واختلفوا في ، فقال المكاتب إذا مات وترك وفاء علي بن أبي طالب وزيد بن ثابت : ( تؤدى كتابته بعد موته ويعتق ) ، وهو قول وابن الزبير أبي حنيفة وزفر وأبي يوسف ومحمد وابن أبي ليلى وابن شبرمة وعثمان البتي والثوري ؛ وقالوا : ( إن فضل شيء فهو ميراث لورثته فإن لم يترك وفاء وترك ولدا ولدوا في كتابته سعوا فيما على أبيهم من النجوم ) . والحسن بن صالح
وقال مالك : ( إن ترك ولدا قد دخلوا في كتابته سعوا فيها على النجوم وعتق المكاتب وولده ، وإن لم يترك من دخل في كتابته فقد مات عبدا لا تؤدى كتابته من ماله وجميع ماله للمولى ) . وقال والليث : ( إذا مات وقد بقي عليه درهم فقد مات عبدا لا يلحقه عتق بعد ذلك ) . وروي عن الشافعي : ( أن جميع ماله لسيده ولا تؤدى منه كتابته ) . ابن عمر
قال : لا تخلو الكتابة من أن تكون في معنى الأيمان المعقودة على شروط يبطلها موت المولى أو العبد أيهما كان ، مثل أن يقول : ( إن دخلت الدار فأنت حر ) ثم يموت المولى أو العبد فيبطل اليمين ولا يعتق بالشرط ، أو أن تكون في معنى عقود البياعات التي لا تبطلها الشروط ؛ فلما كان موت المولى لا يبطل الكتابة ويعتق بالأداء إلى الورثة وجب أن لا يبطله موت العبد أيضا ما دام الأداء ممكنا ، وهو أن يترك وفاء فتؤدى كتابته من ماله ويحكم بعتقه قبل الموت بلا فصل . أبو بكر
فإن قيل : لا يصح [ ص: 187 ] عتق الميت وقد علمنا أنه مات عبدا ؛ لأن المكاتب عبد ما بقي عليه درهم ، قيل له : إذا مات وترك وفاء فحكمه موقوف مراعى ، فإن أديت كتابته حكمنا بأنه كان حرا قبل الموت بلا فصل ، كما أن الميت لا يصح منه إيقاع عتق بعد الموت ثم إذا مات المولى فأدى المكاتب الكتابة حكمنا بعتق موقع من جهة الميت ويكون الولاء له ، وليس يمتنع في الأصول نظائر ذلك من كون الشيء مراعى على معنى متى وجد حكم بوقوعه بحال متقدمة مثل من جرح رجلا فيكون حكم جراحته مراعى ، فلو مات الجارح ثم مات المجروح من الجراحة حكمنا بأنه كان قاتلا يوم الجراحة مع استحالة وقوع القتل منه بعد موته ، وكما أأن رجلا لو حفر بئرا في طريق المسلمين ثم مات فوقعت فيها دابة لإنسان لحقه ضمانها وصار بمنزلة جنايته قبل الموت من بعض الوجوه ؛ فلو كان ترك عبدا فأعتقه الوارث ثم وقعت فيها دابة ضمن الوارث قيمة العبد وحكمنا في باب الضمان بأن الجناية كانت موجودة يوم الموت .
ولو أن رجلا مات وترك حملا فوضعته لأقل من سنتين بيوم ورثه ، وإن كان معلوما أنه كان نطفة وقت موته ولم يكن ولدا ثم قد حكمنا له بحكم الولد حين وضعته . ولو أن رجلا مات وترك ابنين وألف درهم وعليه دين ألف درهم أنهما لا يرثانه ، فإن مات أحد الابنين عن ابن ثم أبرأ الغريم من الدين أخذ ابن الميت منها حصته ميراثا عن أبيه ؛ ومعلوم أن الابن لم يكن مالكا له يوم الموت ولكنه جعل في حكم المالك لتقدم سببه ، كذلك المكاتب يحكم بعتقه عند الأداء قبل الموت بلا فصل ، ألا ترى أن المقتول خطأ لا تجب ديته إلا بعد الموت وهو لا يملك بعد الموت شيئا ؟ فجعلت الدية في حكم ما هو مالكه في باب كونها ميراثا لورثته وأنه يقضى منها ديته وتنفذ منها وصاياه