الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله: وقال الذين أشركوا لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء نحن ولا آباؤنا ولا حرمنا من دونه من شيء كذلك فعل الذين من قبلهم ؛ هذه الآية وأشباهها فيها تنازع؛ وينبغي أن يقف أهل القرآن والسنة على حقيقة تفسيرها؛ لأن قوما زعموا أن من قال هذا فقد كفر؛ وأن من قال من العباد أن لا يفعل إلا ما شاء الله؛ فقد كفر ؛ وهذا تأويل رديء؛ وإنما كفر أولئك وكذبوا؛ لأنهم كانوا يقولون: "لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء"؛ على جهة الهزؤ.

                                                                                                                                                                                                                                        والدليل على ذلك أن قوم شعيب قالوا لشعيب : أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء إنك لأنت الحليم الرشيد ؛ فلو قالوا له هذا معتقدين لكانوا مؤمنين؛ وإنما قالوه مستهزئين.

                                                                                                                                                                                                                                        وقد اتفقت الأمة على أن الله لو شاء ألا يعبد غيره مشيئة اضطرار إلى ذلك؛ لم يقدر أحد على غير ذلك؛ ولكن الله - جل ثناؤه - تعبد العباد؛ ووفق من أحب توفيقه ؛ وأضل من أحب إضلاله؛ وهؤلاء قالوا هذه محققين ما قيل لهم: إنهم مكذبون؛ إذ كان الإجماع على أن الله - عز وجل - يقدر على أن يجبر العباد على طاعته؛ وأعلم الله أنهم مكذبون؛ كما كذب الذين من قبلهم؛ فقال: فهل على الرسل إلا البلاغ المبين ؛ أي: الإبلاغ الذي يبينون معه أنهم أنبياء.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية