ولما كانت الآيات - لما فيها من البلاغة المعجزة، والحكم المعجبة داعية إلى تقبلها بعد تأملها، وكانوا يعرضون عنها ويفحشون في وصفتها تارة بالسحر وأخرى بالشعر، وكرة بالكهانة ومرة بغيرها،تسبب عن ذلك الإنكار عليهم فقال معرضا عنهم إيذانا بالغضب مسندا إلى الجمع الذي هو أولى بإلقاء السمع: أفلم يدبروا القول أي المتلو عليهم بأن ينظروا في أدباره وعواقبه ولو لم يبلغوا في نظرهم [ ص: 165 ] الغاية بما أشار إليه الإدغام، ليعلموا أنه موجب للإقبال والوصال، والوصف بأحسن المقال، لعله عبر بالقول إشارة إلى أن من لم يتقبله ليس بأهل لفهم شيء من القول بل هو في عداد البهائم أم جاءهم في هذا القول من الأوامر بالتوحيد الآتي بها الرسول الذي هو من نسل إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام وما ترتب على ذلك من الأوامر التي لا يجهل حسم فعلها عاقل، والنواهي التي - كما يشهد بقبح إتيانها العالم - يقطع بها الجاهل، وبالرسالة برسول من البشر ما لم يأت آباءهم الأولين الذين بعد إسماعيل وقبله.