( سورة إبراهيم عليه السلام 14 )
أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=13507ابن مردويه عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=16414وابن الزبير أنها نزلت
بمكة والظاهر أنهما أرادا أنها كلها كذلك وهو الذي عليه الجمهور وأخرج
النحاس في ناسخه عن الحبر أنها مكية إلا آيتين منها فإنهما نزلتا
بالمدينة وهما
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=28ألم تر إلى الذين بدلوا نعمت الله كفرا الآيتين نزلتا في قتلى
بدر من المشركين وأخرج نحوه
nindex.php?page=showalam&ids=11868أبو الشيخ عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة وقال
الإمام : إذا لم يكن في السورة ما يتصل بالأحكام فنزولها
بمكة والمدينة سواء إذ لا يختلف الغرض فيه إلا أن يكون فيها ناسخ أو منسوخ فتظهر فائدته يعني أنه لا يختلف الحال وتظهر ثمرته إلا بما ذكر فإن لم يكن ذلك فليس فيه إلا ضبط زمان النزول وكفى به فائدة هل في هذه السورة منسوخ أو لا قولان والجمهور على الثاني وعن
عبد الرحمن بن زيد بن أسلم أن فيها آية منسوخة وهي قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=34وإن تعدوا نعمت الله لا تحصوها إن الإنسان لظلوم كفار فإنه قد نسخت باعتبار الآخر بقوله تعالى في سورة النحل :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=18وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفور رحيم وفيه نظر وهي إحدى وخمسون آية في البصري وقيل : خمسون فيه واثنان وخمسون في الكوفي وأربع في المدني وخمس في الشامي وارتباطها بالسورة التي قبلها واضح جدا لأنه قد ذكر في تلك السورة من مدح الكتاب وبيان أنه مغن عما اقترحوه ما ذكر وافتتحت هذه بوصف الكتاب والإيماء إلى أنه مغن عن ذلك أيضا وإذا أريد بـ ( من عنده علم الكتاب ) الله تعالى ناسب مطلع هذه ختام تلك أشد مناسبة وأيضا قد ذكر في تلك إنزال القرآن حكما عربيا ولم يصرح فيها بحكمة ذلك وصرح بها هنا وأيضا تضمنت تلك الإخبار من قبله تعالى بأنه ما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله تعالى وتضمنت هذه الإخبار به من جهة الرسل عليهم السلام وأنهم قالوا : ما كان لنا أن نأتي بسلطان إلا بإذن الله وأيضا ذكر هناك أمره عليه الصلاة والسلام بأن
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=30عليه توكلت وحكي هنا عن إخوانه المرسلين عليهم السلام توكلهم عليه سبحانه وأمرهم بالتوكل عليه جل شأنه واشتملت تلك على تمثيل للحق والباطل واشتملت هذه على ذلك أيضا بناء على بعض ما ستسمعه إن شاء الله تعالى في قوله سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=24مثلا كلمة طيبة إلى آخره وأيضا ذكر في الأولى من رفع السماء ومد الأرض وتسخير الشمس والقمر إلى غير ذلك ما ذكر وذكر هنا نحو ذلك إلا أنه سبحانه اعتبر ما ذكر أولا آيات وما ذكر ثانيا نعما وصرح في كل بأشياء لم يصرح بها في الآخر وأيضا قد ذكر هناك مكر الكفرة وذكر هنا أيضا وذكر من وصفه ما لم يذكر هناك وأيضا قال
الجلال السيوطي : إنه ذكر في
[ ص: 180 ] الأولى قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=32ولقد استهزئ برسل من قبلك فأمليت للذين كفروا ثم أخذتهم وذلك مجمل في أربعة مواضع الرسل والمستهزئين وصفة الاستهزاء والأخذ وقد فصلت الأربعة في قوله سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=70ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم قوم نوح الآيات وقد اشتركت السورتان مما عدا افتتاح كل منهما بالمتشابه بأن كلا قد افتتح بالألف واختتم بالباء وجمعا أيضا في آخر ما ختما به وبقي مناسبات بينهما غير ما ذكرنا لو ذكرناها لطال الكلام والله تعالى أعلم بما في كتابه .
