ذكر
nindex.php?page=treesubj&link=33797أخذ القرامطة الحجر الأسود إلى بلادهم ، وما كان منهم إلى الحجيج ، لعن الله
القرامطة
فيها خرج ركب
العراق وأميرهم
منصور الديلمي ، فوصلوا إلى
مكة سالمين ، وتوافت الركوب هناك من كل جانب ، فما شعروا إلا
بالقرمطي قد خرج عليهم في جماعته يوم التروية ، فانتهب أموالهم ، واستباح قتالهم ، فقتل الناس في رحاب
مكة وشعابها حتى في المسجد الحرام وفي جوف الكعبة ، وجلس أميرهم
أبو طاهر سليمان بن أبي سعيد الجنابي - لعنه الله - على باب الكعبة ، والرجال تصرع حوله في المسجد الحرام في الشهر الحرام ، ثم في يوم التروية ، الذي هو من أشرف الأيام ، وهو
[ ص: 38 ] يقول :
أنا بالله وبالله أنا يخلق الخلق وأفنيهم أنا
فكان الناس يفرون فيتعلقون بأستار الكعبة ، فلا يجدي ذلك عنهم شيئا ، بل يقتلون وهم كذلك ، ويطوفون فيقتلون في الطواف ، وقد كان بعض أهل الحديث يومئذ يطوف ، فلما قضى طوافه أخذته السيوف ، فلما وجب ، أنشد وهو كذلك :
ترى المحبين صرعى في ديارهم كفتية الكهف لا يدرون كم لبثوا
ثم أمر
القرمطي - لعنه الله - أن تدفن القتلى
ببئر زمزم ، ودفن كثيرا منهم في أماكنهم وحتى في المسجد الحرام - ويا حبذا تلك القتلة وتلك الضجعة -
nindex.php?page=treesubj&link=2038ولم يغسلوا ، ولم يكفنوا ،
nindex.php?page=treesubj&link=1076_1080ولم يصل عليهم ; لأنهم شهداء في نفس الأمر ، بل
nindex.php?page=treesubj&link=25563من خيار الشهداء ، وهدم قبة
زمزم ، وأمر بقلع باب
الكعبة ، ونزع كسوتها عنها ، وشققها بين أصحابه ، وأمر رجلا أن يصعد إلى ميزاب
الكعبة ، فأراد أن يقتلعه ، فسقط على أم رأسه ، فمات لعنه الله وصار إلى أمه الهاوية ، فانكف اللعين عند ذلك عن الميزاب ، ثم أمر بأن يقلع الحجر الأسود ، وجاءه رجل فضرب الحجر بمثقل في يده ، وقال : أين الطير الأبابيل ؟
[ ص: 39 ] أين الحجارة من سجيل ؟ ثم قلع الحجر الأسود - شرفه الله وكرمه وعظمه - وأخذوه معهم حين راحوا إلى بلادهم ، فكان عندهم ثنتين وعشرين سنة حتى ردوه ، كما سنذكره في موضعه في سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .
ولما رجع
القرمطي إلى بلاده ، تبعه أمير
مكة هو وأهل بيته وجنده وسأله وتشفع إليه في أن يرد الحجر ليوضع في مكانه ، وبذل له جميع ما عنده من الأموال ، فلم يفعل - لعنه الله - فقاتله أمير
مكة فقتله
القرمطي ، وقتل أكثر أهله وجنده ، واستمر ذاهبا إلى بلاده ومعه الحجر الأسود وأموال الحجيج .
