الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        ولو نشاء لمسخناهم على مكانتهم [67]

                                                                                                                                                                                                                                        أي لو نشاء لمسخناهم في الموضع الذي اجترؤوا فيه على معصية الله عز وجل فما استطاعوا مضيا أي فلم يستطيعوا أن يهربوا ولا يرجعون إلى أهليهم، وحكى الكسائي : طمس يطمس ويطمس "ولو نشاء لمسخناهم" على مكانتهم يقال: مكان ومكانة ودار ودارة. وحكى ابن الأعرابي أن العرب تقول: في جمع مكان أمكنة ومكنات وأن منه حديث النبي صلى الله عليه وسلم أقروا الطير على مكناتها". قال أبو جعفر : مكنات جمع مكنة، ومكنة ومكان بمعنى واحد.

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 404 ] وقد تكلم الناس في معنى هذا الحديث فقال بعض الناس: لا تنفروها بالليل ولا تصطادوها إلا أن الشافعي رحمه الله فسره لسفيان بن عيينة على غير هذا، قال: كانت العرب تزجر الطير في مكناتها إذا أرادوا الحاجة يتفاءلون بها ويتطيرون فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: "أقروا الطير على مكناتها". أي لا تزجروها فإن الأمور تجري على ما قضى الله جل وعز، وقد روي عن عبد الله بن سلام غير هذا في تأويل هذه الآية، وتأولها على أنها يوم القيامة. قال: إذا كان يوم القيامة ومد الصراط نادى مناد ليقم محمد صلى الله عليه وسلم وأمته فيقومون برهم وفاجرهم فيتبعونه ليجاوزوا الصراط فإذا صاروا عليه طمس الله جل وعز أعين فجارهم فاستبقوا الصراط فمن أين يبصرونه حتى يجاوزوه ثم ينادي ليقم عيسى صلى الله عليه وسلم وأمته فيقومون برهم وفاجرهم فتكون سبيلهم تلك السبيل، وكذلك سائر الأنبياء صلوات الله عليهم.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية