الآية التاسعة قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=34ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم ذلك خير وأحسن تأويلا } . فيها ست مسائل :
المسألة الأولى : قد قدمنا القول في
nindex.php?page=treesubj&link=19814مال اليتيم في مواضع بما يغني عن إعادته وقوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=34إلا بالتي هي أحسن } : يعني التي هي أحسن لليتيم ، وذلك بكل وجه تكون المنفعة فيه لليتيم ، لا للمتصرف فيه ، كقول
عائشة : اتجروا في أموال اليتامى لا تأكلها الزكاة ، وقد فسر
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد وغيره الحسن فيه يعني التجارة
المسألة الثانية : قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=34حتى يبلغ أشده } يعني قوته . وقد تقدم القول في الأشد في سورة
يوسف ، وسردنا الأقوال فيه ، والأشد كما قلنا في القوة ، وقد تكون في البدن . وقد تكون في المعرفة والتجربة ، ولا بد من حصول الوجهين ; فإن الأشد هاهنا وقعت مطلقة ، وجاء بيان اليتيم في سورة النساء مقيدا قال تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=6وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبروا ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم وكفى بالله حسيبا }
[ ص: 199 ] فجمع بين قوة البدن ببلوغ النكاح ، وبين قوة المعرفة بإيناس الرشد ، وعضد ذلك المعنى فإنه لو اقتضت الآية
nindex.php?page=treesubj&link=19814تمكين اليتيم من ماله قبل حصول المعرفة له وبعد حصول قوة البدن لأذهبه في شهواته ، وبقي صعلوكا لا مال له . وخص اليتيم بهذا الشرط في هذا الذكر لغفلة الناس عنه ، وافتقاد الآباء لبنيهم ، فكان الإهمال لفقيد الأب أولى .
المسألة الثالثة : قوله : {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=34وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا } يعني مسئولا عنه ، وقد تقدم القول في العهد في مواضع .
الْآيَةُ التَّاسِعَةُ قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=34وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إلَّا بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا } . فِيهَا سِتُّ مَسَائِلَ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : قَدْ قَدَّمْنَا الْقَوْلَ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=19814مَالِ الْيَتِيمِ فِي مَوَاضِعَ بِمَا يُغْنِي عَنْ إعَادَتِهِ وَقَوْلُهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=34إلَّا بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } : يَعْنِي الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ لِلْيَتِيمِ ، وَذَلِكَ بِكُلِّ وَجْهٍ تَكُونُ الْمَنْفَعَةُ فِيهِ لِلْيَتِيمِ ، لَا لِلْمُتَصَرِّفِ فِيهِ ، كَقَوْلِ
عَائِشَةَ : اتَّجَرُوا فِي أَمْوَالِ الْيَتَامَى لَا تَأْكُلُهَا الزَّكَاةُ ، وَقَدْ فَسَّرَ
nindex.php?page=showalam&ids=16879مُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُ الْحَسَنَ فِيهِ يَعْنِي التِّجَارَةَ
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قَوْلُهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=34حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ } يَعْنِي قُوَّتَهُ . وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي الْأَشُدِّ فِي سُورَةِ
يُوسُفَ ، وَسَرَدْنَا الْأَقْوَالَ فِيهِ ، وَالْأَشُدُّ كَمَا قُلْنَا فِي الْقُوَّةِ ، وَقَدْ تَكُونُ فِي الْبَدَنِ . وَقَدْ تَكُونُ فِي الْمَعْرِفَةِ وَالتَّجْرِبَةِ ، وَلَا بُدَّ مِنْ حُصُولِ الْوَجْهَيْنِ ; فَإِنَّ الْأَشُدَّ هَاهُنَا وَقَعَتْ مُطْلَقَةً ، وَجَاءَ بَيَانُ الْيَتِيمِ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ مُقَيَّدًا قَالَ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=6وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاَللَّهِ حَسِيبًا }
[ ص: 199 ] فَجَمَعَ بَيْنَ قُوَّةِ الْبَدَنِ بِبُلُوغِ النِّكَاحِ ، وَبَيْنَ قُوَّةِ الْمَعْرِفَةِ بِإِينَاسِ الرُّشْدِ ، وَعَضَّدَ ذَلِكَ الْمَعْنَى فَإِنَّهُ لَوْ اقْتَضَتْ الْآيَةُ
nindex.php?page=treesubj&link=19814تَمْكِينَ الْيَتِيمِ مِنْ مَالِهِ قَبْلَ حُصُولِ الْمَعْرِفَةِ لَهُ وَبَعْدَ حُصُولِ قُوَّةِ الْبَدَنِ لَأَذْهَبَهُ فِي شَهَوَاتِهِ ، وَبَقِيَ صُعْلُوكًا لَا مَالَ لَهُ . وَخَصَّ الْيَتِيمَ بِهَذَا الشَّرْطِ فِي هَذَا الذِّكْرِ لِغَفْلَةِ النَّاسِ عَنْهُ ، وَافْتِقَادِ الْآبَاءِ لِبَنِيهِمْ ، فَكَانَ الْإِهْمَالُ لِفَقِيدِ الْأَبِ أَوْلَى .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : قَوْلُهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=34وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا } يَعْنِي مَسْئُولًا عَنْهُ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِي الْعَهْدِ فِي مَوَاضِعَ .