[ ص: 614 ] ثم دخلت سنة ثنتين وثمانين ومائة
فيها
nindex.php?page=treesubj&link=33763_33761أخذ الرشيد لولده nindex.php?page=showalam&ids=15128عبد الله المأمون البيعة بولاية العهد من بعد أخيه nindex.php?page=showalam&ids=13739محمد ابن زبيدة الأمين ، وذلك
بالرقة بعد مرجعه من الحج ، وضم ابنه
المأمون إلى
جعفر بن يحيى البرمكي ، ثم أرسله إلى
بغداد ومعه جماعة من
أهل الرشيد خدمة له ، وولاه
خراسان وما يتصل بها ، وسماه
المأمون .
وفيها
nindex.php?page=treesubj&link=33800رجع nindex.php?page=showalam&ids=17312يحيى بن خالد البرمكي من مجاورته بمكة إلى بغداد .
وفيها
nindex.php?page=treesubj&link=33793غزا الصائفة عبد الرحمن بن عبد الملك بن صالح ، فبلغ
مدينة أصحاب الكهف .
وفيها
nindex.php?page=treesubj&link=33800سملت الروم عيني ملكهم قسطنطين بن أليون ، وملكوا عليهم أمه رينى ، وتلقب أغسطة .
nindex.php?page=treesubj&link=33800وحج بالناس فيها موسى بن عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس .
وممن
nindex.php?page=treesubj&link=34064توفي فيها من الأعيان : nindex.php?page=showalam&ids=12434إسماعيل بن عياش الحمصي أحد المشاهير من أئمة الشاميين ، وفيه كلام .
[ ص: 615 ] nindex.php?page=showalam&ids=17064nindex.php?page=treesubj&link=34064ومروان بن أبي حفصة ، الشاعر المشهور المشكور ، كان يمدح الخلفاء
والبرامكة nindex.php?page=treesubj&link=34064ومعن بن زائدة ، وكان قد تحصل له من الأموال شيء كثير جدا ، وكان مع ذلك من أبخل الناس ، لا يكاد يأكل اللحم من بخله ، ولا يشعل في بيته سراجا ، ولا يلبس من الثياب إلا الكرباس والفرو الغليظ ، وكان رفيقه
سلم الخاسر إذا ركب إلى دار الخلافة يأتي على برذون ، وبدلة سنية تساوي ألف دينار ، والطيب ينفح من ثيابه ، ويأتي
مروان في شر حالة وأسوئها .
وخرج يوما إلى
المهدي ، فقالت امرأة من أهله : إن أطلق لك الخليفة شيئا فاجعل لي منه شيئا . فقال : إن أعطاني مائة ألف درهم فلك درهم . فأعطاه ستين ألفا ، فأعطاها أربعة دوانيق . توفي
ببغداد في هذه السنة ، ودفن في مقبرة
نصر بن مالك .
nindex.php?page=treesubj&link=34064_33935والقاضي أبو يوسف وهو يعقوب بن إبراهيم بن حبيب بن سعد بن حبتة ، وهي أمه ، وأبوه
بحير بن معاوية ، وسعد هذا له صحبة ، استصغر يوم
[ ص: 616 ] أحد ،
وأبو يوسف القاضي هذا كان أكبر أصحاب
أبي حنيفة ، رحمه الله ، وروى الحديث عن
الأعمش ، nindex.php?page=showalam&ids=17245وهشام بن عروة ، nindex.php?page=showalam&ids=16903ومحمد بن إسحاق ، ويحيى بن سعيد ، وغيرهم . وعنه
محمد بن الحسن ، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد بن حنبل ، nindex.php?page=showalam&ids=17336ويحيى بن معين .
قال
علي بن الجعد : سمعته يقول : توفي أبي وأنا صغير ، فأسلمتني أمي إلى قصار ، فكنت أمر على حلقة
أبي حنيفة ، فأجلس فيها ، فكانت أمي تتبعني ، فتأخذ بيدي من الحلقة وتذهب بي إلى القصار ، ثم كنت أخالفها في ذلك وأذهب إلى
أبي حنيفة ، فلما طال ذلك قالت أمي
nindex.php?page=showalam&ids=11990لأبي حنيفة : إن هذا صبي يتيم ، ليس له شيء إلا ما أطعمه من مغزلي ، وإنك قد أفسدته علي . فقال لها : اسكتي يا رعناء ، ها هو ذا يتعلم العلم ، وسيأكل الفالوذج بدهن الفستق . فقالت له : إنك شيخ قد خرفت . قال
أبو يوسف : فلما وليت القضاء - وكان أول من ولاه القضاء
الهادي ، وهو أول من لقب بقاضي القضاة ، وكان يقال له : قاضي قضاة الدنيا . لأنه كان يستنيب في سائر الأقاليم التي يحكم فيها الخليفة - قال
أبو يوسف : فبينا أنا ذات يوم عند
الرشيد إذ أتي بفالوذج وكنت لا أعرفها ، فقال لي : كل من هذا; فإنه لا يصنع لنا كل وقت . فقلت : وما هذا يا أمير المؤمنين؟ فقال : هذا الفالوذج . قال : فتبسمت ، فقال : ما لك تتبسم؟ فقلت : لا شيء ، أبقى الله أمير المؤمنين . فقال : لتخبرني : فقصصت عليه القصة من أولها ، فقال : إن العلم ينفع ويرفع في الدنيا والآخرة . ثم قال : رحم الله
أبا حنيفة ، فلقد كان ينظر بعين عقله ما لا يراه بعين رأسه .
[ ص: 617 ] وكان
أبو حنيفة يقول عن
أبي يوسف : إنه أعلم أصحابه .
وقال
المزني : كان
أبو يوسف أتبعهم للحديث .
وقال
ابن المديني : كان صدوقا . وقال
ابن معين : كان ثقة . وقال
أبو زرعة : كان سليما من التجهم .
وقال
بشار الخفاف : سمعت
أبا يوسف يقول : من قال : القرآن مخلوق . فحرام كلامه ، وفرض مباينته .
ومن كلامه الذي ينبغي كتابته بماء الذهب قوله : من طلب المال بالكيمياء أفلس ، ومن تتبع غرائب الحديث كذب ، ومن طلب العلم بالكلام تزندق .
ولما تناظر هو
nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك بالمدينة بحضرة
الرشيد في مسألة الصاع وزكاة الخضراوات احتج
مالك بما استدعى به من تلك الصيعان المنقولة عن آبائهم وأسلافهم ، وبأنه لم تكن الخضراوات في زمن الخلفاء الراشدين . فقال : لو رأى صاحبي ما رأيت لرجع كما رجعت . وهذا إنصاف .
وقد كان يحضر في مجلس حكمه العلماء على طبقاتهم ، حتى إن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل كان شابا ، وكان يحضر مجلسه في أثناء الناس ، فيتناظرون ويتباحثون فيه ، وهو مع ذلك يحكم ويصنف أيضا .
[ ص: 618 ] وقال : وليت هذا الحكم ، وأرجو الله أن لا يسألني عن جور ولا ميل إلى أحد إلا يوما واحدا; جاءني رجل فذكر أن له بستانا ، وأنه في يد أمير المؤمنين ، فدخلت إلى أمير المؤمنين فأعلمته ، فقال : البستان لي ، اشتراه لي
المهدي . فقلت : إن رأى أمير المؤمنين أن يحضره لأسمع دعواه . فأحضره فادعى بالبستان ، فقلت : ما تقول يا أمير المؤمنين؟ فقال : هو بستاني . فقلت للرجل : قد سمعت ما أجاب . فقال الرجل : يحلف . فقلت : أتحلف يا أمير المؤمنين؟ فقال : لا . فقلت : سأعرض عليك اليمين ثلاثا ، فإن حلفت وإلا حكمت عليك . فعرضتها عليه ثلاثا فامتنع ، فحكمت بالبستان للمدعي . قال : فكنت في أثناء الخصومة أود أن ننفصل ، ولم يمكني أن أجلس الرجل مع الخليفة . وبعث القاضي
أبو يوسف في تسليم البستان إلى الرجل .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=15263المعافى بن زكريا الجريري ، عن
محمد ابن أبي الأزهر ، عن
حماد ابن أبي إسحاق - الموصلي ، عن أبيه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15535بشر بن الوليد ، عن
أبي يوسف قال : بينا أنا ذات ليلة قد نمت في الفراش ، إذا رسول الخليفة يطرق الباب ، فخرجت منزعجا فقال : أمير المؤمنين يدعوك . فذهبت فإذا هو جالس ومعه
عيسى بن جعفر ، فقال لي
الرشيد : إن هذا قد طلبت منه جارية يهبنيها ، فلم يفعل ، أو يبيعنيها فلم يفعل ، وإني أشهدك إن لم يجبني إلى ذلك قتلته . فقلت
لعيسى : لم لم تفعل؟ فقال : إني حالف بالطلاق والعتاق وصدقة مالي كله أن لا أبيعها ولا أهبها . فقال لي
الرشيد : فهل له من مخلص؟ فقلت : نعم ، يبيعك نصفها ، ويهبك نصفها . فوهبه النصف ، وباعه النصف بمائة ألف دينار ، فقبل منه ذلك ،
[ ص: 619 ] وأحضرت الجارية ، فلما رآها
الرشيد قال : هل لي من سبيل عليها الليلة؟ قلت : إنها مملوكة ، ولا بد من استبرائها ، إلا أن تعتقها وتتزوجها ، فإن الحرة لا تستبرأ . قال : فأعتقها وزوجتها منه بعشرين ألف دينار ، وأمر لي بمائتي ألف درهم وعشرين تختا من ثياب ، وأرسلت إلي الجارية بعشرة آلاف دينار .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=17336يحيى بن معين : كنت عند
أبي يوسف ، فجاءته هدية من ثياب دبيقي وطيب وتماثيل ند وغير ذلك ، فذاكرني رجل في إسناد حديث :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3512710 " من أهديت له هدية وعنده قوم جلوس فهم شركاؤه " . فقال
أبو يوسف : إنما ذاك في الأقط والتمر والزبيب ، ولم تكن الهدايا ما ترون ، يا غلام ، شل إلى الخزائن .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15211بشر بن غياث المريسي : سمعت
أبا يوسف يقول : صحبت
أبا حنيفة سبع عشرة سنة ، ثم انصبت علي الدنيا سبع عشرة سنة ، وما أظن أجلي إلا قد اقترب . فما كان شهور حتى مات .
