nindex.php?page=treesubj&link=29497_30539_34310_34330_28985nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=3الذين يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة أي يختارونها عليها فإن المختار للشيء يطلب من نفسه أن يكون أحب إليه من غيره فالسين للطلب والمحبة مجاز مرسل عن الاختيار والإيثار بعلامة اللزوم في الجملة فلا يضر وجود أحدهما بدون الآخر كاختيار المريض الدواء المر لنفعه وترك ما يحبه ويشتهيه من الأطعمة اللذيذة لضرره ولاعتبار التجوز عدى الفعل بعلى ويجوز أن يكون استفعل بمعنى أفعل كاستجاب بمعنى أجاب والفعل مضمن معنى الاختيار والتعدية بعلى لذلك
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=3ويصدون عن سبيل الله يعوقون الناس ويمنعونهم عن دين الله تعالى والإيمان به وهو الصراط الذي بين شأنه والاقتصار على الإضافة إلى الاسم الجليل المنطوي على كل وصف جميل لزوم الاختصار .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن ( يصدون ) من أصد المنقول من صده صدودا إذا تنكب وحاد وهو ليس بفصيح بالنسبة إلى القراءة الأخرى لأن في صده مندوحة عن تكلف النقل ولا محذور في كون القراءة المتواترة أفصح من غيرها ومن مجيء أصد قوله : .
أناس أصدوا الناس بالسيف عنهم صدود السواقي عن أنوف الحوائم
ونظير هذا وقفه وأوقفه
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=3ويبغونها أي يبغون لها فحذف الجار وأوصل الفعل إلى الضمير أي يطلبون لها
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=3عوجا أي زيغا واعوجاجا وهي أبعد شيء عن ذلك أي يقولون لمن يريدون صده وإضلاله عن السبيل هي سبيل ناكبة وزائغة غير مستقيمة وقيل : المعنى يطلبون أن يروا فيها ما يكون عوجا قادحا فيها كقول من لم يصل إلى العنقود وليسوا بواجدين ذلك وكلا المعنيين أنسب مما قيل : إن المعنى يبغون أهلها أن يعرجوا بالردة ومحل موصول هذه الصلات الجر على أنه بدل كما قيل من ( الكافرين ) فيعتبر كل وصف من أوصافهم بما يناسبه من المعاني المعتبرة في الصراط فالكفر المنبئ عن الستر بإزاء كونه نورا واستحباب
[ ص: 184 ] الحياة الدنيا الفانية المفصحة عن وخامة العاقبة بمقابلة كون مسلوكه محمود العاقبة والصد عنه بإزاء كونه سالكه عزيزا .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14183الحوفي nindex.php?page=showalam&ids=14803وأبو البقاء : إنه صفة ( الكافرين ) ورد ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=11992أبو حيان بأن فيه الفصل بين الصفة والموصوف بأجنبي وهو
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=2من عذاب شديد سواء كان في موضع الصفة لويل أو متعلقا بمحذوف ونظير ذلك على الوصفية قولك : الدار لزيد الحسنة القرشي وهو لا يجوز لأنك قد فصلت بين زيد وصفته بأجنبي عنهما والتركيب الصحيح فيه أن يقال : الدار الحسنة لزيد القرشي أو الدار لزيد القرشي الحسنة وقيل إذا جعل
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=2من عذاب شديد خبر مبتدأ محذوف والجملة اعتراضية لا يضر الفصل بها وهو كما ترى وجوز أن يكون محله النصب على الذم أو الرفع عليه بأن يقدر أنه كان نعتا فقطع أي هم الذين وجوز أن لا يقدر ذلك ويجعل مبتدأ خبره قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=3أولئك في ضلال أي بعد عن الحق
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=3بعيد . (3) . وهو على غير هذا الوجه استئناف في موضع التعليل وفيه تأكيد لما أشعر به بناء الحكم على الموصول والمراد أنهم قد ضلوا عن الحق ووقعوا عنه بمراحل وفي الآية من المبالغة في ضلالهم ما لا يخفى حيث أسند فيها إلى المصدر ما هو لصاحبه مجازا كجد جده إلا أن الفرق بين ما نحن فيه وذاك أن المسند إليه في الأول مصدر غير المسند وفي ذاك مصدره وليس بينهما بعد .