( بسم الله الرحمن الرحيم
nindex.php?page=treesubj&link=28723_29785_32450_34225_34226_34237_34513_28985nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1الر ) مر الكلام فيما يتعلق به
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1كتاب جوز فيه أن يكون خبرا لالر على تقدير كونه مبتدأ أو لمبتدأ مضمر على تقدير كونه خبرا لمبتدأ محذوف أو مفعولا لفعل محذوف أو مسرودا على نمط التعديد وجوز أن يكون خبرا ثانيا للمبتدأ الذي أخبر عنه بالر وأن يكون مبتدأ وسوغ الابتداء به كونه موصوفا في التقدير أي كتاب عظيم وقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1أنزلناه إليك إما في موضع الصفة أو الخبر وهو مع مبتدآته قيل في موضع التفسير وفي إسناد الإنزال إلى ضمير العظمة ومخاطبته عليه الصلاة والسلام مع إسناد الإخراج إليه صلى الله عليه وسلم في قوله سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1لتخرج الناس من الظلمات إلى النور ما لا يخفى من التفخيم والتعظيم واللام متعلقة بـ
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1أنزلناه والمراد من الناس جميعهم أي أنزلناه إليك لتخرجهم كافة بما في تضاعيفه من البينات الواضحة المفصحة عن كونه من عند الله تعالى الكاشفة عن العقائد الحقة من عقائد الكفر والضلال وعبادة الله عز وجل من الآلهة المختلفة كالملائكة وخواص البشر والكواكب والأصنام التي كلها ظلمات محضة وجهالات صرفة إلى الحق المؤسس على التوحيد الذي هو نور بحت وقرئ ( ليخرج الناس ) بالياء التحتانية في ( يخرج ) ورفع ( الناس ) به
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1بإذن ربهم أي بتيسيره وتوفيقه تعالى وهو مستعار من الإذن الذي يوجب تسهيل الحجاب لمن يقصد الورود ويجوز أن يكون مجازا مرسلا بعلامة اللزوم وقال
محيي السنة : إذنه تعالى أمره وقيل : علمه سبحانه وقيل : إرادته جل شأنه وهي على ما قيل متقاربة ومنع الإمام أن يراد بذلك الأمر أو العلم وعلله بما لا يخلو عن نظر وفي الكلام على ما ذكر أولا ثلاث استعارات إحداها ما سمعت في الإذن والأخريان في
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1الظلمات و
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1النور وقد أشير إلى المراد منهما وجوز العلامة
الطيبي أن تكون كلها استعارة مركبة تمثيلية بتصوير الهدى بالنور والضلال بالظلمة والمكلف المنغمس في ظلمة الكفر بحيث لا يتسهل له الخروج إلى نور الإيمان إلا بتفضل الله تعالى بإرسال رسول بكتاب يسهل عليه ذلك كمن وقع في تيه مظلم ليس منه خلاص فبعث ملك توقيعا لبعض خواصه في استخلاصه وضمن تسهيل ذلك على نفسه ثم استعمل هنا ما كان مستعملا هناك فقيل :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1كتاب أنزلناه إلى آخره وكان الظاهر بإذننا إلا أنه وضع ذلك الظاهر موضع الضمير وقيل :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1ربهم للإشعار بالتربية واللطف والفضل وبأن الهداية لطف محض وفيه أن الكتاب والرسول والدعوة لا تجدي دون إذن الله تعالى كما قال سبحانه :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=56إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء . اهـ . وما ذكره من الاستعارة التمثيلية مع بلاغته وحسنه لا يخلو عن بعد وكأنه للإنباء عن كون التيسير والتوفيق منوطين بالإقبال إلى الحق كما يفصح عنه قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=27ويهدي إليه من أناب استعير لذلك الإذن الذي هو ما علمت وأضيف إلى ضمير الناس اسم الرب المفصح عن التربية التي هي عبارة عن تبليغ الشيء إلى كماله المتوجه إليه وشمول
[ ص: 181 ] الإذن بذلك المعنى للكل واضح وعليه يدور كون الإنزال لإخراجهم جميعا وعدم تحقق الإذن بالفعل في بعضهم لعدم تحقق شرطه المستند إلى سوء اختيارهم ورداءة استعدادهم غير مخل بذلك ومن هنا فساد قول
الطبرسي : إن اللام لام الغرض لا لام العاقبة وإلا لزم أن يكون جميع الناس مؤمنين والواقع بخلافه وذكر
الإمام أن
المعتزلة استدلوا بهذه الآية على أن أفعال الله تعالى تعلل برعاية المصالح ثم ساق دليل أصحابه على امتناع ذلك وذكر أنه إذا ثبت الامتناع يلزم تأويل كل ما أشعر بخلافه وتأويله بحمل اللام على لام العاقبة ونحوها ونقل عن
ابن القيم وغيره القول بالتعليل وأنه مذهب السلف وأن في الكتاب والسنة ما يزيد على عشرة آلاف موضع ظاهره في ذلك وتأويل الجميع خروج عن الإنصاف وليس الدليل على امتناع ذلك من المتانة على وجه يضطر معه إلى التأويل وللشيخ
إبراهيم الكوراني في بعض رسائله كلام نفيس في هذا الغرض سالم فيما أرى عن العلة إن أردته فارجع إليه والباء متعلقة بـ ( تخرج ) على ما هو الظاهر وجوز أن يكون متعلقا بمضمر وقع حالا من مفعوله أي ملتبسين بإذن ربهم ومنهم من جوز كونه حالا من فاعله أي ملتبسا بإذن ربهم وتعقب بأنه يأباه إضافة الرب إليهم لا إليه صلى الله عليه وسلم ورد بما رد فتأمل واستدل بالآية القائلون بأن معرفة الله تعالى لا تحصل إلا من طريق التعليم من الرسول صلى الله عليه وسلم حيث ذكر فيها أنه عليه الصلاة والسلام هو الذي يخرج الناس من ظلمات الضلال إلى نور الهدى وأجيب بأن الرسول عليه الصلاة والسلام كالمنبه وأما المعرفة فإنما تحصل من الدليل واستدل بها أيضا كل من
المعتزلة وأهل السنة على مذهبه في أفعال العباد وتفصيل ذلك في تفسير
الإمام .
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1إلى صراط العزيز الحميد . (1) . الجار والمجرور بدل من الجار والمجرور فيما تقدم أعني قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1إلى النور وقال غير واحد : إن
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1صراط بدل من
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1النور وأعيد عامله وكرر لفظا ليدل على البدلية كما في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=75للذين استضعفوا لمن آمن منهم ولا يضر الفصل بين البدل والمبدل منه بما قبله لأنه غير أجنبي إذ هو من معمولات العامل في المبدل منه على كل حال واستشكل هذا مع الاستعارة السابقة بأن التعقيب بالبدل لا يتقاعد عن التعقيب بالبيان في مثل قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر وأجيب بأن الصراط استعارة أخرى للهدى جعل نورا أولا لظهوره في نفسه واستضاءة الضلال في مهواة الهوى به ثم جعل ثانيا جادة مسلوكة مأمونة كبنيات الطرق دلالة على تمام الإرشاد .
وفي الإرشاد أن إخلال البيان والبدل بالاستعارة إنما هو في الحقيقة لا في المجاز وهو ظاهر وجوز أن يكون الجار والمجرور متعلقا بمحذوف على أنه جواب سائل يسأل إلى أي نور فقيل :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1إلى صراط إلى آخره وإضافة الصراط إليه تعالى لأنه مقصده أو المبين له وتخصيص الوصفين الجليلين بالذكر للترغيب في سلوكه إذ في ذلك إشارة إلى أنه يعز سالكه ويحمد سابله وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11992أبو حيان : النكتة في ذلك أنه لما ذكر قبل إنزاله تعالى لهذا الكتاب وإخراج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم ناسب ذكر هاتين الصفتين
nindex.php?page=treesubj&link=28899_28741_29625_29626صفة العزة المتضمنة للقدرة والغلبة لإنزاله مثل هذا الكتاب المعجز الذي لا يقدر عليه سواه nindex.php?page=treesubj&link=33144وصفة الحمد لإنعامه بأعظم النعم لإخراج الناس من الظلمات إلى النور ووجه التقديم والتأخير على هذا ظاهر .
وقال
الإمام : إنما قدم ذكر العزيز على ذكر الحميد لأن الصحيح أن أول العلم بالله تعالى العلم بكونه تعالى قادرا ثم بعد ذلك العلم بكونه عالما ثم بعد ذلك بكونه غنيا عن الحاجات والعزيز هو القادر والحميد هو العالم الغني فلما كان العلم بكونه تعالى قادرا متقدما على العلم بكونه عالما بالكل غنيا عنه لا جرم قدم ذكر العزيز على ذكر
[ ص: 182 ] الحميد . اهـ . ولم نر تفسير
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1الحميد بما ذكر لغيره وفي المواقف وشرح أسماء الله تعالى الحسنى لحجة الإسلام
nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي وغيرهما أن الحميد هو المحمود المثنى عليه وهو سبحانه محمود بحمده لنفسه أزلا وبحمد عباده له تعالى أبدا وبين هذا وما ذكره
الإمام بعد بعيد وأما ما ذكره في العزيز فهو قول لبعضهم وقيل : هو الذي لا مثل له .
