لأن الأصل عدم ما يدعيه وبراءة الذمة ( بخلاف غاز ) فإذا ادعى إرادة الغزو أعطي مراعى وكذا لو ادعى ابن السبيل إرادة العود وتقدم . ( ولو ادعى الفقر من [ ص: 286 ] عرف بغنى أو ادعى إنسان أنه مكاتب ، أو غارم لنفسه ، لم يقبل إلا ببينة ) ;
( ويكفي اشتهار الغرم لإصلاح ذات البين ) أي استفاضة ، فتقوم مقام البينة به ( فإن خفي ) الغرم لإصلاح ذات البين ( لم يقبل إلا ببينة ) ; لأن الأصل عدمه ( والبينة فيمن عرف بغنى ثلاثة رجال ) لما تقدم في حديث قبيصة من قوله صلى الله عليه وسلم { } رواه لا تحل المسألة إلا لأحد ثلاثة رجل أصابته فاقة حتى يشهد له ثلاثة من ذوي الحجا من قومه : لقد أصابت فلانا فاقة فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش ، أو سدادا من عيش . مسلم
( وإن صدق المكاتب سيده ) قبل وأعطي ; لأن الحق في العبد للسيد إذا أقر بانتقال حقه عنه قبل ( أو ) صدق ( الغارم غريمه قبل وأعطي ) ; لأنه في معنى المكاتب ، وفيه وجه لا يقبل لجواز تواطئهما على أخذ المال .
( وإن ادعى الفقر من لم يعرف بالغنى قبل ) قوله ; لأن الأصل استصحاب الحال السابقة ، والظاهر صدقه ( وإن كان جلدا ) بفتح الجيم وسكون اللام ، أي شديدا قويا ( وعرف له كسب ) يكفيه ( لم يجز إعطاؤه ولو لم يملك شيئا ) ; لأنه غني بكسبه ( فإن لم يعرف ) له مال ( وذكر أنه لا كسب له أعطاه من غير يمين ) ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحلف على ذلك ( إذا لم يعلم كذبه ) فإن علمه لم يعطه ; لعدم أهليته لأخذها ( بعد أن يخبره وجوبا في ظاهر كلامهم ) وقاله في التعليق ، قاله في الفروع ، وجزم به في المبدع ( أنه لا حظ فيها لغني ، ولا لقوي مكتسب ) ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى الرجلين اللذين سألاه ، ولم يحلفهما . القاضي
وفي بعض رواياته أنه قال { } رواه أتينا النبي صلى الله عليه وسلم فسألناه من الصدقة فصعد فينا النظر ، فرآنا جلدين ، فقال : إن شئتما أعطيتكما ، ولا حظ فيها لغني ، ولا لقوي مكتسب أبو داود .
( وإن رآه متجملا قبل قوله أيضا ) إنه فقير ; لأنه لا يلزم من ذلك الغنى ، قال تعالى { يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف } .
( لكن ينبغي أن يخبره أنها زكاة ) وإن رآه ظاهر المسألة أعطاه منها ، ولم يبين له ( والقدرة على اكتساب المال بالبضع ليس بغني معتبر فلا تمنع المرأة ) [ ص: 287 ] الفقيرة ( من أخذ الزكاة إذا كانت ممن يرغب في نكاحها ، وتقدر على تحصيل المهر بالنكاح ) ; لأن النكاح لا يقصد للمال ، بل للسكن والإيواء ، وقد لا يكون لها رغبة فيه .
( ولا تجبر عليه ) كرجل سأل الخلع أو الطلاق على عوض ، أو الصلح عن دم عمد على مال ( وكذا لو أفلست ) لا تجبر على النكاح لوفاء دينها ( أو كان لها أقارب محتاجون إلى النفقة ) فلا تجبر على التزوج لذلك .