ويجوز أن يقال : إنه أسند فيها ما للشخص إلى سبب اتصافه بما وصف به بناء على أن البعد في الحقيقة صفة له باعتبار بعد مكانه عن مقصده وسبب بعده ضلاله لأنه لو لم يضل لم يبعد عنه فيكون كقولك : قتل فلانا عصيانه والإسناد مجازي وفيه المبالغة المذكورة أيضا وفي الكشاف هو من الإسناد المجازي والبعد في الحقيقة للضال فوصف به فعله ويجوز أن يراد في ضلال ذي بعد أو فيه بعد لأن الضال قد يضل عن الطريق مكانا قريبا وبعيدا وكتب عليه في الكشف أن الإسناد المجازي على جعل البعد لصاحب الضلال لأنه الذي يتباعد عن طريق الضلال فوصف ضلاله بوصفه مبالغة وليس المراد إبعادهم في الضلال وتعمقهم فيه .
وأما قوله : فيجوز أن يراد في ضلال ذي بعد فعلى هذا البعد صفة للضلال حقيقة بمعنى بعد غوره وأنه هاوية لا نهاية لها وقوله : أو فيه بعد على جعل الضلال مستقرا للبعد بمنزلة مكان بعيد عن الجادة وهو معنى بعده في نفسه عن الحق لتضادهما وإليه الإشارة بقوله : لأن الضال قد يضل مكانا بعيدا وقريبا والغرض بيان غاية التضاد وأنه بعد لا يوازن وزانه وعلى جميع التقادير البعد مستفاد من البعد المسافي إلى تفاوت ما بين الحق والباطل أو ما بين أهلهما وجاز أن يكون قوله : ذي بعد أو فيه بعد وجها واحدا إشارة إلى الملابسة بين الضلال والبعد لا بواسطة صاحب الضلال لكن الأول أولى تكثيرا للفائدة ثم قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=3أولئك في ضلال دون أن يقول سبحانه : أولئك ضالون ضلالا بعيدا للدلالة على تمكنهم فيه تمكن المظروف في الظرف وتصوير اشتمال الضلال عليهم اشتمال المحيط على المحاط وليكون كناية بالغة في إثبات الوصف أعني الضلال على الأوجه فافهم
nindex.php?page=treesubj&link=29497_30539_34310_34330_28985nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=3الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ أَيْ يَخْتَارُونَهَا عَلَيْهَا فَإِنَّ الْمُخْتَارَ لِلشَّيْءِ يَطْلُبُ مِنْ نَفْسِهِ أَنْ يَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ غَيْرِهِ فَالسِّينُ لِلطَّلَبِ وَالْمَحَبَّةُ مَجَازٌ مُرْسَلٌ عَنِ الِاخْتِيَارِ وَالْإِيثَارُ بِعَلَامَةِ اللُّزُومِ فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يَضُرُّ وُجُودُ أَحَدِهِمَا بِدُونِ الْآخَرِ كَاخْتِيَارِ الْمَرِيضِ الدَّوَاءَ الْمُرَّ لِنَفْعِهِ وَتَرْكِ مَا يُحِبُّهُ وَيَشْتَهِيهِ مِنَ الْأَطْعِمَةِ اللَّذِيذَةِ لِضَرَرِهِ وَلِاعْتِبَارِ التَّجَوُّزِ عَدَّى الْفِعْلَ بِعَلَى وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اسْتَفْعَلْ بِمَعْنَى أَفْعَلَ كَاسْتَجَابَ بِمَعْنَى أَجَابَ وَالْفِعْلُ مُضَمَّنٌ مَعْنَى الِاخْتِيَارِ وَالتَّعْدِيَةُ بِعَلَى لِذَلِكَ
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=3وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ يَعُوقُونَ النَّاسَ وَيَمْنَعُونَهُمْ عَنْ دِينِ اللَّهِ تَعَالَى وَالْإِيمَانِ بِهِ وَهُوَ الصِّرَاطُ الَّذِي بَيَّنَ شَأْنَهُ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى الْإِضَافَةِ إِلَى الِاسْمِ الْجَلِيلِ الْمُنْطَوِي عَلَى كُلِّ وَصْفٍ جَمِيلٍ لُزُومُ الِاخْتِصَارِ .
وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ ( يَصُدُّونَ ) مِنْ أَصَدَّ الْمَنْقُولِ مِنْ صَدَّهُ صُدُودًا إِذَا تَنَكَّبَ وَحَادَ وَهُوَ لَيْسَ بِفَصِيحٍ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْقِرَاءَةِ الْأُخْرَى لِأَنَّ فِي صَدِّهِ مَنْدُوحَةً عَنْ تَكَلُّفِ النَّقْلِ وَلَا مَحْذُورَ فِي كَوْنِ الْقِرَاءَةِ الْمُتَوَاتِرَةِ أَفْصَحَ مِنْ غَيْرِهَا وَمِنْ مَجِيءِ أَصُدُّ قَوْلُهُ : .
أُنَاسٌ أَصَدُّوا النَّاسَ بِالسَّيْفِ عَنْهُمْ صُدُودَ السَّوَاقِي عَنْ أُنُوفِ الْحَوَائِمِ
وَنَظِيرُ هَذَا وَقَفَهُ وَأَوْقَفَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=3وَيَبْغُونَهَا أَيْ يَبْغُونَ لَهَا فَحُذِفَ الْجَارُّ وَأُوصِلَ الْفِعْلُ إِلَى الضَّمِيرِ أَيْ يَطْلُبُونَ لَهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=3عِوَجًا أَيْ زَيْغًا وَاعْوِجَاجًا وَهِيَ أَبْعَدُ شَيْءٍ عَنْ ذَلِكَ أَيْ يَقُولُونَ لِمَنْ يُرِيدُونَ صَدَّهُ وَإِضْلَالَهُ عَنِ السَّبِيلِ هِيَ سَبِيلٌ نَاكِبَةٌ وَزَائِغَةٌ غَيْرُ مُسْتَقِيمَةٍ وَقِيلَ : الْمَعْنَى يَطْلُبُونَ أَنْ يَرَوْا فِيهَا مَا يَكُونُ عِوَجًا قَادِحًا فِيهَا كَقَوْلِ مَنْ لَمْ يَصِلْ إِلَى الْعُنْقُودِ وَلَيْسُوا بِوَاجِدِينَ ذَلِكَ وَكِلَا الْمَعْنَيَيْنِ أَنْسَبُ مِمَّا قِيلَ : إِنَّ الْمَعْنَى يَبْغُونَ أَهْلَهَا أَنْ يُعَرِّجُوا بِالرِّدَّةِ وَمَحَلُّ مَوْصُولِ هَذِهِ الصِّلَاتِ الْجَرُّ عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ كَمَا قِيلَ مِنَ ( الْكَافِرِينَ ) فَيُعْتَبَرُ كُلُّ وَصْفٍ مِنْ أَوْصَافِهِمْ بِمَا يُنَاسِبُهُ مِنَ الْمَعَانِي الْمُعْتَبَرَةِ فِي الصِّرَاطِ فَالْكُفْرُ الْمُنْبِئُ عَنِ السَّتْرِ بِإِزَاءِ كَوْنِهِ نُورًا وَاسْتِحْبَابُ
[ ص: 184 ] الْحَيَاةِ الدُّنْيَا الْفَانِيَةِ الْمُفْصِحَةِ عَنْ وَخَامَةِ الْعَاقِبَةِ بِمُقَابَلَةِ كَوْنِ مَسْلُوكِهِ مَحْمُودَ الْعَاقِبَةِ وَالصَّدُّ عَنْهُ بِإِزَاءِ كَوْنِهِ سَالِكَهُ عَزِيزًا .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14183الْحَوْفِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=14803وَأَبُو الْبَقَاءِ : إِنَّهُ صِفَةُ ( الْكَافِرِينَ ) وَرَدَّ ذَلِكَ
