَاءُ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ } ، وَقَوْلُهُ فِي الْبَحْرِ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=39003هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ } .
وَهَذَا قَوْلُ عَامَّةِ أَهْلِ الْعِلْمِ ، إلَّا أَنَّهُ حُكِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ nindex.php?page=showalam&ids=13وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، أَنَّهُمَا قَالَا فِي الْبَحْرِ : التَّيَمُّمُ أَعْجَبُ إلَيْنَا مِنْهُ . هُوَ نَارٌ .
وَحَكَاهُ
الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15990سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ . وَالْأَوَّلُ أَوْلَى ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى :
[ ص: 23 ] {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=6فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا } وَمَاءُ الْبَحْرِ مَاءٌ ، لَا يَجُوزُ الْعُدُولُ إلَى التَّيَمُّمِ مَعَ وُجُودِهِ .
وَرُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=12324سَأَلَ رَجُلٌ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إنَّا نَرْكَبُ الْبَحْرَ ، وَنَحْمِلُ مَعَنَا الْقَلِيلَ مِنْ الْمَاءِ ، فَإِنْ تَوَضَّأْنَا بِهِ عَطِشْنَا ، nindex.php?page=treesubj&link=21أَفَنَتَوَضَّأُ بِمَاءِ الْبَحْرِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ } أَخْرَجَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11998أَبُو دَاوُد ،
nindex.php?page=showalam&ids=15395وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ ، وَقَالَ : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ .
وَرُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ : " مَنْ لَمْ يُطَهِّرْهُ مَاءُ الْبَحْرِ فَلَا طَهَّرَهُ اللَّهُ " وَلِأَنَّهُ مَاءٌ بَاقٍ عَلَى أَصِلْ خِلْقَتِهِ ، فَجَازَ الْوُضُوءُ بِهِ كَالْعَذْبِ .
وَقَوْلُهُمْ : " هُوَ نَارٌ " إنْ أُرِيدَ بِهِ أَنَّهُ نَارٌ فِي الْحَالِ فَهُوَ خِلَافُ الْحِسِّ ، وَإِنْ أُرِيدَ أَنَّهُ يَصِيرُ نَارًا ، لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ الْوُضُوءَ بِهِ حَالَ كَوْنِهِ مَاءً .