وقد ألحد هذا اللعين في المسجد الحرام إلحادا لم يسبقه إليه أحد ولا يلحقه فيه ، وسيجازيه على ذلك الذي لا يعذب عذابه أحد ، ولا يوثق وثاقه أحد ، وإنما حمل هؤلاء على هذا الصنيع ; أنهم
nindex.php?page=treesubj&link=33797كانوا كفارا زنادقة ، وقد كانوا ممالئين
للفاطميين الذين نبغوا في هذه السنين ببلاد إفريقية من أرض
المغرب ، ويلقب أميرهم
بالمهدي ، وهو أبو محمد عبيد الله بن ميمون القداح ، وقد كان صباغا
بسلمية يهوديا ، فادعى أنه أسلم ، ثم سار منها إلى بلاد إفريقية ، فادعى أنه شريف فاطمي ، فصدقه على ذلك طائفة كثيرة من
البربر وغيرهم من الجهلة ، وصارت له دولة فملك مدينة
سجلماسة ثم ابتنى مدينة وسماها
المهدية وكان قرار ملكه بها ، وكان هؤلاء
القرامطة يراسلونه ويدعون إليه ويترامون عليه ، ويقال : إنهم : إنما كانوا يفعلون ذلك سياسة ودولة لا حقيقة له .
[ ص: 40 ] وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12569ابن الأثير أن
المهدي هذا كتب إلى
nindex.php?page=showalam&ids=14981أبي طاهر القرمطي يلومه على فعله بمكة ، حيث سلط الناس على الكلام في عرضهم ، وانكشفت أسرارهم التي كانوا يبطنونها بما ظهر من صنيعهم هذا القبيح ، وأمره برد ما أخذه منها ، وعوده إليها ، فكتب إليه بالسمع والطاعة ، وأنه قد قبل ما أشار إليه من ذلك .
وقد أسر بعض أهل الحديث في أيدي
القرامطة ، فمكث في أيديهم مدة ، ثم فرج الله عنه ، وكان يحكي أن الذي أسره كان يستخدمه في أشق الخدمة وأشدها ، وكان يعربد عليه إذا سكر ، فقال لي ذات ليلة وهو سكران : ما تقول في محمدكم ؟ فقلت : لا أدري . فقال : كان رجلا سائسا . ثم قال : ما تقول في
أبي بكر ؟ فقلت : لا أدري ، فقال : كان ضعيفا مهينا ، وكان
عمر فظا غليظا ، وكان
عثمان جاهلا أحمق ، وكان
علي ممخرقا ، أليس كان عنده أحد يعلمه ما ادعى أنه في صدره من العلم ؟ أما كان يمكنه أن يعلم هذا كلمة وهذا كلمة ؟ ثم قال : هذا كله مخرقة . فلما كان الغد ، قال لي : لا تخبر بهذا الذي قلته لك أحدا . رواه
nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي في " منتظمه " .
وروى عن بعضهم أنه قال : كنت في المسجد الحرام يوم اقتلع الحجر الأسود ، إذ دخل رجل وهو سكران ، راكب على فرسه ، فصفر لها حتى بالت في المسجد الحرام في مكان الطواف ، ثم حمل على رجل كان إلى جانبي فقتله
[ ص: 41 ] ثم نادى بأعلى صوته : يا حمير ، أليس قلتم في بيتكم هذا
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=97ومن دخله كان آمنا [ آل عمران : 97 ] فأين الأمن ؟ قال : فقلت له : أتسمع جوابا ؟ قال : نعم . قلت : إنما أراد الله : فأمنوه . قال : فثنى رأس فرسه وانصرف .
