( 631 ) مسألة : قال : ( بلا دليل ، أعادا ) . أما البصير إذا صلى إلى غير وإذا صلى البصير في حضر ، فأخطأ ، أو الأعمى الكعبة في الحضر ، ثم بان له الخطأ ، فعليه الإعادة ، سواء إذا صلى بدليل أو غيره ; لأن الحضر ليس بمحل الاجتهاد ، لأن من فيه يقدر على المحاريب والقبل المنصوبة ، ويجد من يخبره عن يقين غالبا ، فلا يكون له الاجتهاد ، كالقادر على النص في سائر الأحكام ، فإن صلى من غير دليل فأخطأ ، لزمته الإعادة ; لتفريطه . وإن أخبره مخبر ، فأخطأه ، فقد غره ، وتبين أن خبره ليس بدليل .
فإن كان محبوسا ، لا يجد من يخبره ، فقال أبو الحسن التميمي : هو كالمسافر ، يتحرى في محبسه ، ويصلي ، من غير إعادة ; لأنه عاجز عن الاستدلال بالخبر والمحاريب ، فهو كالمسافر . وأما الأعمى ، فإن كان في حضر ، فهو كالبصير ; لأنه يقدر على الاستدلال بالخبر والمحاريب ، فإن الأعمى إذا لمس المحراب ، وعلم أنه محراب ، وأنه متوجه إليه ، فهو كالبصير .
وكذلك إذا علم أن باب المسجد إلى الشمال أو غيرها من الجهات ، جاز له الاستدلال به ، ومتى أخطأ فعليه الإعادة . وحكم المقلد حكم الأعمى في هذا . وإن كان الأعمى ، أو المقلد مسافرا ، ولم يجد من يخبره ، ولا مجتهدا يقلده ، فظاهر كلام ، أنه يعيد ، سواء أصاب أو أخطأ ; لأنه صلى من غير دليل ، فلزمته الإعادة وإن أصاب ، كان كالمجتهد إذا صلى من غير اجتهاد . الخرقي
وقال أبو بكر : يصلي على حسب حاله ، وفي الإعادة روايتان ، سواء أصاب أو أخطأ : إحداهما : يعيد ; لما ذكرنا .
والثانية : لا إعادة عليه ; لأنه أتى بما أمر ، فأشبه المجتهد ولأنه عاجز عن غير ما أتى به ، فسقط عنه ، كسائر العاجزين عن الاستقبال ، ولأنه عادم للدليل ، فأشبه المجتهد ، في الغيم والحبس . وقال ابن حامد : إن أخطأ أعاد ، وإن أصاب فعلى وجهين . كعادم بصره . وحكم المقلد لعدم بصيرته
فأما إن وجد من يقلده ، أو من يخبره ، فلم [ ص: 270 ] يستخبره ولم يقلد ، أو خالف المخبر والمجتهد ، وصلى ، فصلاته باطلة بكل حال . وكذلك ، فأصاب ، أو أداه اجتهاده إلى جهة ، فصلى إلى غيرها ، فإن صلاته باطلة بكل حال ; سواء أخطأ أو أصاب ; لأنه لم يأت بما أمر به ، فأشبه من ترك التوجه إلى المجتهد إذا صلى من غير اجتهاد الكعبة ، مع علمه بها .