وقد مات
أبو يوسف في ربيع الأول من هذه السنة عن تسع وستين سنة ، وقد مكث في القضاء ست عشرة سنة ، وولي القضاء من بعده ولده
يوسف . [ ص: 620 ] وقد كان نائبه على الجانب الغربي من
بغداد . ومن زعم من الرواة أن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي اجتمع
بأبي يوسف كما يقوله
عبد الله بن محمد البلوي الكذاب في الرحلة التي ساقها
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، فقد أخطأ في ذلك ، فإن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي إنما ورد
بغداد في أول قدمة قدمها إليها في سنة أربع وثمانين . وإنما اجتمع
بمحمد بن الحسن الشيباني ، فأحسن إليه وأقبل عليه ، ولم يكن بينهما شنآن ، كما قد يذكره بعض من لا خبرة له بهذا الشأن . والله أعلم .
وفيها توفي
nindex.php?page=treesubj&link=34064يعقوب بن داود بن طهمان أبو عبد الله ، مولى عبد الله بن خازم السلمي ، استوزره
المهدي ، وسلم إليه أزمة الأمور ، وحظي عنده جدا ، ثم لما أمره بقتل ذلك العلوي فأرسله ، ونمت عليه الجارية ، وتحقق أنه لم يفعل ، سجنه في بئر ، وبنيت عليه قبة ، ونبت عليه شعر كما ينبت شعر الأنعام ، وعمي ، ويقال : عشي بصره ، ومكث نحوا من خمس عشر سنة في ذلك المكان لا يرى شيئا ، ولا يسمع صوتا إلا حين الصلوات يعلم به ، ويدلى إليه في كل يوم رغيف وكوز ماء ، حتى انقضت أيام
المهدي وأيام
الهادي وصدر من خلافة
الرشيد ، قال
يعقوب : فأتاني آت في منامي فقال :
عسى الكرب الذي أمسيت فيه يكون وراءه فرج قريب فيأمن خائف ويفك عان
ويأتي أهله النائي الغريب
[ ص: 621 ] فلما أصبحت نوديت فظننت أني أعلم بوقت الصلاة ، ودلي إلي حبل ، وقيل لي : اربط هذا الحبل في وسطك . فأخرجوني ، فلما نظرت إلى الضياء لم أبصر شيئا ، وأوقفت بين يدي الخليفة . فظننته
المهدي ، فسلمت عليه أنه
المهدي ، فقال : لست به . قلت :
فالهادي؟ فقال : لست به . فقلت : السلام عليك يا أمير المؤمنين
الرشيد . فقال : نعم . ثم قال : والله إنه لم يشفع فيك عندي أحد ، ولكني البارحة حملت جارية لي صغيرة على عنقي ، فذكرت حملك إياي على عنقك ، فرحمت ما أنت فيه من الضيق ، فأخرجتك . ثم أنعم عليه وأحسن إليه . فغار منه
nindex.php?page=showalam&ids=17312يحيي بن خالد بن برمك ، وخشي أن يعيده إلى المنزلة التي كان فيها أيام
المهدي ، وفهم ذلك
يعقوب ، فاستأذن الخليفة في الذهاب إلى
مكة ، فأذن له ، فكان بها حتى مات في هذه السنة ، رحمه الله .
nindex.php?page=treesubj&link=34064ويزيد بن زريع أبو معاوية العيشي ، كان ثقة عالما عابدا ورعا ، توفي أبوه وكان والي
البصرة ، وترك من المال خمسمائة ألف درهم ، فلم يأخذ منها
يزيد درهما واحدا ، وكان يعمل الخوص ، ويأكل منه . وتوفي
بالبصرة في هذه السنة ، وقيل قبل ذلك . فالله أعلم .
[ ص: 614 ] ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثِنْتَيْنِ وَثَمَانِينَ وَمِائَةٍ
فِيهَا
nindex.php?page=treesubj&link=33763_33761أَخَذَ الرَّشِيدُ لِوَلَدِهِ nindex.php?page=showalam&ids=15128عَبْدِ اللَّهِ الْمَأْمُونِ الْبَيْعَةَ بِوِلَايَةِ الْعَهْدِ مِنْ بَعْدِ أَخِيهِ nindex.php?page=showalam&ids=13739مُحَمَّدٍ ابْنِ زُبَيْدَةَ الْأَمِينِ ، وَذَلِكَ
بِالرَّقَّةِ بَعْدَ مَرْجِعِهِ مِنَ الْحَجِّ ، وَضَمَّ ابْنَهُ
الْمَأْمُونَ إِلَى
جَعْفَرِ بْنِ يَحْيَى الْبَرْمَكِيِّ ، ثُمَّ أَرْسَلَهُ إِلَى
بَغْدَادَ وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ
أَهْلِ الرَّشِيدِ خَدَمَةً لَهُ ، وَوَلَّاهُ
خُرَاسَانَ وَمَا يَتَّصِلُ بِهَا ، وَسَمَّاهُ
الْمَأْمُونَ .