وقد سأل بعضهم هاهنا سؤالا فقال : قد أحل الله عز وجل بأصحاب الفيل - وكانوا
نصارى ، وهؤلاء شر منهم - ما ذكره في كتابه العزيز حيث يقول :
nindex.php?page=tafseer&surano=105&ayano=1ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ألم يجعل كيدهم في تضليل وأرسل عليهم طيرا أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل فجعلهم كعصف مأكول ومعلوم
nindex.php?page=treesubj&link=33797أن القرامطة شر من اليهود والنصارى والمجوس ، بل ومن عبدة الأصنام ، فهلا عوجلوا بالعقوبة ، كما عوجل أصحاب الفيل ؟ وقد أجيب عن ذلك : بأن أصحاب الفيل إنما عوقبوا إظهارا لشرف البيت الحرام ، ولما يراد به من التشريف والتعظيم بإرسال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم من البلد الذي كان هذا البيت فيه ; ليعلم شرف هذا الرسول الكريم الذي هو خاتم الأنبياء ، فلما أراد هؤلاء إهانة هذه البقعة التي يراد تشريفها عما قريب ، أهلكهم سريعا عاجلا ، غير آجل ، كما ذكر في كتابه ، وأما هؤلاء ، فكان من أمرهم ما كان بعد تقرير الشرائع وتمهيد القواعد ، والعلم بالضرورة من دين الله بشرف
مكة والكعبة ، وكل مؤمن يعلم أن
nindex.php?page=treesubj&link=33797هؤلاء من أكبر الملحدين الكافرين ; بما تبين من كتاب الله تعالى وسنة
[ ص: 42 ] رسوله صلى الله عليه وسلم ، فلهذا لم يحتج الحال إلى معاجلتهم بالعقوبة ، بل أخرهم الرب جل جلاله ليوم تشخص فيه الأبصار ، والله سبحانه وتعالى يمهل ويملي ويستدرج ، ثم يأخذ أخذ عزيز مقتدر ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ثم قرأ
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=102وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد [ هود : 102 ]
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
لا أحد أصبر على أذى سمعه من الله ; إنهم يجعلون له ولدا وهو يرزقهم ويعافيهم وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=42ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار [ إبراهيم : 42 ] وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=196لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد [ آل عمران : 196 ، 197 ] وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=24نمتعهم قليلا ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ [ لقمان : 24 ] وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=70متاع في الدنيا ثم إلينا مرجعهم ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون [ يونس : 70 ] .
وفيها وقعت فتنة
ببغداد بين أصحاب
أبي بكر المروزي الحنبلي وبين طائفة من العامة ، اختلفوا في تفسير قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=79عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا [ الإسراء : 79 ] فقالت الحنابلة : يجلسه معه على العرش . وقال الآخرون : المراد بذلك الشفاعة العظمى ، فاقتتلوا بسبب ذلك ، وقتل بينهم
[ ص: 43 ] قتلى ، فإنا لله وإنا إليه راجعون . وقد ثبت في " صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري " أن المراد بذلك
nindex.php?page=treesubj&link=30373مقام الشفاعة العظمى ، يشفع عند الله عز وجل في أن يأتي لفصل القضاء بين عباده ، وهو المقام الذي يرغب إليه فيه الخلق كلهم ، حتى
إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام ، ويغبطه به الأولون والآخرون .
وفيها وقعت فتنة
بالموصل بين العامة فيما يتعلق بأمر المعاش ، وانتشرت ، وكثر أهل الشر فيها واستظهروا ، وجرت بينهم شرور ، ثم سكنت .
وفيها وقعت فتنة ببلاد
خراسان بين
بني سامان وأميرهم
نصر بن أحمد الملقب بالسعيد .
وخرج في شعبان خارجي
بالموصل ، وخرج آخر بالبوازيج ، فقاتلهم أهل تلك الناحية حتى سكن شرهم ، وتفرق أصحابهم .
وفيها التقى
مفلح الساجي وملك
الروم الدمستق ، فهزمه
مفلح وطرد وراءه إلى أرض
الروم ، وقتل منهم خلقا كثيرا ، ولله الحمد .
وفيها هبت ريح شديدة
ببغداد ، تحمل رملا أحمر يشبه رمل أرض الحجاز ، فامتلأت منه البيوت .
