ولما نبه على خداعهم، أشار إلى عدم الاغترار بإيمانهم، وإلى [ ص: 302 ] قبول شهادة التوسم فيهم، أمر بترغيبهم وترهيبهم، مشيرا إلى الإعراض عن عقوبتهم فقال: قل أطيعوا أيها الذين أقروا بالإيمان الله أي الذي له الكمال المطلق وأطيعوا الرسول أي الذي له الرسالة المطلقة، ظاهرا وباطنا لا كالمنافقين فإن تولوا أي توجد منكم التولية عن ذلك عصيانا له ولو على أدنى وجوه التولية - بما أشار إليه حذف التاء، تضلوا فلا تضروا إلا أنفسكم، وهو معنى قوله: فإنما عليه أي الرسول ما حمل أي من التبليغ ممن إذا حمل أحدا شيئا فلا بد من حمله له أو حمل ما هو أثقل منه وعليكم ما حملتم من القبول، وليس عليه أن يقسركم على الهداية; وأفهم بقوله: وإن تطيعوه أي بالإقبال على كل ما يأمركم به تهتدوا أي إلى كل خير أنه لا هداية لهم بدون متابعته; روى في زيادات المسند عن عبد الله ابن الإمام أحمد النعمان بن بشير رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال على المنبر: رضي الله عنه: عليكم بالسواد الأعظم! قال فقال رجل: ما السواد الأعظم؟ [ ص: 303 ] فنادى أبو أمامة الباهلي هذه الآية في سورة النور أبو أمامة فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم . من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير، ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله، والتحدث بنعمة الله شكر، وتركه كفر، والجماعة رحمة، والفرقة عذاب قال: فقال
ولما كان ما حمله الرسول صلى الله عليه وسلم مبهما، عينه بقوله: وما على الرسول أي من جهة غيره إلا البلاغ المبين أي التبليغ الذي يحصل به البلاغ من غير شك، إما بالإيضاح وحده أو مضموما إلى السيف فما دونه من أنواع الزواجر.