[ ص: 183 ] ثم دخلت سنة ثمان وعشرين وستمائة
استهلت هذه السنة والملك
الأشرف موسى بن العادل ببلاد
الجزيرة مشغول فيها بإصلاح ما كان
جلال الدين الخوارزمي قد أفسده من بلاده . وقد
nindex.php?page=treesubj&link=33883قدمت التتار في هذه السنة إلى الجزيرة وديار بكر ، فعاثوا بالفساد يمينا وشمالا ، فقتلوا ونهبوا وسبوا على عادتهم - خذلهم الله تعالى - .
وفيها رتب إمام بمشهد
أبي بكر من جامع
دمشق ، وصليت فيه الصلوات الخمس .
وفيها درس الشيخ
nindex.php?page=showalam&ids=12795تقي الدين بن الصلاح الشهرزوري الشافعي في المدرسة الجوانية جوار المارستان في جمادى الأولى منها .
وفيها درس
الناصر ابن الحنبلي بالصاحبة
بسفح قاسيون التي أنشأتها
[ ص: 184 ] الخاتون ربيعة بنت أيوب أخت
ست الشام .
وفيها حبس الملك
الأشرف الشيخ
عليا الحريري بقلعة عزتا .
وفيها كان غلاء شديد
بديار مصر وبلاد
الشام وحلب والجزيرة بسبب قلة المياه السماوية والأرضية ، فكانت هذه السنة كما قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=155ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون [ البقرة : 155 ، 156 ] .
وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12569ابن الأثير كلاما طويلا مضمونه خروج طائفة من
التتار مرة أخرى من بلاد
ما وراء النهر ، وكان سبب قدومهم هذه السنة أن
الإسماعيلية كتبوا إليهم يخبرونهم بضعف أمر
جلال الدين بن خوارزم شاه ، وأنه قد عادى جميع الملوك حوله حتى الخليفة ، وأنه قد كسره
الأشرف بن العادل مرتين ، وكان
جلال الدين قد ظهرت منه أفعال ناقصة تدل على قلة عقله ، وذلك أنه توفي له غلام خصي يقال له :
قلج . وكان يحبه ، فوجد عليه وجدا عظيما بحيث إنه أمر الأمراء أن يمشوا في جنازته ، فمشوا فراسخ إلى تربته ، وأمر أهل البلد أن يخرجوا بحزن وتعداد عليه ، فتوانى بعضهم في ذلك ، فهم بقتلهم حتى تشفع فيهم بعض الأمراء ، ثم لم يسمح بدفن
قلج ، فكان يحمل معه في محفة ، وكلما أحضر بين يديه طعام يقول : احملوا هذا إلى
قلج . فقال له بعضهم : أيها الملك ، قد مات
قلج . فأمر بضرب عنقه فقتل ، فكانوا بعد ذلك يقولون : قبله وهو يقبل
[ ص: 185 ] الأرض ويقول : هو الآن أصلح مما كان . يعني أنه مريض وليس بميت ، فيجد الملك راحة بذلك; من قلة عقله ودينه ، قبحه الله تعالى .
فلما جاءت
التتار اشتغل بهم ، وأمر بدفن
قلج ، وهرب من بين أيديهم ، وامتلأ قلبه خوفا منهم ، وجعل كلما سار إلى قطر لحقوه إليه ، وخربوا ما اجتازوا به من الأقاليم والبلدان ، حتى انتهوا إلى
الجزيرة ، وجاوزوها إلى
سنجار وماردين وآمد ، يفسدون ما قدروا عليه قتلا وأسرا ونهبا . وتمزق شمل
جلال الدين ، وتفرق عنه جيشه ، فصاروا شذر مذر ، وبدلوا بالأمن خوفا ، وبالعز ذلا ، وبالاجتماع تفريقا ، فسبحان من بيده الملكوت!
وانقطع خبر
جلال الدين فلا يدرى أين سلك ولا أين ذهب . وتمكنت
التتار من الناس في سائر البلاد لا يجدون من يمنعهم ولا من يردعهم ، وألقى الله تعالى الوهن والضعف في قلوب الناس منهم ، كانوا كثيرا ما يقتلون الناس ، فيقول المسلم : لا بالله ، لا بالله . فكانوا يلعبون على الخيل ، ويغنون ويحاكون الناس : لا بالله لا بالله . وهذه طامة عظمى وداهية كبرى ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .
وحج الناس في هذه السنة من
الشام ، وكان فيمن خرج الشيخ
nindex.php?page=showalam&ids=12795تقي الدين أبو عمرو بن الصلاح ، ثم لم يحج الناس بعد هذه السنة أيضا لكثرة الحروب والخوف من
التتر والفرنج ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .
وفيها تكامل بناء المدرسة التي بسوق العجم من
بغداد ، المنسوبة إلى
إقبال الشرابي ، وحضر الدرس بها ، وكان يوما مشهودا ، واجتمع فيه جميع المدرسين
[ ص: 186 ] والمفتين
ببغداد ، وعمل بصحنها
قباب الحلوى ، فحمل منها إلى جميع المدارس والربط ، ورتب فيها خمسة وعشرين فقيها لهم الجوامك الدارة في كل شهر ، والطعام في كل يوم والحلوات في أوقات المواسم ، والفواكه في زمانها ، وخلع على المدرس والمعيدين والفقهاء يومئذ ، وكان وقتا حسنا ، تقبل الله تعالى منه .
وفيها سار
الأشرف أبو العباس أحمد بن القاضي الفاضل في الرسلية عن
الكامل محمد صاحب
مصر إلى الخليفة
المستنصر بالله ببغداد ، فأكرم وأعيد معظما .
وفيها دخل الملك المظفر
أبو سعيد كوكبري بن زين الدين صاحب
إربل إلى
بغداد ، ولم يكن دخلها قط ، فتلقاه الموكب ، وشافهه الخليفة بالسلام مرتين في وقتين ، وكان ذلك شرفا له ، غبطه به سائر ملوك الآفاق ، وسألوا أن يهاجروا ليحصل لهم مثل ذلك ، فلم يمكنوا لحفظ الثغور ، ورجع إلى مملكته معظما مكرما .
[ ص: 183 ] ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ
اسْتَهَلَّتْ هَذِهِ السَّنَةُ وَالْمَلِكُ
الْأَشْرَفُ مُوسَى بْنُ الْعَادِلِ بِبِلَادِ
الْجَزِيرَةِ مَشْغُولٌ فِيهَا بِإِصْلَاحِ مَا كَانَ
جَلَالُ الدِّينِ الْخُوَارَزْمِيُّ قَدْ أَفْسَدَهُ مِنْ بِلَادِهِ . وَقَدْ
nindex.php?page=treesubj&link=33883قَدِمَتِ التَّتَارُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ إِلَى الْجَزِيرَةِ وَدِيَارِ بِكْرٍ ، فَعَاثُوا بِالْفَسَادِ يَمِينًا وَشِمَالًا ، فَقَتَلُوا وَنَهَبُوا وَسَبَوْا عَلَى عَادَتِهِمْ - خَذَلَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى - .
وَفِيهَا رُتِّبَ إِمَامٌ بِمَشْهَدِ
أَبِي بَكْرٍ مِنْ جَامِعِ
دِمَشْقَ ، وَصُلِّيَتْ فِيهِ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ .
وَفِيهَا دَرَّسَ الشَّيْخُ
nindex.php?page=showalam&ids=12795تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ الصَّلَاحِ الشَّهْرَزُورِيُّ الشَّافِعِيُّ فِي الْمَدْرَسَةِ الْجَوَّانِيَّةِ جِوَارَ الْمَارَسْتَانِ فِي جُمَادَى الْأُولَى مِنْهَا .
وَفِيهَا دَرَّسَ
النَّاصِرُ ابْنُ الْحَنْبَلِيِّ بِالصَّاحِبَةِ
بِسَفْحِ قَاسِيُونَ الَّتِي أَنَشَأَتْهَا
[ ص: 184 ] الْخَاتُونُ رَبِيعَةُ بِنْتُ أَيُّوبَ أُخْتُ
سِتِّ الشَّامِ .
وَفِيهَا حَبَسَ الْمَلِكُ
الْأَشْرَفُ الشَّيْخَ
عَلِيًّا الْحَرِيرِيَّ بِقَلْعَةِ عَزَّتَا .
وَفِيهَا كَانَ غَلَاءٌ شَدِيدٌ
بِدِيَارِ مِصْرَ وَبِلَادِ
الشَّامِ وَحَلَبَ وَالْجَزِيرَةِ بِسَبَبِ قِلَّةِ الْمِيَاهِ السَّمَاوِيَّةِ وَالْأَرْضِيَّةِ ، فَكَانَتْ هَذِهِ السَّنَةُ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=155وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ [ الْبَقَرَةِ : 155 ، 156 ] .
وَذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=12569ابْنُ الْأَثِيرِ كَلَامًا طَوِيلًا مَضْمُونُهُ خُرُوجُ طَائِفَةٍ مِنَ
التَّتَارِ مَرَّةً أُخْرَى مِنْ بِلَادِ
مَا وَرَاءَ النَّهْرِ ، وَكَانَ سَبَبُ قُدُومِهِمْ هَذِهِ السَّنَةَ أَنَّ
الْإِسْمَاعِيلِيَّةَ كَتَبُوا إِلَيْهِمْ يُخْبِرُونَهُمْ بِضَعْفِ أَمْرِ
جَلَالِ الدِّينِ بْنِ خُوَارَزْمِ شَاهْ ، وَأَنَّهُ قَدْ عَادَى جَمِيعَ الْمُلُوكِ حَوْلَهُ حَتَّى الْخَلِيفَةَ ، وَأَنَّهُ قَدْ كَسَرَهُ
الْأَشْرَفُ بْنُ الْعَادِلِ مَرَّتَيْنِ ، وَكَانَ
جَلَالُ الدِّينِ قَدْ ظَهَرَتْ مِنْهُ أَفْعَالٌ نَاقِصَةٌ تَدُلُّ عَلَى قِلَّةِ عَقْلِهِ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ تُوُفِّيَ لَهُ غُلَامٌ خَصِيٌّ يُقَالُ لَهُ :
قِلْجٌ . وَكَانَ يُحِبُّهُ ، فَوَجَدَ عَلَيْهِ وَجَدًّا عَظِيمًا بِحَيْثُ إِنَّهُ أَمَرَ الْأُمَرَاءَ أَنْ يَمْشُوا فِي جَنَازَتِهِ ، فَمَشَوْا فَرَاسِخَ إِلَى تُرْبَتِهِ ، وَأَمَرَ أَهْلَ الْبَلَدِ أَنْ يَخْرُجُوا بِحُزْنٍ وَتَعْدَادٍ عَلَيْهِ ، فَتَوَانَى بَعْضُهُمْ فِي ذَلِكَ ، فَهَمَّ بِقَتْلِهِمْ حَتَّى تَشَفَّعَ فِيهِمْ بَعْضُ الْأُمَرَاءِ ، ثُمَّ لَمْ يَسْمَحْ بِدَفْنِ
قِلْجٍ ، فَكَانَ يُحْمَلُ مَعَهُ فِي مِحَفَّةٍ ، وَكُلَّمَا أُحْضِرَ بَيْنَ يَدَيْهِ طَعَامٌ يَقُولُ : احْمِلُوا هَذَا إِلَى
قِلْجٍ . فَقَالَ لَهُ بَعْضُهُمْ : أَيُّهَا الْمَلِكُ ، قَدْ مَاتَ
قِلْجٌ . فَأَمَرَ بِضَرْبِ عُنُقِهِ فَقُتِلَ ، فَكَانُوا بَعْدَ ذَلِكَ يَقُولُونَ : قَبِلَهُ وَهُوَ يُقَبِّلُ
[ ص: 185 ] الْأَرْضَ وَيَقُولُ : هُوَ الْآنَ أَصْلَحُ مِمَّا كَانَ . يَعْنِي أَنَّهُ مَرِيضٌ وَلَيْسَ بِمَيِّتٍ ، فَيَجِدُ الْمَلِكُ رَاحَةً بِذَلِكَ; مِنْ قِلَّةِ عَقْلِهِ وَدِينِهِ ، قَبَّحَهُ اللَّهُ تَعَالَى .
فَلَمَّا جَاءَتِ
التَّتَارُ اشْتَغَلَ بِهِمْ ، وَأَمَرَ بِدَفْنِ
قِلْجٍ ، وَهَرَبَ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ ، وَامْتَلَأَ قَلْبُهُ خَوْفًا مِنْهُمْ ، وَجَعَلَ كُلَّمَا سَارَ إِلَى قُطْرٍ لَحِقُوهُ إِلَيْهِ ، وَخَرَّبُوا مَا اجْتَازُوا بِهِ مِنَ الْأَقَالِيمِ وَالْبُلْدَانِ ، حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى
الْجَزِيرَةِ ، وَجَاوَزُوهَا إِلَى
سِنْجَارَ وَمَارِدِينَ وَآمِدَ ، يُفْسِدُونَ مَا قَدَرُوا عَلَيْهِ قَتْلًا وَأَسْرًا وَنَهْبًا . وَتَمَزَّقَ شَمْلُ
جَلَالِ الدِّينِ ، وَتَفَرَّقَ عَنْهُ جَيْشُهُ ، فَصَارُوا شَذَرَ مَذَرَ ، وَبُدِّلُوا بِالْأَمْنِ خَوْفًا ، وَبِالْعِزِّ ذُلًّا ، وَبِالِاجْتِمَاعِ تَفْرِيقًا ، فَسُبْحَانَ مَنْ بِيَدِهِ الْمَلَكُوتُ!
وَانْقَطَعَ خَبَرُ
جَلَالِ الدِّينِ فَلَا يُدْرَى أَيْنَ سَلَكَ وَلَا أَيْنَ ذَهَبَ . وَتَمَكَّنَتِ
التَّتَارُ مِنَ النَّاسِ فِي سَائِرِ الْبِلَادِ لَا يَجِدُونَ مَنْ يَمْنَعُهُمْ وَلَا مَنْ يَرْدَعُهُمْ ، وَأَلْقَى اللَّهُ تَعَالَى الْوَهْنَ وَالضَّعْفَ فِي قُلُوبِ النَّاسِ مِنْهُمْ ، كَانُوا كَثِيرًا مَا يَقْتُلُونَ النَّاسَ ، فَيَقُولُ الْمُسْلِمُ : لَا بِاللَّهِ ، لَا بِاللَّهِ . فَكَانُوا يَلْعَبُونَ عَلَى الْخَيْلِ ، وَيُغَنُّونَ وَيُحَاكُونَ النَّاسَ : لَا بِاللَّهِ لَا بِاللَّهِ . وَهَذِهِ طَامَّةٌ عُظْمَى وَدَاهِيَةٌ كُبْرَى ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ .
وَحَجَّ النَّاسُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنَ
الشَّامِ ، وَكَانَ فِيمَنْ خَرَجَ الشَّيْخُ
nindex.php?page=showalam&ids=12795تَقِيُّ الدِّينِ أَبُو عَمْرِو بْنُ الصَّلَاحِ ، ثُمَّ لَمْ يَحُجَّ النَّاسُ بَعْدَ هَذِهِ السَّنَةِ أَيْضًا لِكَثْرَةِ الْحُرُوبِ وَالْخَوْفِ مِنَ
التَّتَرِ وَالْفِرِنْجِ ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ .
وَفِيهَا تَكَامَلَ بِنَاءُ الْمَدْرَسَةِ الَّتِي بِسُوقِ الْعَجَمِ مِنْ
بَغْدَادَ ، الْمَنْسُوبَةُ إِلَى
إِقْبَالٍ الشَّرَابِيِّ ، وَحَضَرَ الدَّرْسَ بِهَا ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُودًا ، وَاجْتَمَعَ فِيهِ جَمِيعُ الْمُدَرِّسِينَ
[ ص: 186 ] وَالْمُفْتِينَ
بِبَغْدَادَ ، وَعَمِلَ بِصَحْنِهَا
قِبَابَ الْحَلْوَى ، فَحُمِلَ مِنْهَا إِلَى جَمِيعِ الْمَدَارِسِ وَالرُّبُطِ ، وَرَتَّبَ فِيهَا خَمْسَةً وَعِشْرِينَ فَقِيهًا لَهُمُ الْجَوَامِكُ الدَّارَّةُ فِي كُلِّ شَهْرٍ ، وَالطَّعَامُ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَالْحَلَوَاتُ فِي أَوْقَاتِ الْمَوَاسِمِ ، وَالْفَوَاكِهُ فِي زَمَانِهَا ، وَخَلَعَ عَلَى الْمُدَرِّسِ وَالْمُعِيدِينَ وَالْفُقَهَاءِ يَوْمَئِذٍ ، وَكَانَ وَقْتًا حَسَنًا ، تَقَبَّلَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُ .
وَفِيهَا سَارَ
الْأَشْرَفُ أَبُو الْعَبَّاسِ أَحْمَدُ بْنُ الْقَاضِي الْفَاضِلِ فِي الرَّسْلِيَّةِ عَنِ
الْكَامِلِ مُحَمَّدٍ صَاحِبِ
مِصْرَ إِلَى الْخَلِيفَةِ
الْمُسْتَنْصِرِ بِاللَّهِ بِبَغْدَادَ ، فَأُكْرِمَ وَأُعِيدَ مُعَظَّمًا .
وَفِيهَا دَخَلَ الْمَلِكُ الْمُظَفَّرُ
أَبُو سَعِيدٍ كُوكُبُرِي بْنُ زَيْنِ الدِّينِ صَاحِبُ
إِرْبِلَ إِلَى
بَغْدَادَ ، وَلَمْ يَكُنْ دَخَلَهَا قَطُّ ، فَتَلَقَّاهُ الْمَوْكِبُ ، وَشَافَهَهُ الْخَلِيفَةُ بِالسَّلَامِ مَرَّتَيْنِ فِي وَقْتَيْنِ ، وَكَانَ ذَلِكَ شَرَفًا لَهُ ، غَبَطَهُ بِهِ سَائِرُ مُلُوكِ الْآفَاقِ ، وَسَأَلُوا أَنْ يُهَاجِرُوا لِيَحْصُلَ لَهُمْ مِثْلُ ذَلِكَ ، فَلَمْ يُمَكَّنُوا لِحِفْظِ الثُّغُورِ ، وَرَجَعَ إِلَى مَمْلَكَتِهِ مُعَظَّمًا مُكَرَّمًا .