ذِكْرُ
nindex.php?page=treesubj&link=33797أَخْذِ الْقَرَامِطَةِ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ إِلَى بِلَادِهِمْ ، وَمَا كَانَ مِنْهُمْ إِلَى الْحَجِيجِ ، لَعَنَ اللَّهُ
الْقَرَامِطَةَ
فِيهَا خَرَجَ رَكْبُ
الْعِرَاقِ وَأَمِيرُهُمْ
مَنْصُورٌ الدَّيْلَمِيُّ ، فَوَصَلُوا إِلَى
مَكَّةَ سَالِمِينَ ، وَتَوَافَتِ الرُّكُوبُ هُنَاكَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ ، فَمَا شَعَرُوا إِلَّا
بِالْقِرْمِطِيِّ قَدْ خَرَجَ عَلَيْهِمْ فِي جَمَاعَتِهِ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ ، فَانْتَهَبَ أَمْوَالَهُمْ ، وَاسْتَبَاحَ قِتَالَهُمْ ، فَقَتَلَ النَّاسَ فِي رِحَابِ
مَكَّةَ وَشِعَابِهَا حَتَّى فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَفِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ ، وَجَلَسَ أَمِيرُهُمْ
أَبُو طَاهِرٍ سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ الْجَنَّابِيُّ - لَعَنَهُ اللَّهُ - عَلَى بَابِ الْكَعْبَةِ ، وَالرِّجَالُ تُصْرَعُ حَوْلَهُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ ، ثُمَّ فِي يَوْمِ التَّرْوِيَةِ ، الَّذِي هُوَ مِنْ أَشْرَفِ الْأَيَّامِ ، وَهُوَ
[ ص: 38 ] يَقُولُ :
أَنَا بِاللَّهِ وَبِاللَّهِ أَنَا يَخْلُقُ الْخَلْقَ وَأُفْنِيهِمْ أَنَا
فَكَانَ النَّاسُ يَفِرُّونَ فَيَتَعَلَّقُونَ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ ، فَلَا يُجْدِي ذَلِكَ عَنْهُمْ شَيْئًا ، بَلْ يُقْتَلُونَ وَهُمْ كَذَلِكَ ، وَيَطُوفُونَ فَيُقْتَلُونَ فِي الطَّوَافِ ، وَقَدْ كَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْحَدِيثِ يَوْمَئِذٍ يَطُوفُ ، فَلَمَّا قَضَى طَوَافَهُ أَخَذَتْهُ السُّيُوفُ ، فَلَمَّا وَجَبَ ، أَنْشَدَ وَهُوَ كَذَلِكَ :
تَرَى الْمُحِبِّينَ صَرْعَى فِي دِيَارِهِمُ كَفِتْيَةِ الْكَهْفِ لَا يَدْرُونَ كَمْ لَبِثُوا
ثُمَّ أَمَرَ
الْقِرْمِطِيُّ - لَعَنَهُ اللَّهُ - أَنْ تُدْفَنَ الْقَتْلَى
بِبِئْرِ زَمْزَمَ ، وَدَفَنَ كَثِيرًا مِنْهُمْ فِي أَمَاكِنِهِمْ وَحَتَّى فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ - وَيَا حَبَّذَا تِلْكَ الْقِتْلَةُ وَتِلْكَ الضِّجْعَةُ -
nindex.php?page=treesubj&link=2038وَلَمْ يُغَسَّلُوا ، وَلَمْ يُكَفَّنُوا ،
nindex.php?page=treesubj&link=1076_1080وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِمْ ; لِأَنَّهُمْ شُهَدَاءُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ ، بَلْ
nindex.php?page=treesubj&link=25563مِنْ خِيَارِ الشُّهَدَاءِ ، وَهَدَمَ قُبَّةَ
زَمْزَمَ ، وَأَمَرَ بِقَلْعِ بَابِ
الْكَعْبَةِ ، وَنَزَعَ كُسْوَتَهَا عَنْهَا ، وَشَقَّقَهَا بَيْنَ أَصْحَابِهِ ، وَأَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَصْعَدَ إِلَى مِيزَابِ
الْكَعْبَةِ ، فَأَرَادَ أَنْ يَقْتَلِعَهُ ، فَسَقَطَ عَلَى أُمِّ رَأْسِهِ ، فَمَاتَ لَعَنَهُ اللَّهُ وَصَارَ إِلَى أُمِّهِ الْهَاوِيَةِ ، فَانْكَفَّ اللَّعِينُ عِنْدَ ذَلِكَ عَنِ الْمِيزَابِ ، ثُمَّ أَمَرَ بِأَنْ يُقْلَعَ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ ، وَجَاءَهُ رَجُلٌ فَضَرَبَ الْحَجَرَ بِمُثْقَلٍ فِي يَدِهِ ، وَقَالَ : أَيْنَ الطَّيْرُ الْأَبَابِيلُ ؟
[ ص: 39 ] أَيْنَ الْحِجَارَةُ مِنْ سِجِّيلٍ ؟ ثُمَّ قَلَعَ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ - شَرَّفَهُ اللَّهُ وَكَرَّمَهُ وَعَظَّمَهُ - وَأَخَذُوهُ مَعَهُمْ حِينَ رَاحُوا إِلَى بِلَادِهِمْ ، فَكَانَ عِنْدَهُمْ ثِنْتَيْنِ وَعِشْرِينَ سَنَةً حَتَّى رَدُّوهُ ، كَمَا سَنَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَثَلَاثِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ .
وَلَمَّا رَجَعَ
الْقِرْمِطِيُّ إِلَى بِلَادِهِ ، تَبِعَهُ أَمِيرُ
مَكَّةَ هُوَ وَأَهْلُ بَيْتِهِ وَجُنْدُهُ وَسَأَلَهُ وَتَشَفَّعَ إِلَيْهِ فِي أَنْ يَرُدَّ الْحَجَرَ لِيُوضَعَ فِي مَكَانِهِ ، وَبَذَلَ لَهُ جَمِيعَ مَا عِنْدَهُ مِنَ الْأَمْوَالِ ، فَلَمْ يَفْعَلْ - لَعَنَهُ اللَّهُ - فَقَاتَلَهُ أَمِيرُ
مَكَّةَ فَقَتَلَهُ
الْقِرْمِطِيُّ ، وَقَتَلَ أَكْثَرَ أَهْلِهِ وَجُنْدِهِ ، وَاسْتَمَرَّ ذَاهِبًا إِلَى بِلَادِهِ وَمَعَهُ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ وَأَمْوَالُ الْحَجِيجِ .
وَقَدْ أَلْحَدَ هَذَا اللَّعِينُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلْحَادًا لَمْ يَسْبِقْهُ إِلَيْهِ أَحَدٌ وَلَا يَلْحَقُهُ فِيهِ ، وَسَيُجَازِيهِ عَلَى ذَلِكَ الَّذِي لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ ، وَلَا يَوْثِقُ وِثَاقَهُ أَحَدٌ ، وَإِنَّمَا حَمَلَ هَؤُلَاءِ عَلَى هَذَا الصَّنِيعِ ; أَنَّهُمْ
nindex.php?page=treesubj&link=33797كَانُوا كُفَّارًا زَنَادِقَةً ، وَقَدْ كَانُوا مُمَالِئِينِ
لِلْفَاطِمِيِّينَ الَّذِينَ نَبَغُوا فِي هَذِهِ السِّنِينَ بِبِلَادِ إِفْرِيقِيَّةَ مِنْ أَرْضِ
الْمَغْرِبِ ، وَيُلَقَّبُ أَمِيرُهُمْ
بِالْمَهْدِيِّ ، وَهُوَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبِيدُ اللَّهِ بْنِ مَيْمُونٍ الْقَدَّاحُ ، وَقَدْ كَانَ صَبَّاغًا
بِسَلَمْيَةَ يَهُودِيًّا ، فَادَّعَى أَنَّهُ أَسْلَمَ ، ثُمَّ سَارَ مِنْهَا إِلَى بِلَادِ إِفْرِيقِيَّةَ ، فَادَّعَى أَنَّهُ شَرِيفٌ فَاطِمِيٌّ ، فَصَدَّقَهُ عَلَى ذَلِكَ طَائِفَةٌ كَثِيرَةٌ مِنَ
الْبَرْبَرِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْجَهَلَةِ ، وَصَارَتْ لَهُ دَوْلَةٌ فَمَلَكَ مَدِينَةَ
سِجِلْمَاسَةَ ثُمَّ ابْتَنَى مَدِينَةً وَسَمَّاهَا
الْمَهْدِيَّةَ وَكَانَ قَرَارُ مُلْكِهِ بِهَا ، وَكَانَ هَؤُلَاءِ
الْقَرَامِطَةُ يُرَاسِلُونَهُ وَيَدْعُونَ إِلَيْهِ وَيَتَرَامَوْنَ عَلَيْهِ ، وَيُقَالُ : إِنَّهُمْ : إِنَّمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ سِيَاسَةً وَدَوْلَةً لَا حَقِيقَةَ لَهُ .
