الآية الحادية والعشرون قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=89لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تشكرون } .
فيها سبع وعشرون مسألة :
[ ص: 146 ]
المسألة الأولى :
nindex.php?page=treesubj&link=16475_16474اليمين على ضربين : لغو ومنعقدة ، وقد بينا لغو اليمين في سورة البقرة .
وأما
nindex.php?page=treesubj&link=16472_16471_16470اليمين المنعقدة فهي المنفعلة من العقد ، والعقد على ضربين : حسي كعقد الحبل ، وحكمي كعقد البيع ; وهو ربط القول بالقصد القائم بالقلب ، يعزم بقلبه أولا متواصلا منتظما ، ثم يخبر عما انعقد من ذلك بلسانه .
فإن قيل : صورة اليمين اللغو والمنعقدة على هذا واحدة ، فما الفرق بينهما ؟ قلنا : قد آن الآن أن نلتزم بذلك الاحتفاء ، ونكشف عنه الخفاء ، فنقول : إن اليمين المنعقدة ما قلناه . واللغو ضده
nindex.php?page=treesubj&link=16472واليمين اللغو سبع متعلقات في اختلاف الناس : المتعلق الأول :
nindex.php?page=treesubj&link=19739_16472_16471اليمين مع النسيان ، فلا شك في إلغائها ; لأنه إذ قصد زيدا فتلفظ بعمرو فلا شك في أنها جاءت على خلاف قصده ، فهي لغو محض . وأما من قال : إنه اليمين المكفرة فلا متعلق له يحكى .
والمتعلق الثالث : في
nindex.php?page=treesubj&link=24904دعاء الإنسان على نفسه إن لم يكن كذا ، فينزل به كذا ، فهذا قول لغو في طريق الكفارة ، ولكنه منعقد في العقد مكروه ، وربما يؤاخذ به ; فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : {
لا يدعون أحدكم على نفسه ، فربما صادف ساعة لا يسأل الله فيها أحد شيئا إلا أعطاه إياها } .
والمتعلق الرابع : في
nindex.php?page=treesubj&link=16472_16350_16351يمين المعصية باطل ; لأن الحالف على ترك المعصية تنعقد يمينه عبادة ، والحالف على فعل المعصية تنعقد يمينه معصية ، ويقال له : لا تفعل فكفر ، فإن أقدم على الفعل فجر في إقدامه وبر في يمينه .
وإنما قلنا : إنها تنعقد لأنه قصد بقلبه الفعل أو الكف في زمان مستقبل يتأتى فيه كل واحد منهما . وهذا ظاهر .
[ ص: 147 ]
والمتعلق الخامس : في
nindex.php?page=treesubj&link=16465_26485_16461يمين الغضب موضع فتنة ; فإن بعض الناس يقول : يمين الغضب لا يلزم ، وينظر في ذلك إلى حديث يروى : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=32031لا يمين في إغلاق } ، وهذا لم يصح ، والإغلاق : الإكراه ; لأنه تغلق الأبواب على المكره وترده إلى مقصده ، وقد {
nindex.php?page=hadith&LINKID=18173حلف النبي صلى الله عليه وسلم غاضبا ألا يحمل الأشعريين وحملهم ، وقال : والله إن شاء الله إني لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلا أتيت الذي هو خير وكفرت عن يميني } . وهذا بين ظاهر جدا .
وأما من قال : إنه قول الرجل : لا والله ، وبلى والله . ففي صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
عائشة قالت : نزلت : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=89لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم } في قول الرجل : لا والله ، وبلى والله . قلنا : هذا صحيح ، ومعناه إذا أكثر الرجل في يمينه من قول : لا والله ، وبلى والله ، على أشياء يظنها كما قال ، فتخرج بخلافه . أو على حقيقة ، فهي تنقسم قسمين : قسما يظن وقسما يعقد ، فلا يؤاخذ منها فيما وقع على ظن ، ويؤاخذ فيما عقد ، وكيف يجوز أن يظن أحد أن قوله : لا والله ، وبلى والله ، فيما يعتقده ويعقده أنه لغو ، وهو منهي عن الاسترسال فيه والتهافت به . قال الله سبحانه : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=224ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس } فنهي عنها ولا يؤاخذ إذا فعلها .
هذا لعمر الله هو القول اللغو ، وهذا يبين لك أن القول ما قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، وأنه اليمين على ظن يخرج بخلافه . فإن قيل وهي :
المسألة الثانية : فاليمين الغموس في أي قسم هي ؟ : قلنا هي مسألة عظمى وداهية كبرى تكلم فيها العلماء ، وقد أفضنا فيها في مسائل الخلاف .
