[ ص: 539 ] المسألة السابعة والعشرون : لا تصرف محمد ; لقوله صلى الله عليه وسلم : { الصدقة إلى آل محمد ، إنما هي أوساخ الناس } . إن الصدقة لا تحل لآل
والمسألة مشكلة جدا ، وقد أفضنا فيها في شرح الحديث ما شاء الله أن نفيض فيه .
وبالجملة إن الصدقة محرمة على محمد صلى الله عليه وسلم بإجماع أمته ، وهي محرمة على بني هاشم في قول أكثر أهل العلم .
وقال : الشافعي بنو المطلب وبنو هاشم واحد ; لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { بني هاشم وبني المطلب لم يفترقوا في جاهلية ولا في إسلام } . إن
قالوا : لأن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاهم الخمس عوضا عن الصدقة ولم يعطه أحدا من قبائل قريش .
وقال محمد بن المواز : آل محمد عشيرته الأقربون : بنو عبد المطلب ، وآل هاشم ، وآل عبد مناف ، وآل قصي ، وآل غالب ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما نزلت : { وأنذر عشيرتك الأقربين } نادى بأعلى صوته : { قصي ، يا آل غالب ، يا آل عبد مناف ، يا فاطمة بنت محمد ، يا صفية عمة رسول الله ، اعملوا لما عند الله ; فإني لست أملك لكم من الله شيئا } . يا آل
فبين بمناداته عشيرته الأقربين .
وقال وقد سئل عنها : نحن هم . يعني آل ابن عباس محمد خاصة ، وأبى ذلك علينا قومنا .
فأما مواليهم ، فقال ابن القاسم في الحديث الذي جاء : لا تحل الصدقة لآل محمد إنما ذلك في الزكاة لا في التطوع ، وإنما هم بنو هاشم أنفسهم .
قيل له يعني : فمواليه ؟ قال : لا أدري ما الموالي ؟ وكأنه لم يرهم من ذلك فاحتججت عليه بقوله : { مالكا } ، فقال : وقد قال : { مولى القوم منهم } . ابن أخت القوم منهم
[ ص: 540 ] قال : وذلك في البر والحرمة ، كقوله عليه السلام : { أصبغ } . أنت ومالك لأبيك
قال مطرف وابن الماجشون : مواليهم منهم لا تحل لهم [ الصدقة ] .
وقال في الواضحة : لا يعطى آل مالك محمد من التطوع .
وأجازه ابن القاسم في كتاب محمد ، وهو الأصح ; لأن الوسخ إنما قرن بالفرض خاصة .
فإن قيل : قد روى أبو داود عن أبي رافع ، { بني مخزوم ، فقال لأبي رافع : اصحبني ، فإنك تصيب منها ; فقال : حتى آتي رسول الله فأسأله . فأتاه فسأله ، فقال : مولى القوم من أنفسهم ، وإنا لا تحل لنا الصدقة } . أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلا على الصدقة من
[ ص: 541 ] وهذا نص في المسألة ، فلو صح لوجب قبوله ، وقد قال علماؤنا في ذلك جوابان :
الأول : أن ذلك على التنزيه منه .
الثاني : أن أبا رافع كان مع النبي صلى الله عليه وسلم يخدم ويطعم ، فكره له ترك المال الذي لم يذم ، وأخذه لمال هو أوساخ الناس ، فكسب غيره أولى منه .
فإن قيل : فقد روي أن قال : بعثني أبي إلى النبي صلى الله عليه وسلم في إبل أعطاها إياه من الصدقة . ابن عباس
قلنا : لم يصح .
وجوابه لو صح أن النبي صلى الله عليه وسلم استسلف من ، فرد إليه ما استسلف من الصدقة ، فأكلها بالعوض . العباس
وقد روينا ذلك مفسرا مستوفى في شرح الحديث .
وقد قال : يجوز صرف صدقة أبو يوسف بني هاشم إلى فقرائهم ، فيقال له : أيأكلون من أوساخهم ؟ هذا جهل بحقيقة العلة وجهة الكرامة .