nindex.php?page=treesubj&link=28723_29694_30455_34092_28981nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=107وإن يمسسك الله بضر تقرير لما أورد في حيز الصلة من سلب النفع من المعبودات الباطلة وتصوير لاختصاصه به سبحانه أي وإن يصبك بسوء ما
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=107فلا كاشف له عنك كائنا من كان وما كان
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=107إلا هو وحده فثبت عدم كشف الأصنام بالطريق البرهاني وهو بيان لعدم النفع برفع المكروه المستلزم لعدم النفع بجلب المحبوب استلزاما ظاهرا فإن رفع المكروه أدنى مراتب النفع فإذا انتفى انتفى النفع بالكلية
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=107وإن يردك بخير تحقيق لسلب الضرر الوارد في حيز الصلة أي إن يرد أن يصيبك بخير
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=107فلا راد لفضله الذي من جملته ما أرادك به من خير فهو دليل على جواب الشرط لا نفس
[ ص: 200 ] الجواب وفيه إيذان بأن فيضان الخير منه تعالى بطريق التفضل والكرم من غير استحقاق عليه سبحانه أي لا أحد يقدر على رده كائنا من كان فيدخل فيه الأصنام دخولا أوليا وهو بيان لعدم ضرها بدفع المحبوب قبل وقوعه المستلزم لعدم ضرها برفعه أو بإيقاع المكروه استلزاما جليا ولعل ذكره الإرادة مع الخير والمس مع الضر مع تلازم الأمرين لأن ما يريده سبحانه يصيب وما يصيب لا يكون إلا بإرادته تعالى للإيذان بأن الخير مقصود لله تعالى بالذات والضر إنما يقع جزاء على الأعمال وليس مقصودا بالذات ويحتمل أنه أريد معنى الفعلين في كل من الخير والضر لاقتضاء المقام تأكيد كل من الترغيب والترهيب إلا أنه قصد الإيجاز في الكلام فذكر في أحدهما المس وفي الآخر الإرادة ليدل بما ذكر في كل جانب على ما ترك في الجانب الآخر ففي الآية نوع من البديع يسمى احتباكا وقد تقدم في غير آية ولم يستثن سبحانه في جانب الخير إظهارا لكمال العناية به وينبئ عن ذلك قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=107يصيب به من يشاء من عباده حيث صرح جل شأنه بالإصابة بالفضل المنتظم لما أراد من الخير وقيل: إنما لم يستثن جل وعلا في ذلك لأنه قد فرض فيه أن تعلق الخير به واقع بإرادته تعالى وصحة الاستثناء تكون بإرادة ضده في ذلك الوقت وهو محال وهذا بخلاف مس الضر فإن إرادة كشفه لا تستلزم المحال وهو تعلق الإرادتين بالضدين في وقت واحد وفي العدول عن يرد بك الخير إلى ما في النظم الجليل إيماء كما قيل إلى أن المقصود هو الإنسان وسائر الخيرات مخلوقة لأجله وما أشرنا إليه من رجوع ضمير (به) إلى الفضل هو الظاهر المناسب وجوز رجوعه لما ذكر وليس بذاك وحمل الفضل على العموم أولا وآخرا حسبما علمت هو الذي ذهب إليه بعض المحققين رادا على من جعله عبارة عن ذلك الخير بعينه على أن يكون الإتيان به أولا ظاهرا من باب وضع المظهر موضع المضمر إظهارا لما ذكر من الفائدة بأن قوله سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=107من يشاء من عباده يأبى ذلك لأنه ينادي بالعموم ويجوز عندي أن يكون الكلام من باب - عندي درهم ونصفه - وقوله سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=107وهو