وقوله - عز وجل -: الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها ؛ لما ذكر أنهم لا يؤمنون؛ عرف الدليل الذي يوجب التصديق بالخالق - عز وجل -؛ فقال: الله الذي رفع السماوات بغير عمد ؛ وفي ذلك من القدرة والدلالة ما لا شيء أوضح منه؛ أن السماء محيطة بالأرض؛ متبرية منها؛ بغير عمد ؛ والمعنى "بغير عمد وأنتم ترونها كذلك".
ويجوز أن تكون "ترونها"؛ من نعت العمد؛ المعنى: "بغير عمد مرئية"؛ وعلى هذا تعمدها قدرة الله - عز وجل -؛ وسخر الشمس والقمر كل يجري لأجل مسمى ؛ كل مقهور مدبر؛ لا يملك لنفسه ما يخلصه من القهر؛ فذلك معنى السخرة؛ فالشمس والقمر مسخران؛ يجريان مجاريهما التي سخرا جاريين عليها.
يدبر الأمر ؛ يحكمه؛ يفصل الآيات لعلكم بلقاء ربكم توقنون ؛ أي: يبين الآيات التي تدل على قدرته على بعثكم؛ لعلكم توقنون ؛ لأنهم كانوا يجحدون البعث؛ فأعلموا أن الذي خلق السماوات؛ وأنشأ الإنسان؛ ولم يكن شيئا؛ قادر على إعادته.