[ ص: 40 ] وَذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=12569ابْنُ الْأَثِيرِ أَنَّ
الْمَهْدِيَّ هَذَا كَتَبَ إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=14981أَبِي طَاهِرٍ الْقِرْمِطِيِّ يَلُومُهُ عَلَى فِعْلِهِ بِمَكَّةَ ، حَيْثُ سَلَّطَ النَّاسَ عَلَى الْكَلَامِ فِي عِرْضِهِمْ ، وَانْكَشَفَتْ أَسْرَارُهُمُ الَّتِي كَانُوا يُبْطِنُونَهَا بِمَا ظَهَرَ مِنْ صَنِيعِهِمْ هَذَا الْقَبِيحَ ، وَأَمَرَهُ بِرَدِّ مَا أَخَذَهُ مِنْهَا ، وَعَوْدِهِ إِلَيْهَا ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ ، وَأَنَّهُ قَدْ قَبِلَ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ .
وَقَدْ أُسِرَ بَعْضُ أَهْلِ الْحَدِيثِ فِي أَيْدِي
الْقَرَامِطَةِ ، فَمَكَثَ فِي أَيْدِيهِمْ مُدَّةً ، ثُمَّ فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَكَانَ يَحْكِي أَنَّ الَّذِي أَسَرَهُ كَانَ يَسْتَخْدِمُهُ فِي أَشَقِّ الْخِدْمَةِ وَأَشَدِّهَا ، وَكَانَ يُعَرْبِدُ عَلَيْهِ إِذَا سَكِرَ ، فَقَالَ لِي ذَاتَ لَيْلَةٍ وَهُوَ سَكْرَانُ : مَا تَقَولُ فِي مُحَمَّدِكُمْ ؟ فَقُلْتُ : لَا أَدْرِي . فَقَالَ : كَانَ رَجُلًا سَائِسًا . ثُمَّ قَالَ : مَا تَقَولُ فِي
أَبِي بَكْرٍ ؟ فَقُلْتُ : لَا أَدْرِي ، فَقَالَ : كَانَ ضَعِيفًا مَهِينًا ، وَكَانَ
عُمَرُ فَظًّا غَلِيظًا ، وَكَانَ
عُثْمَانُ جَاهِلًا أَحْمَقَ ، وَكَانَ
عَلِيٌّ مُمَخْرَقًا ، أَلَيْسَ كَانَ عِنْدَهُ أَحَدٌ يُعَلِّمُهُ مَا ادَّعَى أَنَّهُ فِي صَدْرِهِ مِنَ الْعِلْمِ ؟ أَمَا كَانَ يُمْكِنُهُ أَنْ يُعَلِّمَ هَذَا كَلِمَةً وَهَذَا كَلِمَةً ؟ ثُمَّ قَالَ : هَذَا كُلُّهُ مَخْرَقَةٌ . فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ ، قَالَ لِي : لَا تُخْبِرْ بِهَذَا الَّذِي قُلْتُهُ لَكَ أَحَدًا . رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11890ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي " مُنْتَظَمِهِ " .
وَرَوَى عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ قَالَ : كُنْتُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ يَوْمَ اقْتُلِعَ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ ، إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ وَهُوَ سَكْرَانُ ، رَاكِبٌ عَلَى فَرَسِهِ ، فَصَفَّرَ لَهَا حَتَّى بَالَتْ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فِي مَكَانِ الطَّوَافِ ، ثُمَّ حَمَلَ عَلَى رَجُلٍ كَانَ إِلَى جَانِبِي فَقَتَلَهُ
[ ص: 41 ] ثُمَّ نَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ : يَا حَمِيرُ ، أَلَيْسَ قُلْتُمْ فِي بَيْتِكُمْ هَذَا
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=97وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا [ آلُ عِمْرَانَ : 97 ] فَأَيْنَ الْأَمْنُ ؟ قَالَ : فَقُلْتُ لَهُ : أَتَسْمَعُ جَوَابًا ؟ قَالَ : نَعَمْ . قُلْتُ : إِنَّمَا أَرَادَ اللَّهُ : فَأَمِّنُوهُ . قَالَ : فَثَنَى رَأْسَ فَرَسِهِ وَانْصَرَفَ .
