ولما ذكر جزاء المستكبرين، فتشوفت النفس إلى جزاء المتواضعين، أشار إلى جزائهم بفاء السبب، إشارة إلى أنه هو الذي وفقهم لهذه الأعمال برحمته، وجعلها سببا إلى دخول جنته، ولو شاء لكان [ ص: 257 ] غير ذلك [فقال:] فلا تعلم نفس أي من جميع النفوس مقربة ولا غيرها ما أخفي لهم أي لهؤلاء المتذكرين من العالم بمفاتيح الغيوب وخزائنها كما كانوا يخفون أعمالهم بالصلاة في جوف الليل وغير ذلك ولا يراؤون بها، ولعله بني للمفعول في قراءة الجماعة تعظيما له بذهاب الفكر في المخفي كل مذهب أو للعلم بأنه الله تعالى الذي أخفوا نوافل أعمالهم لأجله، وسكن الياء على أنه للمتكلم سبحانه لفتا لأسلوب العظمة إلى أسلوب الملاطفة، والسر مناسبته لحال الأعمال. حمزة
ولما كانت العين لا تقر فتهجع إلا عند الأمن والسرور قال: من قرة أعين أي من شيء نفيس سار تقر به أعينهم لأجل ما أقلعوها عن قرارها بالنوم; ثم صرح بما أفهمته فاء السبب فقال: جزاء أي أخفاها لهم لجزائهم بما كانوا [أي] بما هو لهم كالجبلة يعملون روى في التفسير عن البخاري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبي هريرة اقرؤوا إن شئتم أبو هريرة: فلا تعلم نفس الآية. "قال الله عز وجل: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر" ، قال