الغفور الرحيم 107 تذييل لقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=107يصيب به إلخ مقرر لمضمونه والكل تذييل للشرطية الأخيرة مقرر لمضمونها وذكر الإمام في هذه الآيات أن قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=105ولا تكونن من المشركين لا يمكن أن يكون نهيا عن عبادة الأوثان لأن ذلك مذكور في قوله سبحانه أول الآية:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=104فلا أعبد الذين تعبدون من دون الله فلا بد من حمل هذا الكلام على ما فيه فائدة زائدة وهي أن من عرف مولاه لو التفت بعد ذلك إلى غيره كان ذلك شركا وهو الذي يسميه أصحاب القلوب بالشرك الخفي ويجعل قوله سبحانه:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=106ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك إشارة إلى مقام هو آخر درجات العارفين لأن ما سوى الحق ممكن لذاته موجود بإيجاده والممكن لذاته معدوم بالنظر إلى ذاته وموجود بإيجاد الحق وحينئذ فلا نافع إلا الحق ولا ضار إلا هو وكل شيء هالك إلا وجهه وإذا كان كذلك فلا رجوع إلا إليه عز شأنه في الدارين
ومعنى
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=106فإن فعلت إلخ فإن اشتغلت بطلب المنفعة والمضرة من غير الله تعالى فأنت من الظالمين أي الواضعين للشيء في غير موضعه إذ ما سوى الله تعالى معزول عن التصرف فإضافة التصرف إليه وضع للشيء في غير موضعه وهو الظلم وطلب الانتفاع بالأشياء التي خلقها الله تعالى للانتفاع بها من الطعام والشراب ونحوهما لا ينافي الرجوع بالكلية إلى الله تعالى بشرط أن يكون بصر العقل عند التوجه إلى شيء
[ ص: 201 ] من ذلك مشاهدا لقدرة الله تعالى وجوده وإحسانه في إيجاد تلك الموجودات وإيداع تلك المنافع فيها مع الجزم بأنها في أنفسها وذواتها معدومة وهالكة ولا وجود لها ولا بقاء ولا تأثير إلا بإيجاد الله تعالى وإبقائه وإفاضة ما فيها من الخواص عليها بجوده وإحسانه وقوله تبارك وتعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=107وإن يمسسك الله إلخ تقرير لأن جميع الممكنات مستندة إليه سبحانه وتعالى وأنه لا معول إلا عليه عز شأنه وهو كلام حسن بيد أن زعمه أن قوله تعالى: ولا تكونن من المشركين لا يمكن أن يكون نهيا عن عبادة الأوثان إلخ لا يخفى ما فيه . وقد ذكر نحو هذا الكلام في الآيات ساداتنا الصوفية ففي أسرار القرآن أنه سبحانه خوف نبيه صلى الله تعالى عليه وسلم من الالتفات إلى غيره في إقباله عليه سبحانه بقوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=105ولا تكونن من المشركين أي من الطالبين غيري والمؤثرين على جمال مشاهدتي ما لا يليق من الحدثان وقد ذكروا أن إقامة الملة الحنيفية بتصحيح المعرفة وهو لا يكون إلا بترك النظر إلى ما سوى الحق جل جلاله ثم إنه تعالى زاد تأكيدا للإقبال عليه والإعراض عما سواه بقوله جل شأنه:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=106ولا تدع إلخ حيث أشار فيه إلى أن من طلب النفع أو الضر من غيره تعالى فهو ظالم أي واضع للربوبية في غير موضعها ومن هنا قال
