باب . القراءة في الركعتين الأخيرتين
سألت أتقرأ خلف الإمام أم القرآن في الركعة الأخيرة تسر ؟ فقال الشافعي : أحب ذلك ، وليس بواجب عليه فقلت : وما الحجة فيه ؟ فقال : أخبرنا الشافعي عن مالك أبي عبيد مولى أن سليمان بن عبد الملك أخبره أنه سمع عبادة بن نسي قيس بن الحارث يقول : أخبرني أنه قدم عبد الله الصنابحي المدينة في خلافة فصلى وراء أبي بكر الصديق المغرب فقرأ في الركعتين الأوليين بأم القرآن وسورة من قصار المفصل ثم قام في الركعة الثالثة فدنوت منه حتى إن ثيابي لتكاد تمس ثيابه فسمعته قرأ بأم القرآن وبهذه الآية { أبي بكر ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب } فقلت فإنا نكره هذه ونقول : ليس عليه العمل لا يقرأ على إثر أم القرآن في الركعة الثالثة بشيء فقال للشافعي : : وقال الشافعي : لما سمع سفيان بن عيينة بهذا عن عمر بن عبد العزيز قال : إن كنت لعلى غير هذا حتى سمعت بهذا فأخذت به قال : فهل تركتم للعمل عمل أبي بكر الصديق أبي بكر وابن عمر ؟ ( قال وعمر بن عبد العزيز ) رحمه الله تعالى : أخبرنا الشافعي عن مالك عن نافع أنه كان إذا صلى وحده يقرأ في الأربع جميعا في كل ركعة بأم القرآن وبسورة من القرآن قال : وكان يقرأ أحيانا بالسورتين والثلاث في الركعة الواحدة في صلاة الفريضة فقلت عبد الله : فإنا نخالف هذا كله ونقول : لا يزاد في الركعتين الأخيرتين على أم القرآن ( قال للشافعي ) : هذا خلاف الشافعي أبي بكر من روايتكم وخلاف وابن عمر من رواية عمر بن عبد العزيز سفيان وقولكم لا يجمع السورتين في الركعتين الأوليين هو خلاف من روايتكم ، وخلاف ابن عمر من روايتكم لأنكم أخبرتم أن عمر قرأ بالنجم فسجد فيها ثم قام فقرأ بسورة أخرى وخلاف غيرهما من رواية غيركم فأين العمل ما نراكم رويتم في القراءة في الصلاة في هذا الباب شيئا إلا خالفتموه فمن اتبعتم ما أراكم قلتم بمعنى نعرفه إذا كنتم تروون عن أحد الشيء مرة فتبنون عليه أيسعكم أن تخالفوهم مجمعين ؟ ( قال عمر ) رحمه الله تعالى : أخبرنا الشافعي عن مالك عن أبيه أن هشام بن عروة صلى الصبح فقرأ فيها بسورة البقرة في الركعتين كلتاهما . فقلت أبا بكر : إنا نخالف هذا ، نقول : يقرأ في الصبح بأقل من هذا ; لأن هذا تثقيل على الناس . للشافعي
( قال ) : أخبرنا الشافعي عن مالك أنه سمع هشام بن عروة يقول : صلينا وراء عبد الله بن عامر بن ربيعة الصبح فقرأ فيها بسورة عمر بن الخطاب يوسف وسورة الحج قراءة بطيئة فقلت : والله لقد كان إذا يقوم حين يطلع الفجر قال : أجل . فقلت : فإنا نقول لا يقرأ في الصبح بهذا ولا بقدر نصف هذا ; لأنه تثقيل ( قال للشافعي ) : أخبرنا الشافعي [ ص: 219 ] عن مالك يحيى بن سعيد وربيعة بن أبي عبد الرحمن أو الفرافصة بن عمير الحنفي قال ما أخذت سورة يوسف إلا من قراءة إياها في الصبح من كثرة ما كان يرددها فقلت عثمان بن عفان : فإنا نقول لا يقرأ بهذا هذا تثقيل ( قال للشافعي ) رحمه الله تعالى : أخبرنا الشافعي عن مالك عن نافع أنه كان يقرأ في الصبح في السفر بالعشر الأول من الفصل في كل ركعة سورة ، قلت ابن عمر : فإنا نقول لا يقرأ بهذا في السفر هذا تثقيل . للشافعي
( قال ) رحمه الله تعالى : فقد خالفتم في القراءة في الصلاة كل ما رويتم عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم الشافعي ثم أبي بكر ثم عمر ثم عثمان ولم ترووا شيئا يخالف ما خالفتم عن أحد علمته من الناس فأين العمل ؟ خالفتموهم من جهتين : من جهة التثقيل وجهة التخفيف وقد خالفتم بعد النبي صلى الله عليه وسلم جميع ما رويتم عن الأئمة ابن عمر بالمدينة بلا رواية رويتموها عن أحد منهم هذا مما يبين ضعف مذهبكم ; إذ رويتم هذا ثم خالفتموه ولم يكن عندكم فيه حجة فقد خالفتم الأئمة والعمل ، وفي هذا دليل على أنكم لم تجدوا من خلق الله خلقا قط يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم أبي بكر وعمر وعثمان في القراءة في الصلاة ولا في أمر واحد شيئا ثم يخالفه غيركم وأنه لا خلق أشد خلافا لأهل وابن عمر المدينة منكم ثم خلافكم ما رويتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي فرض الله طاعته وما رويتم عن الأئمة الذين لا تجدون مثلهم فلو قال لكم قائل : أنتم أشد الناس معاندة لأهل المدينة وجد السبيل إلى أن يقول ذلك لكم على لسانكم لا تقدرون على دفعه عنكم ثم الحجة عليكم في خلافكم أعظم منها على غيركم لأنكم ادعيتم القيام بعلمهم واتباعهم دون غيركم ثم من خالفتموهم بأكثر مما خالفهم به من لم يدع من اتباعهم ما ادعيتم فلئن كان هذا خفي عليكم من أنفسكم إن فيكم لغفلة ما يجوز لكم معها أن تفتوا خلقا ، والله المستعان ، وأراكم قد تكلفتم الفتيا وتطاولتم على غيركم ممن هو أقصد وأحسن مذهبا منكم . .