وَقَدْ سَأَلَ بَعْضُهُمْ هَاهُنَا سُؤَالًا فَقَالَ : قَدْ أَحَلَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ - وَكَانُوا
نَصَارَى ، وَهَؤُلَاءِ شَرٌّ مِنْهُمْ - مَا ذَكَرَهُ فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ حَيْثُ يَقُولُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=105&ayano=1أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ وَمَعْلُومٌ
nindex.php?page=treesubj&link=33797أَنَّ الْقَرَامِطَةَ شَرٌّ مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسِ ، بَلْ وَمِنْ عَبَدَةِ الْأَصْنَامِ ، فَهَلَّا عُوجِلُوا بِالْعُقُوبَةِ ، كَمَا عُوجِلَ أَصْحَابُ الْفِيلِ ؟ وَقَدْ أُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ : بِأَنَّ أَصْحَابَ الْفِيلِ إِنَّمَا عُوقِبُوا إِظْهَارًا لِشَرَفِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ ، وَلِمَا يُرَادُ بِهِ مِنَ التَّشْرِيفِ وَالتَّعْظِيمِ بِإِرْسَالِ النَّبِيِّ الْكَرِيمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْبَلَدِ الَّذِي كَانَ هَذَا الْبَيْتُ فِيهِ ; لِيُعْلَمَ شَرَفُ هَذَا الرَّسُولِ الْكَرِيمِ الَّذِي هُوَ خَاتَمُ الْأَنْبِيَاءِ ، فَلَمَّا أَرَادَ هَؤُلَاءِ إِهَانَةَ هَذِهِ الْبُقْعَةِ الَّتِي يُرَادُ تَشْرِيفُهَا عَمَّا قَرِيبٍ ، أَهْلَكَهُمْ سَرِيعًا عَاجِلًا ، غَيْرَ آجِلٍ ، كَمَا ذَكَرَ فِي كِتَابِهِ ، وَأَمَّا هَؤُلَاءِ ، فَكَانَ مِنْ أَمْرِهِمْ مَا كَانَ بَعْدَ تَقْرِيرِ الشَّرَائِعِ وَتَمْهِيدِ الْقَوَاعِدِ ، وَالْعِلْمِ بِالضَّرُورَةِ مِنْ دِينِ اللَّهِ بِشَرَفِ
مَكَّةَ وَالْكَعْبَةِ ، وَكُلُّ مُؤْمِنٍ يَعْلَمُ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=33797هَؤُلَاءِ مِنْ أَكْبَرِ الْمُلْحِدِينَ الْكَافِرِينَ ; بِمَا تَبَيَّنَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَسُنَّةِ
[ ص: 42 ] رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَلِهَذَا لَمْ يَحْتَجِ الْحَالُ إِلَى مُعَاجَلَتِهِمْ بِالْعُقُوبَةِ ، بَلْ أَخَّرَهُمُ الرَّبُّ جَلَّ جَلَالُهُ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى يُمْهِلُ وَيُمْلِي وَيَسْتَدْرِجُ ، ثُمَّ يَأْخُذُ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ ، كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
إِنَّ اللَّهَ لِيُمْلِيَ لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ ثُمَّ قَرَأَ
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=102وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ [ هُودٌ : 102 ]
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
لَا أَحَدَ أَصْبَرُ عَلَى أَذًى سَمِعَهُ مِنَ اللَّهِ ; إِنَّهُمْ يَجْعَلُونَ لَهُ وَلَدًا وَهُوَ يَرْزُقُهُمْ وَيُعَافِيهِمْ وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=42وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ [ إِبْرَاهِيمُ : 42 ] وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=196لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ [ آلِ عِمْرَانَ : 196 ، 197 ] وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=24نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلَى عَذَابٍ غَلِيظٍ [ لُقْمَانَ : 24 ] وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=70مَتَاعٌ فِي الدُّنْيَا ثُمَّ إِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذَابَ الشَّدِيدَ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ [ يُونُسَ : 70 ] .