وربما يقال على هذا : إن التقديم للاعتناء بالصفات السلبية كما يؤذن به قولهم : التخلية أولى من التحلية وكذا قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=11ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ولعل كلامه قدس سره بعد لا يخلو عن نظر
( سُورَةُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ 14 )
أَخْرَجَ
nindex.php?page=showalam&ids=13507ابْنُ مَرْدُوَيْهِ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=16414وَابْنِ الزُّبَيْرِ أَنَّهَا نَزَلَتْ
بِمَكَّةَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُمَا أَرَادَا أَنَّهَا كُلَّهَا كَذَلِكَ وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَأَخْرَجَ
النَّحَّاسُ فِي نَاسِخِهِ عَنِ الْحَبْرِ أَنَّهَا مَكِّيَّةٌ إِلَّا آيَتَيْنِ مِنْهَا فَإِنَّهُمَا نَزَلَتَا
بِالْمَدِينَةِ وَهُمَا
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=28أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا الْآيَتَيْنِ نَزَلَتَا فِي قَتْلَى
بَدْرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَأَخْرَجَ نَحْوَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11868أَبُو الشَّيْخِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةَ وَقَالَ
الْإِمَامُ : إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي السُّورَةِ مَا يَتَّصِلُ بِالْأَحْكَامِ فَنُزُولُهَا
بِمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ سَوَاءٌ إِذْ لَا يَخْتَلِفُ الْغَرَضُ فِيهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهَا نَاسِخٌ أَوْ مَنْسُوخٌ فَتَظْهَرُ فَائِدَتُهُ يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَخْتَلِفُ الْحَالُ وَتَظْهَرُ ثَمَرَتُهُ إِلَّا بِمَا ذُكِرَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فَلَيْسَ فِيهِ إِلَّا ضَبْطُ زَمَانِ النُّزُولِ وَكَفَى بِهِ فَائِدَةٌ هَلْ فِي هَذِهِ السُّورَةِ مَنْسُوخٌ أَوْ لَا قَوْلَانِ وَالْجُمْهُورُ عَلَى الثَّانِي وَعَنْ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ أَنَّ فِيهَا آيَةً مَنْسُوخَةً وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=34وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ فَإِنَّهُ قَدْ نُسِخَتْ بِاعْتِبَارِ الْآخَرِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ النَّحْلِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=18وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهِ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ وَفِيهِ نَظَرٌ وَهِيَ إِحْدَى وَخَمْسُونَ آيَةً فِي الْبَصْرِيِّ وَقِيلَ : خَمْسُونَ فِيهِ وَاثْنَانِ وَخَمْسُونَ فِي الْكُوفِيِّ وَأَرْبَعٌ فِي الْمَدَنِيِّ وَخَمْسٌ فِي الشَّامِيِّ وَارْتِبَاطُهَا بِالسُّورَةِ الَّتِي قَبْلَهَا وَاضِحٌ جِدًّا لِأَنَّهُ قَدْ ذُكِرَ فِي تِلْكَ السُّورَةِ مِنْ مَدْحِ الْكِتَابِ وَبَيَانِ أَنَّهُ مُغْنٍ عَمَّا اقْتَرَحُوهُ مَا ذُكِرَ وَافْتُتِحَتْ هَذِهِ بِوَصْفِ الْكِتَابِ وَالْإِيمَاءِ إِلَى أَنَّهُ مُغْنٍ عَنْ ذَلِكَ أَيْضًا وَإِذَا أُرِيدَ بِـ ( مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ ) اللَّهُ تَعَالَى نَاسَبَ مَطْلَعُ هَذِهِ خِتَامَ تِلْكَ أَشَدَّ مُنَاسَبَةٍ وَأَيْضًا قَدْ ذُكِرَ فِي تِلْكَ إِنْزَالُ الْقُرْآنِ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَمْ يُصَرِّحْ فِيهَا بِحِكْمَةِ ذَلِكَ وَصَرَّحَ بِهَا هُنَا وَأَيْضًا تَضَمَّنَتْ تِلْكَ الْإِخْبَارَ مِنْ قِبَلِهِ تَعَالَى بِأَنَّهُ مَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَضَمَّنَتْ هَذِهِ الْإِخْبَارَ بِهِ مِنْ جِهَةِ الرُّسُلِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ وَأَنَّهُمْ قَالُوا : مَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَ بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَأَيْضًا ذُكِرَ هُنَاكَ أَمْرُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بِأَنَّ
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=30عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَحُكِيَ هُنَا عَنِ إِخْوَانِهِ الْمُرْسَلِينَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ تَوَكُّلُهُمْ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ وَأَمْرُهُمْ بِالتَّوَكُّلِ عَلَيْهِ جَلَّ شَأْنُهُ وَاشْتَمَلَتْ تِلْكَ عَلَى تَمْثِيلٍ لِلْحَقِّ وَالْبَاطِلِ وَاشْتَمَلَتْ هَذِهِ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا بِنَاءً عَلَى بَعْضِ مَا سَتَسْمَعُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=24مَثَلا كَلِمَةً طَيِّبَةً إِلَى آخِرِهِ وَأَيْضًا ذُكِرَ فِي الْأُولَى مِنْ رَفْعِ السَّمَاءِ وَمَدِّ الْأَرْضِ وَتَسْخِيرِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مَا ذُكِرَ وَذُكِرَ هُنَا نَحْوَ ذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ سُبْحَانَهُ اعْتَبَرَ مَا ذُكِرَ أَوَّلًا آيَاتٍ وَمَا ذُكِرَ ثَانِيًا نِعَمًا وَصَرَّحَ فِي كُلٍّ بِأَشْيَاءَ لَمْ يُصَرِّحْ بِهَا فِي الْآخَرِ وَأَيْضًا قَدْ ذُكِرَ هُنَاكَ مَكْرُ الْكَفَرَةِ وَذُكِرَ هُنَا أَيْضًا وَذُكِرَ مِنْ وَصْفِهِ مَا لَمْ يُذْكَرْ هُنَاكَ وَأَيْضًا قَالَ
الْجَلَالُ السُّيُوطِيُّ : إِنَّهُ ذُكِرَ فِي
[ ص: 180 ] الْأُولَى قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=32وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ وَذَلِكَ مُجْمَلٌ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ الرُّسُلِ وَالْمُسْتَهْزِئِينَ وَصِفَةِ الِاسْتِهْزَاءِ وَالْأَخْذِ وَقَدْ فُصِّلَتِ الْأَرْبَعَةُ فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=70أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ الْآيَاتِ وَقَدِ اشْتَرَكَتِ السُّورَتَانِ مِمَّا عَدَا افْتِتَاحَ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْمُتَشَابَهِ بِأَنَّ كُلًّا قَدِ افْتُتِحَ بِالْأَلِفِ وَاخْتُتِمَ بِالْبَاءِ وَجَمَعَا أَيْضًا فِي آخِرِ مَا خُتِمَا بِهِ وَبَقِيَ مُنَاسَبَاتٌ بَيْنَهُمَا غَيْرَ مَا ذَكَرْنَا لَوْ ذَكَرْنَاهَا لَطَالَ الْكَلَامُ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِمَا فِي كِتَابِهِ .
( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
nindex.php?page=treesubj&link=28723_29785_32450_34225_34226_34237_34513_28985nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1الر ) مَرَّ الْكَلَامُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1كِتَابٌ جُوِّزَ فِيهِ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا لالر عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهِ مُبْتَدَأً أَوْ لِمُبْتَدَأٍ مُضْمَرٍ عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِهِ خَبَرًا لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَوْ مَفْعُولًا لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ أَوْ مَسْرُودًا عَلَى نَمَطٍ التَّعْدِيدِ وَجُوِّزَ أَنْ يَكُونَ خَبَرًا ثَانِيًا لِلْمُبْتَدَأِ الَّذِي أُخْبِرَ عَنْهُ بِالر وَأَنْ يَكُونَ مُبْتَدَأً وَسُوِّغَ الِابْتِدَاءُ بِهِ كَوْنُهُ مَوْصُوفًا فِي التَّقْدِيرِ أَيْ كِتَابٌ عَظِيمٌ وَقَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ إِمَّا فِي مَوْضِعِ الصِّفَةِ أَوِ الْخَبَرِ وَهُوَ مَعَ مُبْتَدَآتِهِ قِيلَ فِي مَوْضِعِ التَّفْسِيرِ وَفِي إِسْنَادِ الْإِنْزَالِ إِلَى ضَمِيرِ الْعَظَمَةِ وَمُخَاطَبَتُهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مَعَ إِسْنَادِ الْإِخْرَاجِ إِلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ مَا لَا يَخْفَى مِنَ التَّفْخِيمِ وَالتَّعْظِيمِ وَاللَّامُ مُتَعَلِّقَةٌ بِـ
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1أَنْزَلْنَاهُ وَالْمُرَادُ مِنَ النَّاسِ جَمِيعُهُمْ أَيْ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَهُمْ كَافَّةً بِمَا فِي تَضَاعِيفِهِ مِنَ الْبَيِّنَاتِ الْوَاضِحَةِ الْمُفْصِحَةِ عَنْ كَوْنِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَعَالَى الْكَاشِفَةِ عَنِ الْعَقَائِدِ الْحَقَّةِ مِنْ عَقَائِدِ الْكُفْرِ وَالضَّلَالِ وَعِبَادَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الْآلِهَةِ الْمُخْتَلِفَةِ كَالْمَلَائِكَةِ وَخَوَاصِّ الْبَشَرِ وَالْكَوَاكِبِ وَالْأَصْنَامِ الَّتِي كُلُّهَا ظُلُمَاتٌ مَحْضَةٌ وَجَهَالَاتٌ صِرْفَةٌ إِلَى الْحَقِّ الْمُؤَسَّسِ عَلَى التَّوْحِيدِ الَّذِي هُوَ نُورٌ بَحْتٌ وَقُرِئَ ( لِيُخْرَجَ النَّاسُ ) بِالْيَاءِ التَّحْتَانِيَّةِ فِي ( يُخْرَجُ ) وَرَفْعُ ( النَّاسُ ) بِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1بِإِذْنِ رَبِّهِمْ أَيْ بِتَيْسِيرِهِ وَتَوْفِيقِهِ تَعَالَى وَهُوَ مُسْتَعَارٌ مِنَ الْإِذْنِ الَّذِي يُوجِبُ تَسْهِيلَ الْحِجَابِ لِمَنْ يَقْصِدُ الْوُرُودَ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَجَازًا مُرْسَلًا بِعَلَامَةِ اللُّزُومِ وَقَالَ
مُحْيِي السُّنَّةِ : إِذْنُهُ تَعَالَى أَمْرُهُ وَقِيلَ : عِلْمُهُ سُبْحَانَهُ وَقِيلَ : إِرَادَتُهُ جَلَّ شَأْنُهُ وَهِيَ عَلَى مَا قِيلَ مُتَقَارِبَةٌ وَمَنَعَ الْإِمَامُ أَنْ يُرَادَ بِذَلِكَ الْأَمْرُ أَوِ الْعِلْمُ وَعَلَّلَهُ بِمَا لَا يَخْلُو عَنْ نَظَرٍ وَفِي الْكَلَامِ عَلَى مَا ذُكِرَ أَوَّلًا ثَلَاثُ اسْتِعَارَاتٍ إِحْدَاهَا مَا سَمِعْتَ فِي الْإِذْنِ وَالْأُخْرَيَانِ فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1الظُّلُمَاتِ وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1النُّورِ وَقَدْ أُشِيرَ إِلَى الْمُرَادِ مِنْهُمَا وَجَوَّزَ الْعَلَّامَةُ
