صلاة الجماعة
أخبرنا الربيع بن سليمان قال : أخبرنا قال : ذكر الله تبارك اسمه الأذان بالصلاة فقال عز وجل { الشافعي محمد بن إدريس المطلبي وإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزوا ولعبا } وقال { إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع } فأوجب الله - والله أعلم - إتيان الجمعة وسن رسول الله صلى الله عليه وسلم الأذان للصلوات المكتوبات فاحتمل أن يكون ، أوجب إتيان صلاة الجماعة في غير الجمعة كما أمر بإتيان الجمعة وترك البيع واحتمل أن يكون أذن بها لتصلى لوقتها وقد جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم مسافرا ومقيما خائفا وغير خائف وقال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم { وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك } الآية والتي بعدها ( قال ) : وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أتى الصلاة أن يأتيها وعليه السكينة ورخص في ترك إتيان الجماعة في العذر بما سأذكره إن شاء الله تعالى في موضعه ، وأشبه ما وصفت من الكتاب والسنة أن لا يحل ترك أن يصلي كل مكتوبة في جماعة حتى لا يخلوا جماعة مقيمون ولا مسافرون من أن يصلى فيهم صلاة جماعة أخبرنا الشافعي عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { أبي هريرة } أخبرنا والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب فيحطب ، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها ، ثم آمر رجلا فيؤم الناس ، ثم أخالف إلى رجال يتأخرون فأحرق عليهم بيوتهم فوالذي نفسي بيده لو يعلم أحدهم أنه يجد عظما سمينا ، أو مرماتين حسنتين لشهد العشاء قال أخبرنا الشافعي عن مالك عبد الرحمن بن حرملة { } أو نحو هذا . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : بيننا وبين المنافقين شهود العشاء والصبح لا يستطيعونهما
( قال [ ص: 180 ] ) : فيشبه ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من همه أن يحرق على قوم بيوتهم أن يكون قاله في قوم تخلفوا عن صلاة العشاء لنفاق والله تعالى أعلم فلا أرخص لمن قدر على صلاة الجماعة في ترك إتيانها إلا من عذر وإن تخلف أحد صلاها منفردا لم يكن عليه إعادتها صلاها قبل صلاة الإمام ، أو بعدها إلا صلاة الجمعة ، فإن على من صلاها ظهرا قبل صلاة الإمام إعادتها ; لأن إتيانها فرض عين والله - تعالى - أعلم . الشافعي
وكل جماعة صلى فيها رجل في بيته ، أو في مسجد صغير ، أو كبير قليل الجماعة ، أو كثيرها أجزأت عنه والمسجد الأعظم وحيث كثرت الجماعة أحب إلي ، وإن كان لرجل مسجد يجمع فيه ففاتته فيه الصلاة فإن أتى مسجد جماعة غيره كان أحب إلي ، وإن لم يأته وصلى في مسجد منفردا فحسن وإذا كان للمسجد إمام راتب ففاتت رجلا ، أو رجالا فيه الصلاة صلوا فرادى ولا أحب أن يصلوا فيه جماعة فإن فعلوا أجزأتهم الجماعة فيه وإنما كرهت ذلك لهم ; لأنه ليس مما فعل السلف قبلنا بل قد عابه بعضهم ( قال ) : وأحسب كراهية من كره ذلك منهم إنما كان لتفرق الكلمة وأن يرغب رجل عن الصلاة خلف إمام جماعة فيتخلف هو ومن أراد عن المسجد في وقت الصلاة فإذا قضيت دخلوا فجمعوا فيكون في هذا اختلاف وتفرق كلمة وفيهما المكروه . الشافعي
وإنما أكره هذا في كل مسجد له إمام ومؤذن ، فأما مسجد بني على ظهر الطريق ، أو ناحية لا يؤذن فيه مؤذن راتب ولا يكون له إمام معلوم ويصلي فيه المارة ويستظلون فلا أكره ذلك فيه ; لأنه ليس فيه المعنى الذي وصفت من تفرق الكلمة وأن يرغب رجال عن إمامة رجل فيتخذون إماما غيره وإن كرهت ذلك لهم لما وصفت وأجزأتهم صلاتهم . صلى جماعة في مسجد له إمام ، ثم صلى فيه آخرون في جماعة بعدهم