[ ص: 148 ] ووجه إشكالها أنها إن كانت لا كفارة فيها فهي في قسم اللغو ، فلا تقع فيها مؤاخذة ، وإن كانت مما يؤاخذ بها فهي في قسم المنعقدة ، تلزم فيها الكفارة .
وحله طويل ; اختصاره أن الآية وردت بقسمين : لغو ، ومنعقدة خرجت على الغالب في أيمان الناس ; فأما
nindex.php?page=treesubj&link=24898_16342اليمين الغموس فلا يرضى بها ذو دين أو مروءة ، ويحل الإشكال أيضا أن الله سبحانه علق الكفارة على قسمي اليمين المنعقدة ، فدع ما بعدها يكون مائة قسم فإنه لم تعلق عليه كفارة .
فإن قيل : اليمين الغموس منعقدة . والدليل عليه أنها مكتسبة بالقلب ، معقودة بخبر ، مقرونة باسم الله تعالى . قلنا : عقد القلب إنما يكون عقدا إذا تصور حله ، واليمين الغموس مكر وخديعة .
والدليل عليه أن هذا الذي صوره أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي موجود في يمين الاستثناء ، ولا كفارة فيها ; فثبت أن مجرد القصد لا يكفي في الكفارة ، هذا وقد فارق اليمين الغموس الحل . وكيف تنعقد ؟ وقد مهدنا القول فيها في تخليص التلخيص ، فلينظر هنالك .
الْآيَةُ الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=89لَا يُؤَاخِذُكُمْ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمْ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } .
فِيهَا سَبْعٌ وَعِشْرُونَ مَسْأَلَةً :
[ ص: 146 ]
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى :
nindex.php?page=treesubj&link=16475_16474الْيَمِينُ عَلَى ضَرْبَيْنِ : لَغْوٌ وَمُنْعَقِدَةٌ ، وَقَدْ بَيَّنَّا لَغْوَ الْيَمِينِ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ .
وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=16472_16471_16470الْيَمِينُ الْمُنْعَقِدَةُ فَهِيَ الْمُنْفَعِلَةُ مِنْ الْعَقْدِ ، وَالْعَقْدُ عَلَى ضَرْبَيْنِ : حِسِّيٌّ كَعَقْدِ الْحَبْلِ ، وَحُكْمِيٌّ كَعَقْدِ الْبَيْعِ ; وَهُوَ رَبْطُ الْقَوْلِ بِالْقَصْدِ الْقَائِمِ بِالْقَلْبِ ، يَعْزِمُ بِقَلْبِهِ أَوَّلًا مُتَوَاصِلًا مُنْتَظِمًا ، ثُمَّ يُخْبِرُ عَمَّا انْعَقَدَ مِنْ ذَلِكَ بِلِسَانِهِ .
فَإِنْ قِيلَ : صُورَةُ الْيَمِينِ اللَّغْوِ وَالْمُنْعَقِدَةِ عَلَى هَذَا وَاحِدَةٌ ، فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا ؟ قُلْنَا : قَدْ آنَ الْآنَ أَنْ نَلْتَزِمَ بِذَلِكَ الِاحْتِفَاءِ ، وَنَكْشِفَ عَنْهُ الْخَفَاءَ ، فَنَقُولُ : إنَّ الْيَمِينَ الْمُنْعَقِدَةَ مَا قُلْنَاهُ . وَاللَّغْوَ ضِدُّهُ
nindex.php?page=treesubj&link=16472وَالْيَمِينَ اللَّغْوَ سَبْعُ مُتَعَلِّقَاتٍ فِي اخْتِلَافِ النَّاسِ : الْمُتَعَلِّقُ الْأَوَّلُ :
nindex.php?page=treesubj&link=19739_16472_16471الْيَمِينُ مَعَ النِّسْيَانِ ، فَلَا شَكَّ فِي إلْغَائِهَا ; لِأَنَّهُ إذْ قَصَدَ زَيْدًا فَتَلَفَّظَ بِعَمْرٍو فَلَا شَكَّ فِي أَنَّهَا جَاءَتْ عَلَى خِلَافِ قَصْدِهِ ، فَهِيَ لَغْوٌ مَحْضٌ . وَأَمَّا مَنْ قَالَ : إنَّهُ الْيَمِينُ الْمُكَفِّرَةُ فَلَا مُتَعَلِّقَ لَهُ يُحْكَى .
