حذفت الهاء من بضع فرقا بين المذكر والمؤنث، وفتحت النون من سنين لأنه جمع مسلم ، ومن العرب من يقول في بضع سنين كما يقول: من غسلين وإن جاز فجمع سنة بالواو والنون والياء والنون لأنه قد حذف منها شيء فجعل هذا الجمع عوضا، وكسرت السين وكانت مفتوحة في سنة لأن الكسرة جعلت دليلا على أنه جمع على غير ما يجب له. هذا قول البصريين، ويلزم أن يضمها إلا أنه يقول: الضمة دليل على الواو وقد حذف من سنة واو في أحد القولين ولا يضمها أحد علمناه الفراء لله الأمر من قبل ومن بعد ويقال: من قبل ومن بعد، وحكى عن بعض الكسائي بني أسد (لله الأمر من قبل ومن [ ص: 263 ] بعد) الأول مخفوض منون والثاني مضموم بلا تنوين: وحكى "من قبل ومن بعد" مخفوضين بغير تنوين، الفراء في هذا الفصل من كتابه في القرآن أشياء كثيرة، الغلط فيها بين فمنها أنه زعم أنه يجوز "من قبل ومن بعد" كما قال الشاعر: وللفراء
إلا علالة أو بداهة سابح نهد الجزاره
وكما قال:
يا من رأى عارضا أكفكفه بين ذراعي وجبهة الأسد
والغلط في هذا بين لأنه ليس في القرآن لله الأمر من قبل ومن بعد ذلك، فيكون مثل قوله: "بين ذراعي وجبهة الأسد" ألا ترى أنك تقول: أخذته بنصف وربع الدرهم، ولا يجوز: أخذته بنصف وربع، وتقول: قطع الله يد ورجل زيد.
ولا يجوز يد ورجل، على أن هذا أيضا ليس بكثير في كلام العرب وإنما يحمل كتاب الله على الكثير والفصيح، ولا يجوز أن يقاس عليه ما لا يشبهه ولو [ ص: 264 ] قلت: اشتريت دار وغلام عمرو، لم يجز عند أحد علمناه ومن ذلك أنه زعم أنه يجوز من قبل ومن بعد وأنت تريد الإضافة وهذا نقض الباب كله لأن الضم إنما كان فيه لعدم الإضافة وإرادتها، فإذا خفضت وأنت تريدها تناقض الكلام وإنما يجوز "من قبل ومن بعد" على أنهما نكرتان. قال : والمعنى من متقدم ومن متأخر، ومنها أنه شبه من قبل ومن بعد بقولهم: من عل، وأنشد: أبو إسحاق
إن تأت من تحت أجئها من عل أهل
وليس من قبل ومن بعد من باب من عل. قال : ولم يسكنوا من الأسماء ما ضارع المتمكن ولا ما جعل في موضع بمنزلة غير المتمكن. فالمضارع "من عل" حركوه لأنهم يقولون: من عل فأما التمكن الذي جعل بمنزلة غير المتمكن فقولهم: أبدأ بهذا أول ويا حكم، أفلا ترى أن سيبويه لحذقه قد فصل بين "من عل" وبين "أول" ثم جاء سيبويه فجمع بينهما، وأنشد الذي ذكرناه وأنشد: الفراء
فوالله ما أدري وإني لأوجل على أينا تعدو المنية أول
فخلط الجميع في الباب وجاء بهما في "قبل وبعد" وأحدهما مخالف لقبل [ ص: 265 ] وبعد. فأما الكلام في قبل وبعد على مذهب وعلى مذهب البصريين إن سبيلهما أن لا يعربا لأنهما قد كانتا حذف منهما المضاف إليه والإضافة فصارتا معرفتين من غير جهة التعريف فزال تمكنهما فلم يخليا من حركة لأنهما قد كانتا معربتين فاختير لهما الضم لأنه قد يلحقهما بحق الإعراب الجر والنصب فأعطيتا غير تينك الحركتين فضمتا إلا أن سيبويه قال: لما كانتا غايتين أعطيتاه ما هو غاية الحركات أبا العباس محمد بن يزيد ويومئذ يفرح المؤمنون في معناه قولان: أحدهما أنهم فرحون بغلبة الروم فارس؛ لأن الروم أهل كتاب فهم إلى المسلمين أقرب من الأوثان، والقول الآخر وهو أولى أن فرحهم إنما هو لإنجاز وعد الله جل وعز إذ كان فيه دليل على النبوة لأنه أخبر جل وعز بما يكون في بضع سنين فكان فيه.