[ ص: 147 ] ثم دخلت
فيها التقى الملك سنة ثلاث وعشرين وستمائة جلال الدين بن خوارزم شاه الخوارزمي مع الكرج ، فكسرهم كسرة عظيمة ، وصمد إلى أكبر معاقلتهم تفليس ، ففتحها عنوة ، وقتل من فيها من الكفرة ، وسبى ذراريهم ، ولم يتعرض لأحد من المسلمين الذين كانوا بها . واستقر ملكه عليها ، وقد كان الكرج أخذوها من المسلمين في سنة خمس عشرة وخمسمائة ، وهي بأيديهم إلى الآن حتى استنقذها منهم جلال الدين هذا ، فكان فتحا عظيما ، ولله الحمد والمنة .
وفيها سار إلى خلاط ليأخذها من نائب الملك الأشرف ، فلم يتمكن من أخذها ، وقاتله أهلها قتالا عظيما ، فرجع عنهم بسبب اشتغاله بعصيان نائبه بمدينة كرمان وخلافه له ، فسار إليه وتركهم .
وفيها اصطلح الملك الأشرف مع أخيه المعظم ، وسار إليه إلى دمشق ، وكان المعظم ممالئا عليه مع جلال الدين وصاحب إربل وصاحب ماردين وصاحب الروم ، وكان مع الأشرف أخوه الكامل وصاحب الموصل ثم استمال أخاه بدر الدين لؤلؤ ، المعظم إلى ناحيته فقوي جانبه .
[ ص: 148 ] وفيها كان قتال كبير بين برنس أنطاكية وبين الأرمن ، وجرت خطوب كثيرة بينهم .
وفيها أوقع الملك جلال الدين بالتركمان الإيوانية بأسا شديدا ، وكانوا يقطعون الطريق على المسلمين .
وفيها قدم محيي الدين يوسف بن الشيخ جمال الدين بن الجوزي من بغداد في الرسلية إلى الملك المعظم بدمشق ، ومعه الخلع والتشاريف لأولاد العادل من الخليفة الظاهر بأمر الله ، ومضمون الرسالة نهيه عن موالاة جلال الدين بن خوارزم شاه ، فإنه خارجي من عزمه قتال الخليفة وأخذ بغداد منهم ، فأجابه إلى ذلك ، وركب القاضي محيي الدين بن الجوزي إلى الملك الكامل بالديار المصرية ، وكان ذلك أول قدومه إلى الشام ومصر ، وحصل له جوائز كثيرة من الملوك ، منها كان بناء المدرسة الجوزية بالنشابين بدمشق .
وفيها ولي تدريس الشبلية بالسفح شمس الدين يوسف بن قزغلي سبط ابن الجوزي بمرسوم الملك المعظم ، وحضر عنده أول يوم القضاة والأعيان .