باب الصلاة في أعطان الإبل ومراح الغنم
( قال ) رحمه الله تعالى أخبرنا الشافعي عن إبراهيم بن محمد عبيد الله بن طلحة بن كريز عن [ ص: 113 ] الحسن عن عن النبي صلى الله عليه وسلم قال { عبد الله بن مغفل } ( قال إذا أدركتكم الصلاة وأنتم في أعطان الإبل فاخرجوا منها فصلوا فإنها جن ، من جن خلقت ألا ترونها إذا نفرت كيف تشمخ بآنافها وإذا أدركتكم الصلاة وأنتم في مراح الغنم فصلوا فيها فإنها سكينة وبركة ) وبهذا نأخذ ومعناه عندنا - والله أعلم - على ما يعرف من مراح الغنم وأعطان الإبل أن الناس يريحون الغنم في أنظف ما يجدون من الأرض ; لأنها تصلح على ذلك والإبل تصلح على الدقع من الأرض فمواضعها التي تختار من الأرض أدقعها وأوسخها ( قال الشافعي ) والمراح والعطن اسمان يقعان على موضع من الأرض وإن لم يعطن ولم يروح إلا اليسير منها فالمراح ما طابت تربته واستعملت أرضه واستذرى من مهب الشمال موضعه والعطن قرب البئر التي تسقى منها الإبل تكون البئر في موضع والحوض قريبا منها فيصب فيه فيملأ فتسقى الإبل ثم تنحى عن البئر شيئا حتى تجد الواردة موضعا فذلك عطن ليس أن العطن مراح الإبل التي تبيت فيه نفسه ولا المراح مراح الغنم التي تبيت فيه نفسه دون ما قاربه وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم { الشافعي } لا تصلوا في أعطان الإبل فإنها جن ، من جن خلقت } قال صلى الله عليه وسلم حين نام عن الصلاة : اخرجوا بنا من هذا الوادي فإنه واد به شيطان فكره أن يصلي في قرب الشيطان فكان يكره أن يصلي قرب الإبل ; لأنها خلقت من جن لا لنجاسة موضعها . دليل على أنه إنما نهى عنها كما {
وقال في الغنم هي من دواب الجنة فأمر أن يصلى في مراحها يعني - والله تعالى أعلم - في الموضع الذي يقع عليه اسم مراحها الذي لا بعر فيه ولا بول ( قال ) ولا يحتمل الحديث معنى غيرهما وهو مستغن بتفسير حديث النبي صلى الله عليه وسلم والدلائل عنه عن بعض هذا الإيضاح ( قال ) فمن فعليه الإعادة ; لأن هذا كله نجس ومن صلى قربه فصلاته مجزئة عنه وأكره له صلى على موضع فيه بول ، أو بعر الإبل أو غنم أو ثلط البقر أو روث الخيل أو الحمير وإن لم يكن فيها قذر لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عنه فإن صلى أجزأه ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى فمر به شيطان فخنقه حتى وجد برد لسانه على يده فلم يفسد ذلك صلاته وفي هذا دليل على أن نهيه أن يصلى في أعطان الإبل ; لأنها جن لقوله : { الصلاة في أعطان الإبل } اختيار وليس يمتنع من أن تكون الجن حيث شاء الله من المنازل ولا يعلم ذلك أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ( قال اخرجوا بنا من هذا الوادي فإنه واد به شيطان ) مع أن الإبل نفسها إنما تعمد في البروك إلى أدقع مكان تجده وإن عطنها - وإن كان غير دقع - فحصته بمباركها وتمرغها حتى تدقعه ، أو تقربه من الإدقاع وليس ما كان هكذا من مواضع الاختيار من النظافة للمصليات فإن قال قائل : فلعل أبوال الإبل وما أكل لحمه وأبعاره لا تنجس فلذلك أمر الشافعي . بالصلاة في مراح الغنم
قيل : فيكون إذا نهيه عن الصلاة في أعطان الإبل ; لأن أبوالها وأبعارها تنجس ولكنه ليس كما ذهبت إليه ولا يحتمله الحديث ( قال ) فإن ذهب ذاهب إلى أن أبوال الغنم ليست بنجسة ; لأن لحومها تؤكل قيل : فلحوم الإبل تؤكل وقد نهى عن الصلاة في أعطانها فلو كان معنى أمره صلى الله عليه وسلم بالصلاة في مراحها على أن أبوالها حلال لكانت أبوال الإبل وأبعارها حراما ولكن معناه إن شاء الله عز وجل على ما وصفنا . الشافعي