وَفِيهَا
nindex.php?page=treesubj&link=33800رَجَعَ nindex.php?page=showalam&ids=17312يَحْيَى بْنُ خَالِدٍ الْبَرْمَكِيُّ مِنْ مُجَاوَرَتِهِ بِمَكَّةَ إِلَى بَغْدَادَ .
وَفِيهَا
nindex.php?page=treesubj&link=33793غَزَا الصَّائِفَةَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ صَالِحٍ ، فَبَلَغَ
مَدِينَةَ أَصْحَابِ الْكَهْفِ .
وَفِيهَا
nindex.php?page=treesubj&link=33800سَمَلَتِ الرُّومُ عَيْنَيْ مَلِكِهِمْ قُسْطَنْطِينَ بْنِ أَلْيُونَ ، وَمَلَّكُوا عَلَيْهِمْ أُمَّهُ رِينَى ، وَتُلَقَّبُ أُغُسْطَةَ .
nindex.php?page=treesubj&link=33800وَحَجَّ بِالنَّاسِ فِيهَا مُوسَى بْنُ عِيسَى بْنِ مُوسَى بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْعَبَّاسِ .
وَمِمَّنْ
nindex.php?page=treesubj&link=34064تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ : nindex.php?page=showalam&ids=12434إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ الْحِمْصِيُّ أَحَدُ الْمَشَاهِيرِ مِنْ أَئِمَّةِ الشَّامِيِّينَ ، وَفِيهِ كَلَامٌ .
[ ص: 615 ] nindex.php?page=showalam&ids=17064nindex.php?page=treesubj&link=34064وَمَرْوَانُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ ، الشَّاعِرُ الْمَشْهُورُ الْمَشْكُورُ ، كَانَ يَمْدَحُ الْخُلَفَاءَ
وَالْبَرَامِكَةَ nindex.php?page=treesubj&link=34064وَمَعْنَ بْنَ زَائِدَةَ ، وَكَانَ قَدْ تَحَصَّلَ لَهُ مِنَ الْأَمْوَالِ شَيْءٌ كَثِيرٌ جِدًّا ، وَكَانَ مَعَ ذَلِكَ مِنْ أَبْخَلِ النَّاسِ ، لَا يَكَادُ يَأْكُلُ اللَّحْمَ مِنْ بُخْلِهِ ، وَلَا يُشْعِلُ فِي بَيْتِهِ سِرَاجًا ، وَلَا يَلْبَسُ مِنَ الثِّيَابِ إِلَّا الْكِرْبَاسَ وَالْفَرْوَ الْغَلِيظَ ، وَكَانَ رَفِيقُهُ
سَلْمٌ الْخَاسِرُ إِذَا رَكِبَ إِلَى دَارِ الْخِلَافَةِ يَأْتِي عَلَى بِرْذَوْنٍ ، وَبَدْلَةٍ سَنِيَّةٍ تُسَاوِي أَلْفَ دِينَارٍ ، وَالطِّيبُ يَنْفُحُ مِنْ ثِيَابِهِ ، وَيَأْتِي
مَرْوَانَ فِي شَرِّ حَالَةٍ وَأَسْوَئِهَا .
وَخَرَجَ يَوْمًا إِلَى
الْمَهْدِيِّ ، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِهِ : إِنْ أَطْلَقَ لَكَ الْخَلِيفَةُ شَيْئًا فَاجْعَلْ لِي مِنْهُ شَيْئًا . فَقَالَ : إِنْ أَعْطَانِي مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَلَكِ دِرْهَمٌ . فَأَعْطَاهُ سِتِّينَ أَلْفًا ، فَأَعْطَاهَا أَرْبَعَةَ دَوَانِيقَ . تُوُفِّيَ
بِبَغْدَادَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ ، وَدُفِنَ فِي مَقْبَرَةِ
نَصْرِ بْنِ مَالِكٍ .
nindex.php?page=treesubj&link=34064_33935وَالْقَاضِي أَبُو يُوسُفَ وَهُوَ يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ حَبْتَةَ ، وَهِيَ أُمُّهُ ، وَأَبُوهُ
بَحِيرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، وَسَعْدٌ هَذَا لَهُ صُحْبَةٌ ، اسْتُصْغِرَ يَوْمَ
[ ص: 616 ] أُحُدٍ ،
وَأَبُو يُوسُفَ الْقَاضِي هَذَا كَانَ أَكْبَرَ أَصْحَابِ
أَبِي حَنِيفَةَ ، رَحِمَهُ اللَّهُ ، وَرَوَى الْحَدِيثَ عَنِ
الْأَعْمَشِ ، nindex.php?page=showalam&ids=17245وَهِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، nindex.php?page=showalam&ids=16903وَمُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، وَغَيْرِهِمْ . وَعَنْهُ
مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ، nindex.php?page=showalam&ids=12251وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ، nindex.php?page=showalam&ids=17336وَيَحْيَى بْنُ مَعِيِنٍ .