nindex.php?page=showalam&ids=11992أَبُو حَيَّانَ بِأَنَّ فِيهِ الْفَصْلَ بَيْنَ الصِّفَةِ وَالْمَوْصُوفِ بِأَجْنَبِيٍّ وَهُوَ
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=2مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ سَوَاءٌ كَانَ فِي مَوْضِعِ الصِّفَةِ لِوَيْلٍ أَوْ مُتَعَلِّقًا بِمَحْذُوفٍ وَنَظِيرُ ذَلِكَ عَلَى الْوَصْفِيَّةِ قَوْلُكَ : الدَّارُ لِزَيْدٍ الْحَسَنَةُ الْقُرَشِيِّ وَهُوَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّكَ قَدْ فَصَلْتَ بَيْنَ زَيْدٍ وَصِفَتِهِ بِأَجْنَبِيٍّ عَنْهُمَا وَالتَّرْكِيبُ الصَّحِيحُ فِيهِ أَنْ يُقَالَ : الدَّارُ الْحَسَنَةُ لِزَيْدٍ الْقُرَشِيِّ أَوِ الدَّارُ لِزَيْدٍ الْقُرَشِيِّ الْحَسَنَةُ وَقِيلَ إِذَا جُعِلَ
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=2مِنْ عَذَابٍ شَدِيدٍ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَالْجُمْلَةُ اعْتِرَاضِيَّةٌ لَا يَضُرُّ الْفَصْلُ بِهَا وَهُوَ كَمَا تَرَى وَجُوِّزَ أَنْ يَكُونَ مَحَلُّهُ النَّصْبَ عَلَى الذَّمِّ أَوِ الرَّفْعَ عَلَيْهِ بِأَنْ يُقَدَّرَ أَنَّهُ كَانَ نَعْتًا فَقُطِعَ أَيْ هُمُ الَّذِينَ وَجُوِّزَ أَنْ لَا يُقَدَّرَ ذَلِكَ وَيُجْعَلَ مُبْتَدَأً خَبَرُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=3أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ أَيْ بُعْدٍ عَنِ الْحَقِّ
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=3بَعِيدٍ . (3) . وَهُوَ عَلَى غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ اسْتِئْنَافٌ فِي مَوْضِعِ التَّعْلِيلِ وَفِيهِ تَأْكِيدٌ لَمَا أَشْعَرَ بِهِ بِنَاءُ الْحُكْمِ عَلَى الْمَوْصُولِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا عَنِ الْحَقِّ وَوَقَعُوا عَنْهُ بِمَرَاحِلَ وَفِي الْآيَةِ مِنَ الْمُبَالَغَةِ فِي ضَلَالِهِمْ مَا لَا يَخْفَى حَيْثُ أُسْنِدَ فِيهَا إِلَى الْمَصْدَرِ مَا هُوَ لِصَاحِبِهِ مَجَازًا كَجَدِّ جَدِّهِ إِلَّا أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ مَا نَحْنُ فِيهِ وَذَاكَ أَنَّ الْمُسْنَدَ إِلَيْهِ فِي الْأَوَّلِ مَصْدَرٌ غَيْرُ الْمُسْنَدِ وَفِي ذَاكَ مَصْدَرُهُ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا بُعْدٌ .
وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ : إِنَّهُ أَسْنَدَ فِيهَا مَا لِلشَّخْصِ إِلَى سَبَبِ اتَّصَافِهِ بِمَا وُصِفَ بِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْبُعْدَ فِي الْحَقِيقَةِ صِفَةٌ لَهُ بِاعْتِبَارِ بُعْدِ مَكَانِهِ عَنْ مَقْصِدِهِ وَسَبَبُ بُعْدِهِ ضَلَالُهُ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَضِلَّ لَمْ يَبْعُدْ عَنْهُ فَيَكُونُ كَقَوْلِكَ : قَتَلَ فُلَانًا عِصْيَانُهُ وَالْإِسْنَادُ مَجَازِيٌّ وَفِيهِ الْمُبَالَغَةُ الْمَذْكُورَةُ أَيْضًا وَفِي الْكَشَّافِ هُوَ مِنَ الْإِسْنَادِ الْمَجَازِيِّ وَالْبُعْدُ فِي الْحَقِيقَةِ لِلضَّالِّ فَوُصِفَ بِهِ فِعْلُهُ وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ فِي ضَلَالٍ ذِي بُعْدٍ أَوْ فِيهِ بُعْدٌ لِأَنَّ الضَّالَّ قَدْ يَضِلُّ عَنِ الطَّرِيقِ مَكَانًا قَرِيبًا وَبَعِيدًا وَكَتَبَ عَلَيْهِ فِي الْكَشْفِ أَنَّ الْإِسْنَادَ الْمَجَازِيَّ عَلَى جَعْلِ الْبُعْدِ لِصَاحِبِ الضَّلَالِ لِأَنَّهُ الَّذِي يَتَبَاعَدُ عَنْ طَرِيقِ الضَّلَالِ فَوَصَفَ ضَلَالَهُ بِوَصْفِهِ مُبَالَغَةً وَلَيْسَ الْمُرَادُ إِبْعَادَهُمْ فِي الضَّلَالِ وَتَعَمُّقَهُمْ فِيهِ .
وَأَمَّا قَوْلُهُ : فَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ فِي ضَلَالٍ ذِي بُعْدٍ فَعَلَى هَذَا الْبُعْدُ صِفَةٌ لِلضَّلَالِ حَقِيقَةً بِمَعْنَى بُعْدِ غَوْرِهِ وَأَنَّهُ هَاوِيَةٌ لَا نِهَايَةَ لَهَا وَقَوْلُهُ : أَوْ فِيهِ بُعْدٌ عَلَى جَعْلِ الضَّلَالِ مُسْتَقَرًّا لِلْبُعْدِ بِمَنْزِلَةِ مَكَانٍ بَعِيدٍ عَنِ الْجَادَّةِ وَهُوَ مَعْنَى بُعْدِهِ فِي نَفْسِهِ عَنِ الْحَقِّ لِتَضَادِّهِمَا وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ : لِأَنَّ الضَّالَّ قَدْ يَضِلُّ مَكَانًا بَعِيدًا وَقَرِيبًا وَالْغَرَضُ بَيَانُ غَايَةِ التَّضَادِّ وَأَنَّهُ بُعْدٌ لَا يُوَازَنُ وِزَانُهُ وَعَلَى جَمِيعِ التَّقَادِيرِ الْبُعْدُ مُسْتَفَادٌ مِنَ الْبُعْدِ الْمَسَافِيِّ إِلَى تَفَاوُتِ مَا بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ أَوْ مَا بَيْنَ أَهْلِهِمَا وَجَازَ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ : ذِي بُعْدٍ أَوْ فِيهِ بُعْدٌ وَجْهًا وَاحِدًا إِشَارَةً إِلَى الْمُلَابَسَةِ بَيْنَ الضَّلَالِ وَالْبُعْدِ لَا بِوَاسِطَةِ صَاحِبِ الضَّلَالِ لَكِنَّ الْأَوَّلَ أَوْلَى تَكْثِيرًا لِلْفَائِدَةِ ثُمَّ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=3أُولَئِكَ فِي ضَلالٍ دُونَ أَنْ يَقُولَ سُبْحَانَهُ : أُولَئِكَ ضَالُّونَ ضَلَالًا بَعِيدًا لِلدَّلَالَةِ عَلَى تَمَكُّنِهِمْ فِيهِ تَمَكُّنَ الْمَظْرُوفِ فِي الظَّرْفِ وَتَصْوِيرِ اشْتِمَالِ الضَّلَالِ عَلَيْهِمُ اشْتِمَالَ الْمُحِيطِ عَلَى الْمُحَاطِ وَلِيَكُونَ كِنَايَةً بَالِغَةً فِي إِثْبَاتِ الْوَصْفِ أَعْنِي الضَّلَالَ عَلَى الْأَوْجُهِ فَافْهَمْ