الطَّيِّبِيُّ أَنْ تَكُونَ كُلُّهَا اسْتِعَارَةً مُرَكَّبَةً تَمْثِيلِيَّةً بِتَصْوِيرِ الْهُدَى بِالنُّورِ وَالضَّلَالِ بِالظُّلْمَةِ وَالْمُكَلَّفِ الْمُنْغَمِسِ فِي ظُلْمَةِ الْكُفْرِ بِحَيْثُ لَا يَتَسَهَّلُ لَهُ الْخُرُوجُ إِلَى نُورِ الْإِيمَانِ إِلَّا بِتَفَضُّلِ اللَّهِ تَعَالَى بِإِرْسَالِ رَسُولٍ بِكِتَابٍ يُسَهِّلُ عَلَيْهِ ذَلِكَ كَمَنْ وَقَعَ فِي تِيهٍ مُظْلِمٍ لَيْسَ مِنْهُ خَلَاصٌ فَبُعِثَ مَلَكٌ تَوْقِيعًا لِبَعْضِ خَوَاصِّهِ فِي اسْتِخْلَاصِهِ وَضَمِنَ تَسْهِيلَ ذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ اسْتَعْمَلَ هُنَا مَا كَانَ مُسْتَعْمَلًا هُنَاكَ فَقِيلَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَى آخِرِهِ وَكَانَ الظَّاهِرُ بِإِذْنِنَا إِلَّا أَنَّهُ وُضِعَ ذَلِكَ الظَّاهِرُ مَوْضِعَ الضَّمِيرِ وَقِيلَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1رَبِّهِمْ لِلْإِشْعَارِ بِالتَّرْبِيَةِ وَاللُّطْفِ وَالْفَضْلِ وَبِأَنَّ الْهِدَايَةَ لُطْفٌ مَحْضٌ وَفِيهِ أَنَّ الْكِتَابَ وَالرَّسُولَ وَالدَّعْوَةَ لَا تُجْدِي دُونَ إِذْنِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=56إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ . اهَـ . وَمَا ذَكَرَهُ مِنَ الِاسْتِعَارَةِ التَّمْثِيلِيَّةِ مَعَ بَلَاغَتِهِ وَحُسْنِهِ لَا يَخْلُو عَنْ بُعْدٍ وَكَأَنَّهُ لِلْإِنْبَاءِ عَنْ كَوْنِ التَّيْسِيرِ وَالتَّوْفِيقِ مَنُوطَيْنِ بِالْإِقْبَالِ إِلَى الْحَقِّ كَمَا يُفْصِحُ عَنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=27وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ اسْتُعِيرَ لِذَلِكَ الْإِذْنُ الَّذِي هُوَ مَا عَلِمْتَ وَأُضِيفَ إِلَى ضَمِيرِ النَّاسِ اسْمُ الرَّبِّ الْمُفْصِحِ عَنِ التَّرْبِيَةِ الَّتِي هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ تَبْلِيغِ الشَّيْءِ إِلَى كَمَالِهِ الْمُتَوَجِّهِ إِلَيْهِ وَشُمُولُ
[ ص: 181 ] الْإِذْنِ بِذَلِكَ الْمَعْنَى لِلْكُلِّ وَاضِحٌ وَعَلَيْهِ يَدُورُ كَوْنُ الْإِنْزَالِ لِإِخْرَاجِهِمْ جَمِيعًا وَعَدَمُ تَحَقُّقِ الْإِذْنِ بِالْفِعْلِ فِي بَعْضِهِمْ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ شَرْطِهِ الْمُسْتَنِدِ إِلَى سُوءِ اخْتِيَارِهِمْ وَرَدَاءَةُ اسْتِعْدَادِهِمْ غَيْرُ مُخِلٍّ بِذَلِكَ وَمِنْ هُنَا فَسَادُ قَوْلِ
الطَّبَرْسِيِّ : إِنَّ اللَّامَ لَامُ الْغَرَضِ لَا لَامُ الْعَاقِبَةِ وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ النَّاسِ مُؤْمِنِينَ وَالْوَاقِعُ بِخِلَافِهِ وَذَكَرَ
الْإِمَامُ أَنَّ
الْمُعْتَزِلَةَ اسْتَدَلُّوا بِهَذِهِ الْآيَةِ عَلَى أَنَّ أَفْعَالَ اللَّهِ تَعَالَى تُعَلَّلُ بِرِعَايَةِ الْمَصَالِحِ ثُمَّ سَاقَ دَلِيلَ أَصْحَابِهِ عَلَى امْتِنَاعِ ذَلِكَ وَذَكَرَ أَنَّهُ إِذَا ثَبَتَ الِامْتِنَاعُ يَلْزَمُ تَأْوِيلُ كَلِّ مَا أَشْعَرَ بِخِلَافِهِ وَتَأْوِيلُهُ بِحَمْلِ اللَّامِ عَلَى لَامِ الْعَاقِبَةِ وَنَحْوِهَا وَنُقِلَ عَنِ
ابْنِ الْقَيِّمِ وَغَيْرِهِ الْقَوْلُ بِالتَّعْلِيلِ وَأَنَّهُ مَذْهَبُ السَّلَفِ وَأَنَّ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مَا يَزِيدُ عَلَى عَشَرَةِ آلَافِ مَوْضِعٍ ظَاهِرُهُ فِي ذَلِكَ وَتَأْوِيلُ الْجَمِيعِ خُرُوجٌ عَنِ الْإِنْصَافِ وَلَيْسَ الدَّلِيلُ عَلَى امْتِنَاعِ ذَلِكَ مِنَ الْمَتَانَةِ عَلَى وَجْهٍ يُضْطَرُّ مَعَهُ إِلَى التَّأْوِيلِ وَلِلشَّيْخِ
