( فرع )
لو جاز له أن يعزل قدر الحرام بنية القسمة ، ويتصرف في الباقي ، ويسلم الذي عزله لصاحبه إن وجد ، وإلا فلناظر بيت المال ، واستقل بالقسمة على خلاف المقرر في الشريك للضرورة ؛ إذ الفرض الجهل بالمالك فاندفع ما قيل : يتعين الرفع للقاضي ليقسمه عن المالك ، وفي المجموع طريقه أن يصرف قدر الحرام إلى ما يجب صرفه فيه ، ويتصرف في الباقي بما أراد ، ومن هذا اختلاط ، أو خلط نحو دراهم لجماعة ، ولم تتميز فطريقه أن يقسم الجميع بينهم على قدر حقوقهم ، وزعم العوام أن اختلاط الحلال بالحرام يحرمه باطل ، وفيه كالروضة إن حكم هذا كالحمام المختلط ، ومراده التشبيه به في طريق التصرف لا في حل الاجتهاد ؛ إذ لا علامة هنا ؛ لأن الفرض أن الكل صار شيئا واحدا لا يمكن التمييز فيه بخلاف الحمام ، فإن قلت : هذا ينافي ما مر في الغصب أن مثل هذا الخلط يقتضي ملك الغاصب ، ومن ثم أطال في الأنوار في رد هذا بذاك اختلط مثلي حرام كدرهم ، أو دهن ، أو حب [ ص: 341 ] بمثله له قلت لا ينافيه ؛ لأن ذاك فيما إذا عرف المالك ، وهذا فيما إذا جهل كما تقرر ، وبفرض استوائهما في معرفته فما هنا إنما هو أن له إفراز قدر الحرام من المختلط أي : بغير الأردإ ، وهذا لا ينافي ملكه له ؛ لأنه ملك مقيد بإعطاء البدل كما مر فتأمله ، وقد بسطت الكلام عليه في شرح العباب بما لا يستغنى عن مراجعته .