المسألة الثامنة : قوله تعالى : أو تقطع أيديهم } قال { : إذا أخذ في الحرابة نصابا . قلنا : أنصف من نفسك الشافعي ووف شيخك حقه لله . إن ربنا تبارك وتعالى قال : { أبا عبد الله والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما } . فاقتضى هذا قطعه في حقه . وقال في المحاربة : { إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله } فاقتضى [ ص: 100 ] بذلك توفية الجزاء لهم على المحاربة عن حقه ، فبين النبي صلى الله عليه وسلم في السارق أن قطعه في نصاب وهو ربع دينار ، وبقيت المحاربة على عمومها . فإن أردت أن ترد المحاربة إلى السرقة كنت ملحقا الأعلى بالأدنى وخافضا الأرفع إلى الأسفل ، وذلك عكس القياس .
وكيف يصح أن يقاس المحارب وهو يطلب النفس إن وقى المال بها على السارق وهو يطلب خطف المال ، فإن شعر به فر ، حتى إن السارق إذا دخل بالسلاح يطلب المال ، فإن منع منه أو صيح عليه وحارب عليه ، فهو محارب يحكم عليه بحكم المحارب .
[ قال القاضي ] : وكنت في أيام حكمي بين الناس إذا جاءني أحد بسارق وقد دخل الدار بسكين يسحبه على قلب صاحب الدار وهو نائم ، وأصحابه يأخذون مال الرجل حكمت فيهم بحكم المحاربين ; فافهموا هذا من أصل الدين ، وارتفعوا إلى يفاع العلم عن حضيض الجاهلين . والمسكت أنه لم يعتبر الحرز ، فلو كان المحارب ملحقا بالسارق لما كان ذلك إلا على حرز . وتحريره أن يقول : أحد شرطي السرقة فلا يعتبر في المحارب كالحرز والتعليل النصاب . للشافعي