الآية الموفية عشرين :
قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=124nindex.php?page=treesubj&link=28987إنما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه وإن ربك ليحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون } .
فيها خمس مسائل :
المسألة الأولى :
المراد بالذين اختلفوا فيه
اليهود والنصارى ، أي فرض تعظيم يوم السبت على الذين اختلفوا فيه ; فقال بعضهم ; هو أفضل الأيام ; لأن الله فرغ من خلق الأشياء يوم الجمعة ، ثم سبت يوم السبت .
[ ص: 169 ]
وقال آخرون : أفضل الأيام يوم الأحد ; لأنه اليوم الذي ابتدأ فيه خلق الأشياء ، فاختلفوا في تعظيم غير ما فرض عليهم تعظيمه ، ثم بعد ذلك استحلوه .
المسألة الثانية : ما الذي اختلفوا فيه ؟
فيه خمسة أقوال :
الأول : أنهم اختلفوا في تعظيمه ، كما تقدم ; قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد .
الثاني : اختلفوا فيه ; استحله بعضهم ، وحرمه آخرون ; قاله
nindex.php?page=showalam&ids=13033ابن جبير .
الثالث :
قال
ابن زيد : كانوا يطلبون يوم الجمعة فأخطئوه ، وأخذوا السبت ، ففرض عليهم .
وقيل في القول الرابع : إنهم ألزموا يوم الجمعة عيدا ، فخالفوا وقالوا : نريد يوم السبت ; لأنه فرغ فيه من خلق السموات .
الخامس : روي أن
عيسى أمر
النصارى أن يتخذوا يوم الجمعة عيدا ، فقالوا : لا يكون عيدنا إلا بعد عيد
اليهود ، فجعلوه الأحد .
وروي أن
موسى قال
لبني إسرائيل : تفرغوا إلى الله في كل سبعة أيام في يوم تعبدونه ، ولا تعملون فيه شيئا من أمر الدنيا ; فاختاروا يوم السبت ، فأمرهم
موسى بالجمعة ، فأبوا إلا السبت ، فجعله الله عليهم .
المسألة الثالثة :
الذي يفصل هذا القول ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=37777نحن الآخرون السابقون يوم القيامة ، بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا ، وأوتيناه من بعدهم ، فهذا اليوم الذي اختلفوا فيه ، فهدانا الله ، فالناس لنا فيه تبع ، اليهود غدا والنصارى بعد غد } .
[ ص: 170 ] فقوله صلى الله عليه وسلم : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=24945فهذا اليوم اختلفوا فيه فهدانا الله له } ، يدل على أنه عرض عليهم ، فاختار كل أحد ما ظهر إليه ، وألزمناه من غير عرض ، فالتزمناه .
وقد روي في بعض طرق الحديث الصحيح : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=24945فهذا يومهم الذي فرض الله عليهم ، فاختلفوا فيه } .
وفي الصحيح في بعض طرق الحديث : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=24199فسكت ، ثم قال : حق على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام يوما ، يغسل فيه رأسه وجسده } .
وهذا مجمل ، فسره الحديث الصحيح : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=23218غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم } .
الْآيَةُ الْمُوفِيَةُ عِشْرِينَ :
قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=124nindex.php?page=treesubj&link=28987إنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَإِنَّ رَبَّك لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ } .
فِيهَا خَمْسُ مَسَائِلَ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى :
الْمُرَادُ بِاَلَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ
الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى ، أَيْ فُرِضَ تَعْظِيمُ يَوْمِ السَّبْتِ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ ; فَقَالَ بَعْضُهُمْ ; هُوَ أَفْضَلُ الْأَيَّامِ ; لِأَنَّ اللَّهَ فَرَغَ مِنْ خَلْقِ الْأَشْيَاءِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ، ثُمَّ سَبَّتَ يَوْمَ السَّبْتِ .
