ولما فرغ بما قد يجر إلى الطعن في القول أو القائل، أشار إلى العناد في أمر القائل والقول والرسول بقوله: أم يقولون أي بعد تدبر ما أتى به وعدم عثورهم فيه على وجه من وجوه الطعن به أي برسولهم جنة أي فلا يوثق به لأنه قد يخلط فيأتي بما فيه مطعن وإن خفي وجه الطعن فيه في الحال.
ولما كانت هذه الأقسام منتفية ولا سيما الأخير المستلزم عادة للتخليط المستلزم للباطل، فإنهم أعرف الناس بهذا الرسول الكريم وأنه أكملهم خلقا، وأشرفهم خلقا، وأطهرهم شيما، وأعظمهم همما، وأرجحهم عقلا، وأمتنهم رأيا وأرضاهم قولا، وأصوبهم فعلا، أضرب عنها وقال: بل أي لم ينكصوا عند سماع الآيات ويسمروا ويهجروا لاعتقاد شيء مما مضى، وإنما فعلوا ذلك لأن هذا الرسول الكريم جاءهم بالحق الذي لا تخليط فيه بوجه، ولا شيء أثبت منه ولا أبين مما فيه من التوحيد والأحكام، ولقد أوضح ذلك تحديهم بهذا الكتاب فعجزوا فهو بحيث لا يجهله منصف وأكثرهم أي والحال أن أكثرهم للحق كارهون متابعة [ ص: 167 ] للأهواء الرديئة والشهوات البهيمية عنادا، وبعضهم يتركونه جهلا وتقليدا أو خوفا من أن يقال: صبأ، وبعضهم يتبعه توفيقا من الله وتأييدا.