إِبْرَاهِيمَ الْكُورَانِيِّ فِي بَعْضِ رَسَائِلِهِ كَلَامٌ نَفِيسٌ فِي هَذَا الْغَرَضِ سَالِمٌ فِيمَا أَرَى عَنِ الْعِلَّةِ إِنْ أَرَدْتَهُ فَارْجِعْ إِلَيْهِ وَالْبَاءُ مُتَعَلِّقَةٌ بِـ ( تُخْرِجَ ) عَلَى مَا هُوَ الظَّاهِرُ وَجُوِّزَ أَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِمُضْمَرٍ وَقَعَ حَالًا مِنْ مَفْعُولِهِ أَيْ مُلْتَبِسِينَ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ وَمِنْهُمْ مَنْ جَوَّزَ كَوْنَهُ حَالًا مِنْ فَاعِلِهِ أَيْ مُلْتَبِسًا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ يَأْبَاهُ إِضَافَةُ الرَّبِّ إِلَيْهِمْ لَا إِلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرُدَّ بِمَا رُدَّ فَتَأَمَّلْ وَاسْتَدَلَّ بِالْآيَةِ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ مَعْرِفَةَ اللَّهِ تَعَالَى لَا تَحْصُلُ إِلَّا مِنْ طَرِيقِ التَّعْلِيمِ مِنَ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ ذُكِرَ فِيهَا أَنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ هُوَ الَّذِي يُخْرِجُ النَّاسَ مِنْ ظُلُمَاتِ الضَّلَالِ إِلَى نُورِ الْهُدَى وَأُجِيبَ بِأَنَّ الرَّسُولَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَالْمُنَبِّهِ وَأَمَّا الْمَعْرِفَةُ فَإِنَّمَا تَحْصُلُ مِنَ الدَّلِيلِ وَاسْتَدَلَّ بِهَا أَيْضًا كُلٌّ مِنَ
الْمُعْتَزِلَةِ وَأَهْلِ السُّنَّةِ عَلَى مَذْهَبِهِ فِي أَفْعَالِ الْعِبَادِ وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ فِي تَفْسِيرِ
الْإِمَامِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ . (1) . الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ بَدَلٌ مِنَ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ فِيمَا تَقَدَّمَ أَعْنِي قَوْلَهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1إِلَى النُّورِ وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ : إِنَّ
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1صِرَاطِ بَدَلٌ مِنَ
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1النُّورِ وَأُعِيدَ عَامِلُهُ وَكُرِّرَ لَفْظًا لِيَدُلَّ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=75لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ وَلَا يَضُرُّ الْفَصْلُ بَيْنَ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ مِنْهُ بِمَا قَبْلَهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ أَجْنَبِيٍّ إِذْ هُوَ مِنْ مَعْمُولَاتِ الْعَامِلِ فِي الْمُبْدَلِ مِنْهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَاسْتُشْكِلَ هَذَا مَعَ الِاسْتِعَارَةِ السَّابِقَةِ بِأَنَّ التَّعْقِيبَ بِالْبَدَلِ لَا يَتَقَاعَدُ عَنِ التَّعْقِيبِ بِالْبَيَانِ فِي مِثْلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=187حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطُ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الصِّرَاطَ اسْتِعَارَةٌ أُخْرَى لِلْهُدَى جُعِلَ نُورًا أَوَّلًا لِظُهُورِهِ فِي نَفْسِهِ وَاسْتِضَاءَةِ الضَّلَالِ فِي مُهْوَاةِ الْهَوَى بِهِ ثُمَّ جُعِلَ ثَانِيًا جَادَّةً مَسْلُوكَةً مَأْمُونَةً كَبِنْيَاتِ الطُّرُقِ دَلَالَةً عَلَى تَمَامِ الْإِرْشَادِ .
