[ ص: 170 ] أي شيء من أحدهما من نفسه ، وإن قل بنتف أو إحراق أو غيرهما من سائر وجوه الإزالة حتى نحو شرب دواء مزيل مع العلم والتعمد فيما يظهر ، وذلك لقوله تعالى { ( الثالث ) من المحرمات على الذكر وغيره ( إزالة الشعر ) ولو من غير رأسه ( أو الظفر ) ولا تحلقوا رءوسكم } أي شيئا من شعرها ، وألحق به شعر بقية البدن والظفر بجامع أن في إزالة كل ترفها ينافي كون المحرم أشعث أغبر . نعم له قلع شعر نبت داخل جفنه وتأذى به ولو أدنى تأذ فيما يظهر وقطع ما غطى عينيه مما طال من شعر حاجبيه أو رأسه كدفع الصائل وما انكسر من ظفره وتأذى به كذلك ولا فدية كما لو قطع أصبعه وعليها شعر أو ظفر أو كشط جلدة رأسه وعليها شعر للتبعية ومنه يؤخذ أنه لا فرق بين قطع وكشط ذلك لعذر أو غيره ؛ لأن التعدي بذلك لا يمنع التبعية خلافا لمن بحث الفرق وخرج بمن نفسه إزالته من غيره فإن كان حلالا فلا شيء لكن إن كان بغير إذنه أثم وعزر أو محرما لم يدخل وقت تحلله بإذنه حرم عليهما والفدية على المحلوق ؛ لأنه المترفه مع إذنه ولم تقدم المباشرة هنا ؛ لأن محل تقديمها حيث لم يعد النفع على الآمر .
ألا ترى أن من غصب شاة ، وأمر آخر بذبحها لم يضمنها المأمور بل لو سكت مع قدرته على الامتناع فالحكم كذلك ؛ لأن الشعر في يد المحرم كالوديعة فيلزمه دفع متلفاته فمتى أطاق دفع بعضها فقصر ضمنه بخلاف ما لو كان نائما أو مكرها [ ص: 171 ] أو غير مكلف فعلى الحالق وللمحلوق مطالبته بإخراجها ؛ لأن نسكه يتم بأدائها وله إخراجها عن الحالق لكن بإذنه كالكفارة ولو أمر غيره بحلق رأس محرم فالفدية على الآمر الحلال أو المحرم إن عذر المأمور إطلال أو المحرم ، وإلا فهي على المأمور وهل الآمر طريق هنا كالمأمور في الأول محل نظر والأقرب لا ؛ لأن مجرد الأمر لمن لا يعتقد وجوب الطاعة لا يقتضي سوى الإثم [ ص: 172 ] ولو عذرا فهي على الحالق فيما يظهر ؛ لأنه المباشر .
( تنبيه ) قد يشكل تعليلهم وجوب الفدية في الحلق بالترفه بأنهم جعلوه من أنواع التعزير وجعلوا في إزالته من الغير بغير إذنه التعزير ، وذلك مستلزم لكونه مزريا ومناف لكونه ترفها إذ هو الملائم للنفس ويلزم من ملاءمته لها عدم إزرائه لها وقد يجاب بمنع إطلاق كونه ترفها بل فيه ترفه من حيث إنه يوفر كلفة الشعر وتعهده وجناية من حيث إن الشعر جمال وزينة في عرف العرب المقدم على غيره ، ولكونه جناية ساوى نحو الناسي غيره وبقائه جمالا لم يحلق صلى الله عليه وسلم إلا في نسك فإن قلت لم جعل ركنا وكان له دخل في التحلل الأول قلت أما الأول فلأن فيه وضع زينة لله تعالى فأشبه الطواف من حيث إنه إعمال النفس في المشي لله تعالى ، وأما الثاني فلأن التحلل من العبادة إما بالإعلام بغايتها كالسلام من الصلاة المعلم بحصوله من الآفات للمصلي ، وإما بتعاطي ضدها كتعاطي المفطر في الصوم أو دخول وقته والحلق من حيث ما فيه من الترفه ضد الإحرام الموجد لكون المحرم أشعث أغبر فكان له دخل في تحلله .