وَالْمُتَعَلِّقُ الثَّالِثُ : فِي
nindex.php?page=treesubj&link=24904دُعَاءِ الْإِنْسَانِ عَلَى نَفْسِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ كَذَا ، فَيَنْزِلْ بِهِ كَذَا ، فَهَذَا قَوْلٌ لَغْوٌ فِي طَرِيقِ الْكَفَّارَةِ ، وَلَكِنَّهُ مُنْعَقِدٌ فِي الْعَقْدِ مَكْرُوهٌ ، وَرُبَّمَا يُؤَاخَذُ بِهِ ; فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : {
لَا يَدْعُوَنَّ أَحَدُكُمْ عَلَى نَفْسِهِ ، فَرُبَّمَا صَادَفَ سَاعَةً لَا يَسْأَلُ اللَّهَ فِيهَا أَحَدٌ شَيْئًا إلَّا أَعْطَاهُ إيَّاهَا } .
وَالْمُتَعَلِّقُ الرَّابِعُ : فِي
nindex.php?page=treesubj&link=16472_16350_16351يَمِينِ الْمَعْصِيَةِ بَاطِلٌ ; لِأَنَّ الْحَالِفَ عَلَى تَرْكِ الْمَعْصِيَةِ تَنْعَقِدُ يَمِينُهُ عِبَادَةً ، وَالْحَالِفَ عَلَى فِعْلِ الْمَعْصِيَةِ تَنْعَقِدُ يَمِينُهُ مَعْصِيَةً ، وَيُقَالُ لَهُ : لَا تَفْعَلْ فَكَفَّرَ ، فَإِنْ أَقْدَمَ عَلَى الْفِعْلِ فَجَرَ فِي إقْدَامِهِ وَبَرَّ فِي يَمِينِهِ .
وَإِنَّمَا قُلْنَا : إنَّهَا تَنْعَقِدُ لِأَنَّهُ قَصَدَ بِقَلْبِهِ الْفِعْلَ أَوْ الْكَفَّ فِي زَمَانٍ مُسْتَقْبَلٍ يَتَأَتَّى فِيهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا . وَهَذَا ظَاهِرٌ .
[ ص: 147 ]
وَالْمُتَعَلِّقُ الْخَامِسُ : فِي
nindex.php?page=treesubj&link=16465_26485_16461يَمِينِ الْغَضَبِ مَوْضِعُ فِتْنَةٍ ; فَإِنَّ بَعْضَ النَّاسِ يَقُولُ : يَمِينُ الْغَضَبِ لَا يَلْزَمُ ، وَيَنْظُرُ فِي ذَلِكَ إلَى حَدِيثٍ يُرْوَى : {
nindex.php?page=hadith&LINKID=32031لَا يَمِينَ فِي إغْلَاقٍ } ، وَهَذَا لَمْ يَصِحَّ ، وَالْإِغْلَاقُ : الْإِكْرَاهُ ; لِأَنَّهُ تُغْلِقُ الْأَبْوَابَ عَلَى الْمُكْرَهِ وَتَرُدُّهُ إلَى مَقْصِدِهِ ، وَقَدْ {
nindex.php?page=hadith&LINKID=18173حَلَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَاضِبًا أَلَّا يَحْمِلَ الْأَشْعَرِيِّينَ وَحَمَلَهُمْ ، وَقَالَ : وَاَللَّهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ إنِّي لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا إلَّا أَتَيْت الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَكَفَّرْت عَنْ يَمِينِي } . وَهَذَا بَيِّنٌ ظَاهِرٌ جِدًّا .
وَأَمَّا مَنْ قَالَ : إنَّهُ قَوْلُ الرَّجُلِ : لَا وَاَللَّهِ ، وَبَلَى وَاَللَّهِ . فَفِي صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ عَنْ
عَائِشَةَ قَالَتْ : نَزَلَتْ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=89لَا يُؤَاخِذُكُمْ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ } فِي قَوْلِ الرَّجُلِ : لَا وَاَللَّهِ ، وَبَلَى وَاَللَّهِ . قُلْنَا : هَذَا صَحِيحٌ ، وَمَعْنَاهُ إذَا أَكْثَرَ الرَّجُلُ فِي يَمِينِهِ مِنْ قَوْلِ : لَا وَاَللَّهِ ، وَبَلَى وَاَللَّهِ ، عَلَى أَشْيَاءَ يَظُنُّهَا كَمَا قَالَ ، فَتَخْرُجُ بِخِلَافِهِ . أَوْ عَلَى حَقِيقَةٍ ، فَهِيَ تَنْقَسِمُ قِسْمَيْنِ : قِسْمًا يُظَنُّ وَقِسْمًا يُعْقَدُ ، فَلَا يُؤَاخَذُ مِنْهَا فِيمَا وَقَعَ عَلَى ظَنٍّ ، وَيُؤَاخَذُ فِيمَا عَقَّدَ ، وَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَظُنَّ أَحَدٌ أَنَّ قَوْلَهُ : لَا وَاَللَّهِ ، وَبَلَى وَاَللَّهِ ، فِيمَا يَعْتَقِدُهُ وَيُعَقِّدُهُ أَنَّهُ لَغْوٌ ، وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْ الِاسْتِرْسَالِ فِيهِ وَالتَّهَافُتِ بِهِ . قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ : {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=224وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ } فَنُهِيَ عَنْهَا وَلَا يُؤَاخَذُ إذَا فَعَلَهَا .