وَفِي الْإِرْشَادِ أَنَّ إِخْلَالَ الْبَيَانِ وَالْبَدَلِ بِالِاسْتِعَارَةِ إِنَّمَا هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ لَا فِي الْمَجَازِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَجُوِّزَ أَنْ يَكُونَ الْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقًا بِمَحْذُوفٍ عَلَى أَنَّهُ جَوَابُ سَائِلٍ يَسْأَلُ إِلَى أَيِّ نُورٍ فَقِيلَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1إِلَى صِرَاطِ إِلَى آخِرِهِ وَإِضَافَةُ الصِّرَاطِ إِلَيْهِ تَعَالَى لِأَنَّهُ مَقْصِدُهُ أَوِ الْمُبَيِّنُ لَهُ وَتَخْصِيصُ الْوَصْفَيْنِ الْجَلِيلَيْنِ بِالذِّكْرِ لِلتَّرْغِيبِ فِي سُلُوكِهِ إِذْ فِي ذَلِكَ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ يَعِزُّ سَالِكُهُ وَيُحْمَدُ سَابِلُهُ وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11992أَبُو حَيَّانَ : النُّكْتَةُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا ذُكِرَ قَبْلَ إِنْزَالِهِ تَعَالَى لِهَذَا الْكِتَابِ وَإِخْرَاجِ النَّاسِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ نَاسَبَ ذِكْرَ هَاتَيْنِ الصِّفَتَيْنِ
nindex.php?page=treesubj&link=28899_28741_29625_29626صِفَةُ الْعِزَّةِ الْمُتَضَمِّنَةِ لِلْقُدْرَةِ وَالْغَلَبَةِ لِإِنْزَالِهِ مِثْلَ هَذَا الْكِتَابِ الْمُعْجِزِ الَّذِي لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ سِوَاهُ nindex.php?page=treesubj&link=33144وَصِفَةُ الْحَمْدِ لِإِنْعَامِهِ بِأَعْظَمِ النِّعَمِ لِإِخْرَاجِ النَّاسِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَوَجْهُ التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ عَلَى هَذَا ظَاهِرٌ .
وَقَالَ
الْإِمَامُ : إِنَّمَا قُدِّمَ ذِكْرُ الْعَزِيزِ عَلَى ذِكْرِ الْحَمِيدِ لِأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ أَوَّلَ الْعِلْمِ بِاللَّهِ تَعَالَى الْعِلْمُ بِكَوْنِهِ تَعَالَى قَادِرًا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ الْعِلْمُ بِكَوْنِهِ عَالِمًا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ بِكَوْنِهِ غَنِيًّا عَنِ الْحَاجَاتِ وَالْعَزِيزُ هُوَ الْقَادِرُ وَالْحَمِيدُ هُوَ الْعَالِمُ الْغَنِيُّ فَلَمَّا كَانَ الْعِلْمُ بِكَوْنِهِ تَعَالَى قَادِرًا مُتَقَدِّمًا عَلَى الْعِلْمِ بِكَوْنِهِ عَالِمًا بِالْكُلِّ غَنِيًّا عَنْهُ لَا جَرَمَ قُدِّمَ ذِكْرُ الْعَزِيزِ عَلَى ذِكْرِ
[ ص: 182 ] الْحَمِيدِ . اهَـ . وَلَمْ نَرَ تَفْسِيرَ
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=1الْحَمِيدِ بِمَا ذَكَرَ لِغَيْرِهِ وَفِي الْمَوَاقِفِ وَشَرْحِ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى الْحُسْنَى لِحُجَّةِ الْإِسْلَامِ
nindex.php?page=showalam&ids=14847الْغَزَالِيِّ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ الْحَمِيدَ هُوَ الْمَحْمُودُ الْمُثْنَى عَلَيْهِ وَهُوَ سُبْحَانَهُ مَحْمُودٌ بِحَمْدِهِ لِنَفْسِهِ أَزَلًا وَبِحَمْدِ عِبَادِهِ لَهُ تَعَالَى أَبَدًا وَبَيْنَ هَذَا وَمَا ذَكَرَهُ
الْإِمَامُ بُعْدٌ بِعِيدٌ وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ فِي الْعَزِيزِ فَهُوَ قَوْلٌ لِبَعْضِهِمْ وَقِيلَ : هُوَ الَّذِي لَا مِثْلَ لَهُ .
وَرُبَّمَا يُقَالُ عَلَى هَذَا : إِنَّ التَّقْدِيمَ لِلِاعْتِنَاءِ بِالصِّفَاتِ السَّلْبِيَّةِ كَمَا يُؤْذِنُ بِهِ قَوْلُهُمُ : التَّخْلِيَةُ أَوْلَى مِنَ التَّحْلِيَةِ وَكَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=11لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ وَلَعَلَّ كَلَامَهُ قُدِّسَ سِرُّهُ بَعْدُ لَا يَخْلُو عَنْ نَظَرٍ