قَالَ
عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ : سَمِعْتُهُ يَقُولُ : تُوُفِّيَ أَبِي وَأَنَا صَغِيرٌ ، فَأَسْلَمَتْنِي أُمِّي إِلَى قَصَّارٍ ، فَكُنْتُ أَمُرُّ عَلَى حَلْقَةِ
أَبِي حَنِيفَةَ ، فَأَجْلِسُ فِيهَا ، فَكَانَتْ أُمِّي تَتْبَعُنِي ، فَتَأْخُذُ بِيَدِي مِنَ الْحَلْقَةِ وَتَذْهَبُ بِي إِلَى الْقَصَّارِ ، ثُمَّ كُنْتُ أُخَالِفُهَا فِي ذَلِكَ وَأَذْهَبُ إِلَى
أَبِي حَنِيفَةَ ، فَلَمَّا طَالَ ذَلِكَ قَالَتْ أُمِّي
nindex.php?page=showalam&ids=11990لِأَبِي حَنِيفَةَ : إِنَّ هَذَا صَبِيٌّ يَتِيمٌ ، لَيْسَ لَهُ شَيْءٌ إِلَّا مَا أُطْعِمُهُ مِنْ مِغْزَلِي ، وَإِنَّكَ قَدْ أَفْسَدْتَهُ عَلَيَّ . فَقَالَ لَهَا : اسْكُتِي يَا رَعْنَاءُ ، هَا هُوَ ذَا يَتَعَلَّمُ الْعِلْمَ ، وَسَيَأْكُلُ الْفَالَوْذَجَ بِدُهْنِ الْفُسْتُقِ . فَقَالَتْ لَهُ : إِنَّكَ شَيْخٌ قَدْ خَرِفْتَ . قَالَ
أَبُو يُوسُفَ : فَلَمَّا وَلِيتُ الْقَضَاءَ - وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ وَلَّاهُ الْقَضَاءَ
الْهَادِي ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ لُقِّبَ بِقَاضِي الْقُضَاةِ ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ : قَاضِي قُضَاةِ الدُّنْيَا . لِأَنَّهُ كَانَ يَسْتَنِيبُ فِي سَائِرِ الْأَقَالِيمِ الَّتِي يَحْكُمُ فِيهَا الْخَلِيفَةُ - قَالَ
أَبُو يُوسُفَ : فَبَيْنَا أَنَا ذَاتَ يَوْمٍ عِنْدَ
الرَّشِيدِ إِذْ أُتِيَ بِفَالَوْذَجَ وَكُنْتُ لَا أَعْرِفُهَا ، فَقَالَ لِي : كُلْ مِنْ هَذَا; فَإِنَّهُ لَا يُصْنَعُ لَنَا كُلَّ وَقْتٍ . فَقُلْتُ : وَمَا هَذَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَقَالَ : هَذَا الْفَالَوْذَجُ . قَالَ : فَتَبَسَّمْتُ ، فَقَالَ : مَا لَكَ تَتَبَسَّمُ؟ فَقُلْتُ : لَا شَيْءَ ، أَبْقَى اللَّهُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ . فَقَالَ : لَتُخْبِرَنِّي : فَقَصَصْتُ عَلَيْهِ الْقِصَّةَ مِنْ أَوَّلِهَا ، فَقَالَ : إِنَّ الْعِلْمَ يَنْفَعُ وَيَرْفَعُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ . ثُمَّ قَالَ : رَحِمَ اللَّهُ
أَبَا حَنِيفَةَ ، فَلِقَدْ كَانَ يَنْظُرُ بِعَيْنِ عَقْلِهِ مَا لَا يَرَاهُ بِعَيْنِ رَأْسِهِ .
[ ص: 617 ] وَكَانَ
أَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ عَنْ
أَبِي يُوسُفَ : إِنَّهُ أَعْلَمُ أَصْحَابِهِ .
وَقَالَ
الْمُزَنِيُّ : كَانَ
أَبُو يُوسُفَ أَتْبَعَهُمْ لِلْحَدِيثِ .
وَقَالَ
ابْنُ الْمَدِينِيِّ : كَانَ صَدُوقًا . وَقَالَ
ابْنُ مَعِينٍ : كَانَ ثِقَةً . وَقَالَ
أَبُو زُرْعَةَ : كَانَ سَلِيمًا مِنَ التَّجَهُّمِ .
وَقَالَ
بَشَّارٌ الْخَفَّافُ : سَمِعْتُ
أَبَا يُوسُفَ يَقُولُ : مَنْ قَالَ : الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ . فَحَرَامُ كَلَامُهُ ، وَفَرْضٌ مُبَايَنَتُهُ .
وَمِنْ كَلَامِهِ الَّذِي يَنْبَغِي كِتَابَتُهُ بِمَاءِ الذَّهَبِ قَوْلُهُ : مَنْ طَلَبَ الْمَالَ بِالْكِيمْيَاءِ أَفْلَسَ ، وَمَنْ تَتَبَّعَ غَرَائِبَ الْحَدِيثِ كَذَبَ ، وَمَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ بِالْكَلَامِ تَزَنْدَقَ .
