الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المكتبة الإسلامية

الرئيسية
المكتبة الإسلامية

نظم الدرر في تناسب الآيات والسور

البقاعي - برهان الدين أبي الحسن إبراهيم بن عمر البقاعي

صفحة

جزء

يصلح لكم أعمالكم أي بأن يدخلكم في العمل الصالح وأنتم لا تعلمون ما ينبغي من كيفيته فيبصركم بها شيئا فشيئا ويوفقكم للعمل بما جلاه لكم حتى تكونوا على أتم وجه وأعظمه وأرضاه وأقومه ببركة قولكم الحق على الوجه الحسن الجميل.

ولما كان الإنسان وإن اجتهد مقصرا، قال مشيرا إلى ذلك حتى لا يزال معترفا بالعجز: ويغفر لكم ذنوبكم أي يمحوها عينا وأثرا فلا يعاقب عليها ولا يعاتب، ولما كان ربما توهم أن هذا خاص بمن آمن، وأن تجديد الإيمان غير نافع، أزال هذا الوهم بقوله: ومن يطع الله أي الذي لا أعظم منه ورسوله أي الذي عظمته من عظمته بأن يجدد لها الطاعة بالإيمان وثمراته في كل وقت، فيكون مؤديا للأمانة إلى أهلها فقد فاز وأكد ذلك بقوله: فوزا عظيما أي ظفرا بجميع مراداته في الدنيا والآخرة.

يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ أَيْ بِأَنْ يُدْخِلَكُمْ فِي الْعَمَلِ الصَّالِحِ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ مَا يَنْبَغِي مِنْ كَيْفِيَّتِهِ فَيُبَصِّرُكُمْ بِهَا شَيْئًا فَشَيْئًا وَيُوَفِّقُكُمْ لِلْعَمَلِ بِمَا جَلَّاهُ لَكُمْ حَتَّى تَكُونُوا عَلَى أَتَمِّ وَجْهٍ وَأَعْظَمِهِ وَأَرْضَاهُ وَأَقُومِهِ بِبَرَكَةِ قَوْلِكُمُ الْحَقَّ عَلَى الْوَجْهِ الْحَسَنِ الْجَمِيلِ.

وَلَمَّا كَانَ الْإِنْسَانُ وَإِنِ اجْتَهَدَ مُقَصِّرًا، قَالَ مُشِيرًا إِلَى ذَلِكَ حَتَّى لَا يَزَالَ مُعْتَرِفًا بِالْعَجْزِ: وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ أَيْ يَمْحُوهَا عَيْنًا وَأَثَرًا فَلَا يُعَاقِبُ عَلَيْهَا وَلَا يُعَاتِبُ، وَلَمَّا كَانَ رُبَّمَا تَوَهَّمَ أَنَّ هَذَا خَاصٌّ بِمَنْ آمَنَ، وَأَنَّ تَجْدِيدَ الْإِيمَانِ غَيْرُ نَافِعٍ، أَزَالَ هَذَا الْوَهْمَ بِقَوْلِهِ: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ أَيِ الَّذِي لَا أَعْظَمَ مِنْهُ وَرَسُولَهُ أَيِ الَّذِي عَظَمَتُهُ مِنْ عَظَمَتِهِ بِأَنْ يُجَدِّدَ لَهَا الطَّاعَةَ بِالْإِيمَانِ وَثَمَرَاتِهِ فِي كُلِّ وَقْتٍ، فَيَكُونُ مُؤَدِّيًا لِلْأَمَانَةِ إِلَى أَهْلِهَا فَقَدْ فَازَ وَأَكَّدَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: فَوْزًا عَظِيمًا أَيْ ظَفَرًا بِجَمِيعِ مُرَادَاتِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.

التالي السابق

الخدمات العلمية

تفسير الآية ترجمة علم عناوين الشجرة تخريج حديث