وَفِيهَا وَقَعَتْ فِتْنَةٌ
بِبَغْدَادَ بَيْنَ أَصْحَابِ
أَبِي بَكْرٍ الْمَرْوَزِيِّ الْحَنْبَلِيِّ وَبَيْنَ طَائِفَةٍ مِنَ الْعَامَّةِ ، اخْتَلَفُوا فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=79عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا [ الْإِسْرَاءِ : 79 ] فَقَالَتِ الْحَنَابِلَةُ : يُجْلِسُهُ مَعَهُ عَلَى الْعَرْشِ . وَقَالَ الْآخَرُونَ : الْمُرَادُ بِذَلِكَ الشَّفَاعَةُ الْعُظْمَى ، فَاقْتَتَلُوا بِسَبَبِ ذَلِكَ ، وَقُتِلَ بَيْنَهُمْ
[ ص: 43 ] قَتْلَى ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ . وَقَدْ ثَبَتَ فِي " صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ " أَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=30373مَقَامُ الشَّفَاعَةِ الْعُظْمَى ، يُشَفَّعُ عِنْدَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي أَنْ يَأْتِيَ لِفَصْلِ الْقَضَاءِ بَيْنَ عِبَادِهِ ، وَهُوَ الْمَقَامُ الَّذِي يَرْغَبُ إِلَيْهِ فِيهِ الْخَلْقُ كُلُّهُمْ ، حَتَّى
إِبْرَاهِيمُ الْخَلِيلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ ، وَيَغْبِطُهُ بِهِ الْأَوَّلُونَ وَالْآخَرُونَ .
وَفِيهَا وَقَعَتْ فِتْنَةٌ
بِالْمَوْصِلِ بَيْنَ الْعَامَّةِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِأَمْرِ الْمَعَاشِ ، وَانْتَشَرَتْ ، وَكَثُرَ أَهْلُ الشَّرِّ فِيهَا وَاسْتَظْهَرُوا ، وَجَرَتْ بَيْنَهُمْ شُرُورٌ ، ثُمَّ سَكَنَتْ .
وَفِيهَا وَقَعَتْ فِتْنَةٌ بِبِلَادِ
خُرَاسَانَ بَيْنَ
بَنِي سَامَانَ وَأَمِيرِهِمْ
نَصْرِ بْنِ أَحْمَدَ الْمُلَقَّبِ بِالسَّعِيدِ .
وَخَرَجَ فِي شَعْبَانَ خَارِجِيٌّ
بِالْمَوْصِلِ ، وَخَرَجَ آخَرُ بِالْبَوَازِيجِ ، فَقَاتَلَهُمْ أَهْلُ تِلْكَ النَّاحِيَةِ حَتَّى سَكَنَ شَرُّهُمْ ، وَتَفَرَّقَ أَصْحَابُهُمْ .
وَفِيهَا الْتَقَى
مُفْلِحٌ السَّاجِيُّ وَمَلِكُ
الرُّومِ الدُّمُسْتُقُ ، فَهَزَمَهُ
مُفْلِحٌ وَطَرَدَ وَرَاءَهُ إِلَى أَرْضِ
الرُّومِ ، وَقَتَلَ مِنْهُمْ خَلْقًا كَثِيرًا ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ .
وَفِيهَا هَبَّتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ
بِبَغْدَادَ ، تَحْمِلُ رَمْلًا أَحْمَرَ يُشْبِهُ رَمْلَ أَرْضِ الْحِجَازِ ، فَامْتَلَأَتْ مِنْهُ الْبُيُوتُ .