شقيق البلخي: الظالم من طلب نفعه ممن لا يملك نفع نفسه واستدفع الضر ممن لا يملك الدفاع عن نفسه ومن عجز عن إقامة نفسه كيف يقيم غيره وقرر ذلك بقوله تعالى: وإن يمسسك إلخ
ومن ذلك قال
ابن عطاء: إنه تعالى قطع على عباده الرهبة والرغبة إلا منه وإليه بإعلامه أنه الضار النافع وقد يكون الضر إشارة إلى الحجاب والخير إشارة إلى كشف الجمال أي إن يمسسك الله بضر الحجاب فلا كاشف لضرك إلا هو بظهور أنوار وصاله وإن يردك بكشف جماله فلا راد لفضل وصاله من سبب وعلة فإن المختص في الأزل بالوصال لا يحتجب بشيء من الأشياء لأنه في الفضل السابق مصون من جريان القهر (هذا) ولعله مغن عن الكلام من باب الإشارة في الآيات حسبما هو العادة في الكتاب
nindex.php?page=treesubj&link=28723_29694_30455_34092_28981nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=107وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ تَقْرِيرٌ لِمَا أَوْرَدَ فِي حَيِّزِ الصِّلَةِ مِنْ سَلْبِ النَّفْعِ مِنَ الْمَعْبُودَاتِ الْبَاطِلَةِ وَتَصْوِيرٍ لِاخْتِصَاصِهِ بِهِ سُبْحَانَهُ أَيْ وَإِنْ يُصِبْكَ بِسُوءٍ مَا
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=107فَلا كَاشِفَ لَهُ عَنْكَ كَائِنًا مَنْ كَانَ وَمَا كَانَ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=107إِلا هُوَ وَحْدَهُ فَثَبَتَ عَدَمُ كَشْفِ الْأَصْنَامِ بِالطَّرِيقِ الْبُرْهَانِيِّ وَهُوَ بَيَانٌ لِعَدَمِ النَّفْعِ بِرَفْعِ الْمَكْرُوهِ الْمُسْتَلْزِمِ لِعَدَمِ النَّفْعِ بِجَلْبِ الْمَحْبُوبِ اسْتِلْزَامًا ظَاهِرًا فَإِنَّ رَفْعَ الْمَكْرُوهِ أَدْنَى مَرَاتِبِ النَّفْعِ فَإِذَا انْتَفَى انْتَفَى النَّفْعُ بِالْكُلِّيَّةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=107وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ تَحْقِيقٌ لِسَلْبِ الضَّرَرِ الْوَارِدِ فِي حَيِّزِ الصِّلَةِ أَيْ إِنْ يُرِدْ أَنْ يُصِيبَكَ بِخَيْرٍ
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=107فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ الَّذِي مِنْ جُمْلَتِهِ مَا أَرَادَكَ بِهِ مِنْ خَيْرٍ فَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى جَوَابِ الشَّرْطِ لَا نَفْسِ
[ ص: 200 ] الْجَوَابِ وَفِيهِ إِيذَانٌ بِأَنَّ فَيَضَانَ الْخَيْرِ مِنْهُ تَعَالَى بِطَرِيقِ التَّفَضُّلِ وَالْكَرَمِ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ أَيْ لَا أَحَدَ يَقْدِرُ عَلَى رَدِّهِ كَائِنًا مَنْ كَانَ فَيَدْخُلُ فِيهِ الْأَصْنَامُ دُخُولًا أَوَّلِيًّا وَهُوَ بَيَانٌ لِعَدَمِ ضُرِّهَا بِدَفْعِ الْمَحْبُوبِ قَبْلَ وُقُوعِهِ الْمُسْتَلْزِمِ لِعَدَمِ ضُرِّهَا بِرَفْعِهِ أَوْ بِإِيقَاعِ الْمَكْرُوهِ اسْتِلْزَامًا جَلِيًّا وَلَعَلَّ ذِكْرَهُ الْإِرَادَةَ مَعَ الْخَيْرِ وَالْمَسَّ مَعَ الضُّرِّ مَعَ تَلَازُمِ الْأَمْرَيْنِ لِأَنَّ مَا يُرِيدُهُ سُبْحَانَهُ يُصِيبُ وَمَا يُصِيبُ لَا يَكُونُ إِلَّا بِإِرَادَتِهِ تَعَالَى لِلْإِيذَانِ بِأَنَّ الْخَيْرَ مَقْصُودٌ لِلَّهِ تَعَالَى بِالذَّاتِ وَالضُّرِّ إِنَّمَا يَقَعُ جَزَاءً عَلَى الْأَعْمَالِ وَلَيْسَ مَقْصُودًا بِالذَّاتِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أُرِيدَ مَعْنَى الْفِعْلَيْنِ فِي كُلٍّ مِنَ الْخَيْرِ وَالضُّرِّ لِاقْتِضَاءِ الْمَقَامِ تَأْكِيدَ كُلٍّ مِنَ التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ إِلَّا أَنَّهُ قَصَدَ الْإِيجَازَ فِي الْكَلَامِ فَذَكَرَ فِي أَحَدِهِمَا الْمَسَّ وَفِي الْآخَرِ الْإِرَادَةَ لِيَدُلَّ بِمَا ذَكَرَ فِي كُلِّ جَانِبٍ عَلَى مَا تُرِكَ فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ فَفِي الْآيَةِ نَوْعٌ مِنَ الْبَدِيعِ يُسَمَّى احْتِبَاكًا وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي غَيْرِ آيَةٍ وَلَمْ يَسْتَثْنِ سُبْحَانَهُ فِي جَانِبِ الْخَيْرِ إِظْهَارًا لِكَمَالِ الْعِنَايَةِ بِهِ وَيُنْبِئُ عَنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=107يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مَنْ عِبَادِهِ حَيْثُ صَرَّحَ جَلَّ شَأْنُهُ بِالْإِصَابَةِ بِالْفَضْلِ الْمُنْتَظِمِ لِمَا أَرَادَ مِنَ الْخَيْرِ وَقِيلَ: إِنَّمَا لَمْ يَسْتَثْنِ جَلَّ وَعَلَا فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ فَرَضَ فِيهِ أَنَّ تَعَلُّقَ الْخَيْرِ بِهِ وَاقِعٌ بِإِرَادَتِهِ تَعَالَى وَصِحَّةُ الِاسْتِثْنَاءِ تَكُونُ بِإِرَادَةِ ضِدِّهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَهُوَ مُحَالٌ وَهَذَا بِخِلَافِ مَسِّ الضُّرِّ فَإِنَّ إِرَادَةَ كَشْفِهِ لَا تَسْتَلْزِمُ الْمُحَالَ وَهُوَ تَعَلُّقُ الْإِرَادَتَيْنِ بِالضِّدَّيْنِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَفِي الْعُدُولِ عَنْ يُرِدْ بِكَ الْخَيْرَ إِلَى مَا فِي النَّظْمِ الْجَلِيلِ إِيمَاءً كَمَا قِيلَ إِلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ هُوَ الْإِنْسَانُ وَسَائِرُ الْخَيْرَاتِ مَخْلُوقَةٌ لِأَجْلِهِ وَمَا أَشَرْنَا إِلَيْهِ مِنْ رُجُوعِ ضَمِيرِ (بِهِ) إِلَى الْفَضْلِ هُوَ الظَّاهِرُ الْمُنَاسِبُ وَجُوِّزَ رُجُوعُهُ لِمَا ذَكَرَ وَلَيْسَ بِذَاكَ وَحَمْلُ الْفَضْلِ عَلَى الْعُمُومِ أَوَّلًا وَآخِرًا حَسْبَمَا عَلِمْتَ هُوَ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ رَادًّا عَلَى مَنْ جَعَلَهُ عِبَارَةً عَنْ ذَلِكَ الْخَيْرِ بِعَيْنِهِ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْإِتْيَانُ بِهِ أَوَّلًا ظَاهِرًا مِنْ بَابِ وَضْعِ الْمُظْهَرِ مَوْضِعَ الْمُضْمَرِ إِظْهَارًا لِمَا ذَكَرَ مِنَ الْفَائِدَةِ بِأَنَّ قَوْلَهُ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=107مَنْ يَشَاءُ مَنْ عِبَادِهِ يَأْبَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ يُنَادِي بِالْعُمُومِ وَيَجُوزُ عِنْدِي أَنْ يَكُونَ الْكَلَامُ مِنْ بَابِ - عِنْدِي دِرْهَمٌ وَنِصْفُهُ - وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=107وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ 107 تَذْيِيلٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=107يُصِيبُ بِهِ إِلَخْ مُقَرِّرٌ لِمَضْمُونِهِ وَالْكُلُّ تَذْيِيلٌ لِلشَّرْطِيَّةِ الْأَخِيرَةِ مُقَرِّرٌ لِمَضْمُونِهَا وَذَكَرَ الْإِمَامُ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=105وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ نَهْيًا عَنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ لِأَنَّ ذَلِكَ مَذْكُورٌ فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ أَوَّلَ الْآيَةِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=104فَلا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَلَا بُدَّ مِنْ حَمْلِ هَذَا الْكَلَامِ عَلَى مَا فِيهِ فَائِدَةٌ زَائِدَةٌ وَهِيَ أَنَّ مَنْ عَرَفَ مَوْلَاهُ لَوِ الْتَفَتَ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى غَيْرِهِ كَانَ ذَلِكَ شِرْكًا وَهُوَ الَّذِي يُسَمِّيهِ أَصْحَابُ الْقُلُوبِ بِالشِّرْكِ الْخَفِيِّ وَيُجْعَلُ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=106وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ إِشَارَةً إِلَى مَقَامٍ هُوَ آخِرُ دَرَجَاتِ الْعَارِفِينَ لِأَنَّ مَا سِوَى الْحَقِّ مُمْكِنٌ لِذَاتِهِ مَوْجُودٌ بِإِيجَادِهِ وَالْمُمْكِنُ لِذَاتِهِ مَعْدُومٌ بِالنَّظَرِ إِلَى ذَاتِهِ وَمَوْجُودٌ بِإِيجَادِ الْحَقِّ وَحِينَئِذٍ فَلَا نَافِعَ إِلَّا الْحَقُّ وَلَا ضَارَّ إِلَّا هُوَ وَكُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا رُجُوعَ إِلَّا إِلَيْهِ عَزَّ شَأْنُهُ فِي الدَّارَيْنِ
وَمَعْنَى
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=106فَإِنْ فَعَلْتَ إِلَخْ فَإِنِ اشْتَغَلْتَ بِطَلَبِ الْمَنْفَعَةِ وَالْمَضَرَّةِ مِنْ غَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى فَأَنْتَ مِنَ الظَّالِمِينَ أَيِ الْوَاضِعِينَ لِلشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ إِذْ مَا سِوَى اللَّهِ تَعَالَى مَعْزُولٌ عَنِ التَّصَرُّفِ فَإِضَافَةُ التَّصَرُّفِ إِلَيْهِ وَضْعٌ لِلشَّيْءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ وَهُوَ الظُّلْمُ وَطَلَبُ الِانْتِفَاعِ بِالْأَشْيَاءِ الَّتِي خَلَقَهَا اللَّهُ تَعَالَى لِلِانْتِفَاعِ بِهَا مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَنَحْوِهِمَا لَا يُنَافِي الرُّجُوعَ بِالْكُلِّيَّةِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ بَصَرُ الْعَقْلِ عِنْدَ التَّوَجُّهِ إِلَى شَيْءٍ
[ ص: 201 ] مِنْ ذَلِكَ مُشَاهِدًا لِقُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَجُودِهِ وَإِحْسَانِهِ فِي إِيجَادِ تِلْكَ الْمَوْجُودَاتِ وَإِيدَاعِ تِلْكَ الْمَنَافِعِ فِيهَا مَعَ الْجَزْمِ بِأَنَّهَا فِي أَنْفُسِهَا وَذَوَاتِهَا مَعْدُومَةٌ وَهَالِكَةٌ وَلَا وُجُودَ لَهَا وَلَا بَقَاءَ وَلَا تَأْثِيرَ إِلَّا بِإِيجَادِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِبْقَائِهِ وَإِفَاضَةِ مَا فِيهَا مِنَ الْخَوَاصِّ عَلَيْهَا بِجُودِهِ وَإِحْسَانِهِ وَقَوْلُهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=107وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ إِلَخْ تَقْرِيرٌ لِأَنَّ جَمِيعَ الْمُمْكِنَاتِ مُسْتَنِدَةٌ إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَأَنَّهُ لَا مُعَوَّلَ إِلَّا عَلَيْهِ عَزَّ شَأْنُهُ وَهُوَ كَلَامٌ حَسَنٌ بَيْدَ أَنَّ زَعْمَهُ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ نَهْيًا عَنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ إِلَخْ لَا يَخْفَى مَا فِيهِ . وَقَدْ ذَكَرَ نَحْوَ هَذَا الْكَلَامِ فِي الْآيَاتِ سَادَاتُنَا الصُّوفِيَّةُ فَفِي أَسْرَارِ الْقُرْآنِ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ خَوَّفَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الِالْتِفَاتِ إِلَى غَيْرِهِ فِي إِقْبَالِهِ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ بِقَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=105وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ أَيْ مِنَ الطَّالِبِينَ غَيْرِي وَالْمُؤْثِرِينَ عَلَى جَمَالِ مُشَاهَدَتِي مَا لَا يَلِيقُ مِنَ الْحَدَثَانِ وَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّ إِقَامَةَ الْمِلَّةِ الْحَنِيفِيَّةِ بِتَصْحِيحِ الْمَعْرِفَةِ وَهُوَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِتَرْكِ النَّظَرِ إِلَى مَا سِوَى الْحَقِّ جَلَّ جَلَالُهُ ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى زَادَ تَأْكِيدًا لِلْإِقْبَالِ عَلَيْهِ وَالْإِعْرَاضِ عَمَّا سِوَاهُ بِقَوْلِهِ جَلَّ شَأْنُهُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=106وَلا تَدْعُ إِلَخْ حَيْثُ أَشَارَ فِيهِ إِلَى أَنَّ مَنْ طَلَبَ النَّفْعَ أَوِ الضُّرَّ مِنْ غَيْرِهِ تَعَالَى فَهُوَ ظَالِمٌ أَيْ وَاضِعٌ لِلرُّبُوبِيَّةِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا وَمِنْ هُنَا قَالَ
شَقِيقٌ الْبَلْخِيُّ: الظَّالِمُ مَنْ طَلَبَ نَفْعَهُ مِمَّنْ لَا يَمْلِكُ نَفْعَ نَفْسِهِ وَاسْتَدْفَعَ الضُّرَّ مِمَّنْ لَا يَمْلِكُ الدِّفَاعَ عَنْ نَفْسِهِ وَمَنْ عَجَزَ عَنْ إِقَامَةِ نَفْسِهِ كَيْفَ يُقِيمُ غَيْرَهُ وَقَرَّرَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: وَإِنْ يَمْسَسْكَ إِلَخْ
وَمِنْ ذَلِكَ قَالَ
ابْنُ عَطَاءٍ: إِنَّهُ تَعَالَى قَطَعَ عَلَى عِبَادِهِ الرَّهْبَةَ وَالرَّغْبَةَ إِلَّا مِنْهُ وَإِلَيْهِ بِإِعْلَامِهِ أَنَّهُ الضَّارُّ النَّافِعُ وَقَدْ يَكُونُ الضُّرُّ إِشَارَةً إِلَى الْحِجَابِ وَالْخَيْرُ إِشَارَةً إِلَى كَشْفِ الْجَمَالِ أَيْ إِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرِّ الْحِجَابِ فَلَا كَاشِفَ لِضُرِّكَ إِلَّا هُوَ بِظُهُورِ أَنْوَارِ وِصَالِهِ وَإِنْ يُرِدْكَ بِكَشْفِ جَمَالِهِ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِ وِصَالِهِ مِنْ سَبَبٍ وَعِلَّةٍ فَإِنَّ الْمُخْتَصَّ فِي الْأَزَلِ بِالْوِصَالِ لَا يَحْتَجِبُ بِشَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ لِأَنَّهُ فِي الْفَضْلِ السَّابِقِ مَصُونٌ مِنْ جَرَيَانِ الْقَهْرِ (هَذَا) وَلَعَلَّهُ مُغْنٍ عَنِ الْكَلَامِ مِنْ بَابِ الْإِشَارَةِ فِي الْآيَاتِ حَسْبَمَا هُوَ الْعَادَةُ فِي الْكِتَابِ