وَلَمَّا تَنَاظَرَ هُوَ
nindex.php?page=showalam&ids=16867وَمَالِكٌ بِالْمَدِينَةِ بِحَضْرَةِ
الرَّشِيدِ فِي مَسْأَلَةِ الصَّاعِ وَزَكَاةِ الْخَضْرَاوَاتِ احْتَجَّ
مَالِكٌ بِمَا اسْتَدْعَى بِهِ مِنْ تِلْكَ الصِّيعَانِ الْمَنْقُولَةِ عَنْ آبَائِهِمْ وَأَسْلَافِهِمْ ، وَبِأَنَّهُ لَمْ تَكُنِ الْخَضْرَاوَاتُ فِي زَمَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ . فَقَالَ : لَوْ رَأَى صَاحِبِي مَا رَأَيْتُ لَرَجَعَ كَمَا رَجَعْتُ . وَهَذَا إِنْصَافٌ .
وَقَدْ كَانَ يَحْضُرُ فِي مَجْلِسِ حُكْمِهِ الْعُلَمَاءُ عَلَى طَبَقَاتِهِمْ ، حَتَّى إِنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ كَانَ شَابًّا ، وَكَانَ يَحْضُرُ مَجْلِسَهُ فِي أَثْنَاءِ النَّاسِ ، فَيَتَنَاظَرُونَ وَيَتَبَاحَثُونَ فِيهِ ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يَحْكُمُ وَيُصَنِّفُ أَيْضًا .
[ ص: 618 ] وَقَالَ : وُلِّيتُ هَذَا الْحُكْمَ ، وَأَرْجُو اللَّهَ أَنْ لَا يَسْأَلَنِي عَنْ جَوْرٍ وَلَا مَيْلٍ إِلَى أَحَدٍ إِلَّا يَوْمًا وَاحِدًا; جَاءَنِي رَجُلٌ فَذَكَرَ أَنَّ لَهُ بُسْتَانًا ، وَأَنَّهُ فِي يَدِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ، فَدَخَلْتُ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَأَعْلَمْتُهُ ، فَقَالَ : الْبُسْتَانُ لِي ، اشْتَرَاهُ لِي
الْمَهْدِيُّ . فَقُلْتُ : إِنْ رَأَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يُحْضِرَهُ لِأَسْمَعَ دَعْوَاهُ . فَأَحْضَرَهُ فَادَّعَى بِالْبُسْتَانِ ، فَقُلْتُ : مَا تَقُولُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَقَالَ : هُوَ بُسْتَانِي . فَقُلْتُ لِلرَّجُلِ : قَدْ سَمِعْتَ مَا أَجَابَ . فَقَالَ الرَّجُلُ : يَحْلِفُ . فَقُلْتُ : أَتَحْلِفُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَقَالَ : لَا . فَقُلْتُ : سَأَعْرِضُ عَلَيْكَ الْيَمِينَ ثَلَاثًا ، فَإِنْ حَلَفْتَ وَإِلَّا حَكَمْتُ عَلَيْكَ . فَعَرَضْتُهَا عَلَيْهِ ثَلَاثًا فَامْتَنَعَ ، فَحَكَمْتُ بِالْبُسْتَانِ لِلْمُدَّعِي . قَالَ : فَكُنْتُ فِي أَثْنَاءِ الْخُصُومَةِ أَوَدُّ أَنْ نَنْفَصِلَ ، وَلَمْ يُمْكِنِّي أَنْ أُجْلِسَ الرَّجُلَ مَعَ الْخَلِيفَةِ . وَبَعَثَ الْقَاضِي
أَبُو يُوسُفَ فِي تَسْلِيمِ الْبُسْتَانِ إِلَى الرَّجُلِ .
وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=15263الْمُعَافَى بْنُ زَكَرِيَّا الْجُرَيْرِيُّ ، عَنْ
مُحَمَّدِ ابْنِ أَبِي الْأَزْهَرِ ، عَنْ
حَمَّادِ ابْنِ أَبِي إِسْحَاقَ - الْمَوْصِلِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15535بِشْرِ بْنِ الْوَلِيدِ ، عَنْ
أَبِي يُوسُفَ قَالَ : بَيْنَا أَنَا ذَاتَ لَيْلَةٍ قَدْ نِمْتُ فِي الْفِرَاشِ ، إِذَا رَسُولُ الْخَلِيفَةِ يَطْرُقُ الْبَابَ ، فَخَرَجْتُ مُنْزَعِجًا فَقَالَ : أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ يَدْعُوكَ . فَذَهَبْتُ فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ وَمَعَهُ
عِيسَى بْنُ جَعْفَرٍ ، فَقَالَ لِي
الرَّشِيدُ : إِنَّ هَذَا قَدْ طَلَبْتُ مِنْهُ جَارِيَةً يَهَبُنِيهَا ، فَلَمْ يَفْعَلْ ، أَوْ يَبِيعُنِيهَا فَلَمْ يَفْعَلْ ، وَإِنِّي أُشْهِدُكَ إِنْ لَمْ يُجِبْنِي إِلَى ذَلِكَ قَتَلْتُهُ . فَقُلْتُ
لِعِيسَى : لِمَ لَمْ تَفْعَلْ؟ فَقَالَ : إِنِّي حَالِفٌ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَصَدَقَةِ مَالِي كُلِّهِ أَنْ لَا أَبِيعَهَا وَلَا أَهَبَهَا . فَقَالَ لِي
الرَّشِيدُ : فَهَلْ لَهُ مِنْ مَخْلَصٍ؟ فَقُلْتُ : نَعَمْ ، يَبِيعُكُ نِصْفَهَا ، وَيَهَبُكَ نِصْفَهَا . فَوَهَبَهُ النِّصْفَ ، وَبَاعَهُ النِّصْفَ بِمِائَةِ أَلْفِ دِينَارٍ ، فَقَبِلَ مِنْهُ ذَلِكَ ،
[ ص: 619 ] وَأُحْضِرَتِ الْجَارِيَةُ ، فَلَمَّا رَآهَا
الرَّشِيدُ قَالَ : هَلْ لِي مِنْ سَبِيلٍ عَلَيْهَا اللَّيْلَةَ؟ قُلْتُ : إِنَّهَا مَمْلُوكَةٌ ، وَلَا بُدَّ مِنَ اسْتِبْرَائِهَا ، إِلَّا أَنْ تُعْتِقَهَا وَتَتَزَوَّجَهَا ، فَإِنَّ الْحُرَّةَ لَا تُسْتَبْرَأُ . قَالَ : فَأَعْتَقَهَا وَزَوَّجْتُهَا مِنْهُ بِعِشْرِينَ أَلْفَ دِينَارٍ ، وَأَمَرَ لِي بِمِائَتَيْ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَعِشْرِينَ تَخْتًا مِنْ ثِيَابٍ ، وَأَرْسَلَتْ إِلَيَّ الْجَارِيَةُ بِعَشَرَةِ آلَافِ دِينَارٍ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=17336يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ : كُنْتُ عِنْدَ
أَبِي يُوسُفَ ، فَجَاءَتْهُ هَدِيَّةٌ مِنْ ثِيَابٍ دَبِيقِيٍّ وَطِيبٍ وَتَمَاثِيلَ نِدٍّ وَغَيْرِ ذَلِكَ ، فَذَاكَرَنِي رَجُلٌ فِي إِسْنَادِ حَدِيثِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3512710 " مَنْ أُهْدِيَتْ لَهُ هَدِيَّةٌ وَعِنْدَهُ قَوْمٌ جُلُوسٌ فَهُمْ شُرَكَاؤُهُ " . فَقَالَ
أَبُو يُوسُفَ : إِنَّمَا ذَاكَ فِي الْأَقِطِ وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ ، وَلَمْ تَكُنِ الْهَدَايَا مَا تَرَوْنَ ، يَا غُلَامُ ، شِلْ إِلَى الْخَزَائِنِ .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15211بِشْرُ بْنُ غِيَاثٍ الْمَرِيسِيُّ : سَمِعْتُ
أَبَا يُوسُفَ يَقُولُ : صَحِبْتُ
أَبَا حَنِيفَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً ، ثُمَّ انْصَبَّتْ عَلَيَّ الدُّنْيَا سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً ، وَمَا أَظُنُّ أَجَلِي إِلَّا قَدِ اقْتَرَبَ . فَمَا كَانَ شُهُورٌ حَتَّى مَاتَ .
وَقَدْ مَاتَ
أَبُو يُوسُفَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ تِسْعٍ وَسِتِّينَ سَنَةً ، وَقَدْ مَكَثَ فِي الْقَضَاءِ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً ، وَوَلِيَ الْقَضَاءَ مِنْ بَعْدِهِ وَلَدُهُ
يُوسُفُ . [ ص: 620 ] وَقَدْ كَانَ نَائِبَهُ عَلَى الْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ مِنْ
بَغْدَادَ . وَمَنْ زَعَمَ مِنَ الرُّوَاةِ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيَّ اجْتَمَعَ
بِأَبِي يُوسُفَ كَمَا يَقُولُهُ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَلَوِيُّ الْكَذَّابُ فِي الرِّحْلَةِ الَّتِي سَاقَهَا
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ ، فَقَدْ أَخْطَأَ فِي ذَلِكَ ، فَإِنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيَّ إِنَّمَا وَرَدَ
بَغْدَادَ فِي أَوَّلِ قَدْمَةٍ قَدِمَهَا إِلَيْهَا فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَثَمَانِينَ . وَإِنَّمَا اجْتَمَعَ
بِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الشَّيْبَانِيِّ ، فَأَحْسَنَ إِلَيْهِ وَأَقْبَلَ عَلَيْهِ ، وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا شَنَآنٌ ، كَمَا قَدْ يَذْكُرُهُ بَعْضُ مَنْ لَا خِبْرَةَ لَهُ بِهَذَا الشَّأْنِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَفِيهَا تُوُفِّيَ
nindex.php?page=treesubj&link=34064يَعْقُوبُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ طَهْمَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ، مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَازِمٍ السُّلَمِيِّ ، اسْتَوْزَرَهُ
الْمَهْدِيُّ ، وَسَلَّمَ إِلَيْهِ أَزِمَّةَ الْأُمُورِ ، وَحَظِيَ عِنْدَهُ جِدًّا ، ثُمَّ لَمَّا أَمَرَهُ بِقَتْلِ ذَلِكَ الْعَلَوِيِّ فَأَرْسَلَهُ ، وَنَمَّتْ عَلَيْهِ الْجَارِيَةُ ، وَتَحَقَّقَ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ ، سَجَنَهُ فِي بِئْرٍ ، وَبُنِيَتْ عَلَيْهِ قُبَّةٌ ، وَنَبَتَ عَلَيْهِ شَعْرٌ كَمَا يَنْبُتُ شَعْرُ الْأَنْعَامِ ، وَعَمِيَ ، وَيُقَالُ : عَشِيَ بَصَرُهُ ، وَمَكَثَ نَحْوًا مِنْ خَمْسَ عَشْرَ سَنَةً فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ لَا يَرَى شَيْئًا ، وَلَا يَسْمَعُ صَوْتًا إِلَّا حِينَ الصَّلَوَاتِ يُعْلَمُ بِهِ ، وَيُدَلَّى إِلَيْهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ رَغِيفٌ وَكُوزُ مَاءٍ ، حَتَّى انْقَضَتْ أَيَّامُ
الْمَهْدِيِّ وَأَيَّامُ
الْهَادِي وَصَدْرٌ مِنْ خِلَافَةِ
الرَّشِيدِ ، قَالَ
يَعْقُوبُ : فَأَتَانِي آتٍ فِي مَنَامِي فَقَالَ :
عَسَى الْكَرْبُ الَّذِي أَمْسَيْتَ فِيهِ يَكُونُ وَرَاءَهُ فَرَجٌ قَرِيبُ فَيَأَمَنَ خَائِفٌ وَيُفَكُّ عَانٍ
وَيَأْتِي أَهْلَهُ النَّائِي الْغَرِيبُ
[ ص: 621 ] فَلَمَّا أَصْبَحْتُ نُودِيتُ فَظَنَنْتُ أَنِّي أُعْلَمُ بِوَقْتِ الصَّلَاةِ ، وَدُلِيَّ إِلَيَّ حَبْلٌ ، وَقِيلَ لِي : ارْبُطْ هَذَا الْحَبْلَ فِي وَسَطِكِ . فَأَخْرَجُونِي ، فَلَمَّا نَظَرْتُ إِلَى الضِّيَاءِ لَمْ أُبْصِرْ شَيْئًا ، وَأُوقِفْتُ بَيْنَ يَدَيِ الْخَلِيفَةِ . فَظَنَنْتُهُ
الْمَهْدِيَّ ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ أَنَّهُ
الْمَهْدِيُّ ، فَقَالَ : لَسْتُ بِهِ . قُلْتُ :
فَالْهَادِي؟ فَقَالَ : لَسْتُ بِهِ . فَقُلْتُ : السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ
الرَّشِيدَ . فَقَالَ : نَعَمْ . ثُمَّ قَالَ : وَاللَّهِ إِنَّهُ لَمْ يَشْفَعْ فِيكَ عِنْدِي أَحَدٌ ، وَلَكِنِّي الْبَارِحَةَ حَمَلْتُ جَارِيَةً لِي صَغِيرَةً عَلَى عُنُقِي ، فَذَكَرْتُ حَمْلَكَ إِيَّايَ عَلَى عُنُقِكَ ، فَرَحِمْتُ مَا أَنْتَ فِيهِ مِنَ الضِّيقِ ، فَأَخْرَجْتُكَ . ثُمَّ أَنْعَمَ عَلَيْهِ وَأَحْسَنَ إِلَيْهِ . فَغَارَ مِنْهُ
nindex.php?page=showalam&ids=17312يَحْيِي بْنُ خَالِدِ بْنِ بَرْمَكَ ، وَخَشِيَ أَنْ يُعِيدَهُ إِلَى الْمَنْزِلَةِ الَّتِي كَانَ فِيهَا أَيَّامِ
الْمَهْدِيِّ ، وَفَهِمَ ذَلِكَ
يَعْقُوبُ ، فَاسْتَأْذَنَ الْخَلِيفَةَ فِي الذَّهَابِ إِلَى
مَكَّةَ ، فَأَذِنَ لَهُ ، فَكَانَ بِهَا حَتَّى مَاتَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ ، رَحِمَهُ اللَّهُ .
nindex.php?page=treesubj&link=34064وَيَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ أَبُو مُعَاوِيَةَ الْعَيْشِيُّ ، كَانَ ثِقَةً عَالِمًا عَابِدًا وَرِعًا ، تُوُفِّيَ أَبُوهُ وَكَانَ وَالِيَ
الْبَصْرَةِ ، وَتَرَكَ مِنَ الْمَالِ خَمْسَمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ ، فَلَمْ يَأْخُذْ مِنْهَا
يَزِيدُ دِرْهَمًا وَاحِدًا ، وَكَانَ يَعْمَلُ الْخُوصَ ، وَيَأْكُلُ مِنْهُ . وَتُوُفِّيَ
بِالْبَصْرَةِ فِي هَذِهِ السَّنَةِ ، وَقِيلَ قَبْلَ ذَلِكَ . فَاللَّهُ أَعْلَمُ .