هَذَا لَعَمْرُ اللَّهِ هُوَ الْقَوْلُ اللَّغْوُ ، وَهَذَا يُبَيِّنُ لَك أَنَّ الْقَوْلَ مَا قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكٌ ، وَأَنَّهُ الْيَمِينُ عَلَى ظَنٍّ يَخْرُجُ بِخِلَافِهِ . فَإِنْ قِيلَ وَهِيَ :
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : فَالْيَمِينُ الْغَمُوسُ فِي أَيِّ قِسْمٍ هِيَ ؟ : قُلْنَا هِيَ مَسْأَلَةٌ عُظْمَى وَدَاهِيَةٌ كُبْرَى تَكَلَّمَ فِيهَا الْعُلَمَاءُ ، وَقَدْ أَفَضْنَا فِيهَا فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ .
[ ص: 148 ] وَوَجْهُ إشْكَالِهَا أَنَّهَا إنْ كَانَتْ لَا كَفَّارَةَ فِيهَا فَهِيَ فِي قِسْمِ اللَّغْوِ ، فَلَا تَقَعُ فِيهَا مُؤَاخَذَةٌ ، وَإِنْ كَانَتْ مِمَّا يُؤَاخَذُ بِهَا فَهِيَ فِي قِسْمِ الْمُنْعَقِدَةِ ، تَلْزَمُ فِيهَا الْكَفَّارَةُ .
وَحَلُّهُ طَوِيلٌ ; اخْتِصَارُهُ أَنَّ الْآيَةَ وَرَدَتْ بِقِسْمَيْنِ : لَغْوٌ ، وَمُنْعَقِدَةٌ خَرَجَتْ عَلَى الْغَالِبِ فِي أَيْمَانِ النَّاسِ ; فَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=24898_16342الْيَمِينُ الْغَمُوسُ فَلَا يَرْضَى بِهَا ذُو دِينٍ أَوْ مُرُوءَةٍ ، وَيَحِلُّ الْإِشْكَالُ أَيْضًا أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ عَلَّقَ الْكَفَّارَةَ عَلَى قِسْمَيْ الْيَمِينِ الْمُنْعَقِدَةِ ، فَدَعْ مَا بَعْدَهَا يَكُونُ مِائَةَ قِسْمٍ فَإِنَّهُ لَمْ تُعَلَّقْ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ .
فَإِنْ قِيلَ : الْيَمِينُ الْغَمُوسُ مُنْعَقِدَةٌ . وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهَا مُكْتَسَبَةٌ بِالْقَلْبِ ، مَعْقُودَةٌ بِخَبَرٍ ، مَقْرُونَةٌ بِاسْمِ اللَّهِ تَعَالَى . قُلْنَا : عَقْدُ الْقَلْبِ إنَّمَا يَكُونُ عَقْدًا إذَا تُصُوِّرَ حِلُّهُ ، وَالْيَمِينُ الْغَمُوسُ مَكْرٌ وَخَدِيعَةٌ .
وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ هَذَا الَّذِي صَوَّرَهُ أَصْحَابُ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ مَوْجُودٌ فِي يَمِينِ الِاسْتِثْنَاءِ ، وَلَا كَفَّارَةَ فِيهَا ; فَثَبَتَ أَنَّ مُجَرَّدَ الْقَصْدِ لَا يَكْفِي فِي الْكَفَّارَةِ ، هَذَا وَقَدْ فَارَقَ الْيَمِينُ الْغَمُوسُ الْحِلَّ . وَكَيْفَ تَنْعَقِدُ ؟ وَقَدْ مَهَدْنَا الْقَوْلَ فِيهَا فِي تَخْلِيصِ التَّلْخِيصِ ، فَلْيُنْظَرْ هُنَالِكَ .