[ ص: 169 ]
وَقَالَ آخَرُونَ : أَفْضَلُ الْأَيَّامِ يَوْمُ الْأَحَدِ ; لِأَنَّهُ الْيَوْمُ الَّذِي ابْتَدَأَ فِيهِ خَلْقَ الْأَشْيَاءِ ، فَاخْتَلَفُوا فِي تَعْظِيمِ غَيْرِ مَا فُرِضَ عَلَيْهِمْ تَعْظِيمُهُ ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ اسْتَحَلُّوهُ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : مَا الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ ؟
فِيهِ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ :
الْأَوَّلُ : أَنَّهُمْ اخْتَلَفُوا فِي تَعْظِيمِهِ ، كَمَا تَقَدَّمَ ; قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٌ .
الثَّانِي : اخْتَلَفُوا فِيهِ ; اسْتَحَلَّهُ بَعْضُهُمْ ، وَحَرَّمَهُ آخَرُونَ ; قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13033ابْنُ جُبَيْرٍ .
الثَّالِثُ :
قَالَ
ابْنُ زَيْدٍ : كَانُوا يَطْلُبُونَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَأَخْطَئُوهُ ، وَأَخَذُوا السَّبْتَ ، فَفُرِضَ عَلَيْهِمْ .
وَقِيلَ فِي الْقَوْلِ الرَّابِعِ : إنَّهُمْ أُلْزِمُوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ عِيدًا ، فَخَالَفُوا وَقَالُوا : نُرِيدُ يَوْمَ السَّبْتِ ; لِأَنَّهُ فَرَغَ فِيهِ مِنْ خَلْقِ السَّمَوَاتِ .
الْخَامِسُ : رُوِيَ أَنَّ
عِيسَى أَمَرَ
النَّصَارَى أَنْ يَتَّخِذُوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ عِيدًا ، فَقَالُوا : لَا يَكُونُ عِيدُنَا إلَّا بَعْدَ عِيدِ
الْيَهُودِ ، فَجَعَلُوهُ الْأَحَدَ .
وَرُوِيَ أَنَّ
مُوسَى قَالَ
لِبَنِي إسْرَائِيلَ : تَفَرَّغُوا إلَى اللَّهِ فِي كُلِّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ فِي يَوْمٍ تَعْبُدُونَهُ ، وَلَا تَعْمَلُونَ فِيهِ شَيْئًا مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا ; فَاخْتَارُوا يَوْمَ السَّبْتِ ، فَأَمَرَهُمْ
مُوسَى بِالْجُمُعَةِ ، فَأَبَوْا إلَّا السَّبْتَ ، فَجَعَلَهُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ :
الَّذِي يُفَصِّلُ هَذَا الْقَوْلَ مَا رُوِيَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=37777نَحْنُ الْآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، بَيْدَ أَنَّهُمْ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا ، وَأُوتِينَاهُ مِنْ بَعْدِهِمْ ، فَهَذَا الْيَوْمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ ، فَهَدَانَا اللَّهُ ، فَالنَّاسُ لَنَا فِيهِ تَبَعٌ ، الْيَهُودُ غَدًا وَالنَّصَارَى بَعْدَ غَدٍ } .
[ ص: 170 ] فَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=24945فَهَذَا الْيَوْمُ اخْتَلَفُوا فِيهِ فَهَدَانَا اللَّهُ لَهُ } ، يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عُرِضَ عَلَيْهِمْ ، فَاخْتَارَ كُلُّ أَحَدٍ مَا ظَهَرَ إلَيْهِ ، وَأَلْزَمْنَاهُ مِنْ غَيْرِ عَرْضٍ ، فَالْتَزَمْنَاهُ .
وَقَدْ رُوِيَ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=24945فَهَذَا يَوْمُهُمْ الَّذِي فَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ، فَاخْتَلَفُوا فِيهِ } .
وَفِي الصَّحِيحِ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=24199فَسَكَتَ ، ثُمَّ قَالَ : حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يَغْتَسِلَ فِي كُلِّ سَبْعَةِ أَيَّامٍ يَوْمًا ، يَغْسِلُ فِيهِ رَأْسَهُ وَجَسَدَهُ } .
وَهَذَا مُجْمَلٌ ، فَسَّرَهُ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=23218غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ } .