فيها سنة خمسين وست مائة التتار إلى الجزيرة وسروج ورأس العين وما والى هذه البلاد ، فقتلوا وسبوا ونهبوا وخربوا ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ، ووقعوا بتجار يسيرون بين وصلت حران ورأس العين ، فأخذوا منهم ستمائة حمل سكر ومعمول من الديار المصرية ، وستمائة ألف دينار ، وكان عدة من قتلوا في هذه السنة من أهل الجزيرة نحوا من عشرة آلاف قتيل ، وأسروا من الولدان والنساء ما يقارب ذلك ، فإنا لله وإنا إليه راجعون .
قال السبط : وفيها بغداد ، وكان لهم عشر سنين لم يحجوا من زمن المستنصر . حج الناس من
وفيها وقع حريق بحلب ، احترق بسببه ستمائة دار ، يقال : إن الفرنج لعنهم الله تعالى ، ألقوه فيها قصدا .
وفيها أعاد قاضي القضاة عمر بن علي النهرقلي أمر المدرسة التاجية التي كان قد استحوذ عليها طائفة من العوام ، وجعلوها كالقيسارية يتبايعون فيها مدة طويلة ، وهي مدرسة جيدة حسنة قريبة الشبه من النظامية ، وقد كان بانيها يقال [ ص: 317 ] له : تاج الملك . وزير ملكشاه السلجوقي ، وأول من درس بها الشيخ أبو بكر الشاشي .
وفيها كانت وفاة
جمال الدين بن مطروح وقد كان فاضلا رئيسا كيسا شاعرا من خيار المتعممين ، ثم استنابه الملك الصالح أيوب في وقت على دمشق ، فلبس لبس الجند . قال السبط : وكان لا يليق في ذلك . ومن شعره في الناصر داود صاحب الكرك لما استعاد القدس من الفرنج حين سلمت إليهم في سنة ست وثلاثين في الدولة الكاملية ، فقال هذا الشاعر ابن مطروح :
المسجد الأقصى له عادة سارت فصارت مثلا سائرا إذا غدا للكفر مستوطنا
أن يبعث الله له ناصرا فناصر طهره أولا
وناصر طهره آخرا
وفيها توفي :
شمس الدين محمد بن سعد المقدسي
الكاتب الحسن الخط ، كان كثير الأدب ، سمع الكثير ، وخدم السلطان الصالح إسماعيل وكان دينا فاضلا شاعرا ، له قصيدة ينصح فيها السلطان والناصر داود ، الصالح إسماعيل ، وما يلقاه الناس من وزيره وقاضيه وغيرهما من حواشيه .