والفصل السادس استقر معهم وأثبت في ديوان عقد صلحهم وقدر المأخوذ منهم من عشر أو خمس وزيادة عليه أو نقصان منه ، فإن كان يختلف باختلاف الأمتعة والأموال فصلت فيه ، وكان الديوان موضوعا ; لإخراج رسومه ولاستيفاء ما يرفع إليه من مقادير الأمتعة المحمولة إليه . إن كان البلد ثغرا يتاخم دار الحرب ، وكانت أموالهم دخلت دار الإسلام معشورة عن صلح
وأما فمحرمة لا يبيحها شرع ، ولا يسوغها اجتهاد ولا هي من سياسات العدل ، ولا من قضايا النصفة وقل ما تكون إلا في البلاد الجائرة ، وقد روي عن { أعشار الأموال المنتقلة في دار الإسلام من بلد إلى بلد النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال : شر الناس العشارون الحشارون }
وإذا غيرت الولاة أحكام البلاد ومقادير الحقوق فيها اعتبر ما فعلوه ، فإن كان مسوغا في الاجتهاد لأمر اقتضاه لا يمنع الشرع منه لحدوث سبب يسوغ الشرع الزيادة لأجله أو النقصان لحدوثه جاز وصار الثاني هو الحق المستوفى دون الأول .
وإذا استخرج حال العمل من الديوان جاز أن يقتصر على إخراج الحال الثانية دون الأولى . والأحوط أن يخرج الحالين ; لجواز أن يزول السبب الحادث فيعود الحكم الأول ; وإن كان ما أخذ به الولاة من تغيير الحقوق غير مسوغ في الشرع ، ولا له وجه في الاجتهاد كانت الحقوق على الحكم الأول ، وكان الثاني مردودا سواء غيروه إلى زيادة أو نقصان ; لأن الزيادة ظلم في حقوق الرعية ، والنقصان ظلم في حقوق بيت المال .
وإذا استخرج حال العمل من الديوان وجب على رافعه من كتاب الدواوين إخراج الحالين إن كان المستدعي لإخراجها من الولاة لا يعلم حالها فيما تقدم ، وإن كان عالما بها لم يلزمه إخراج الحال الأول إليه لأن علمه بها قد سبق ، وجاز الاقتصار على إخراج الحال الثانية مع وصفها بأنها مستحدثة .