[ ص: 559 ] ذكر الملك السعيد
وتولية أخيه الملك العادل سلامش خلع
لما اتفق الحال على ما ذكرنا نزل السلطان الملك السعيد من القلعة إلى دار العدل في سابع عشر الشهر ، وهو ربيع الآخر ، وحضر القضاة والدولة من أولي الحل والعقد ، فخلع السعيد نفسه من السلطنة ، وأشهدهم على نفسه بذلك ، وبايعوا أخاه بدر الدين سلامش ، ولقب بالملك العادل ، وعمره يومئذ سبع سنين ، وجعلوا أتابكه الأمير سيف الدين قلاوون الألفي الصالحي ، وخطب الخطباء ، ورسمت السكة باسمهما ، وجعل للسعيد الكرك ، ولأخيه خضر الشوبك ، وكتبت بذلك مكاتيب ، ووضع القضاة والمفتون خطوطهم بذلك ، وجاءت البريدية إلى الشام بالتحليف لهم على ما حلف عليه المصريون . ومسك الأمير أيدمر نائب الشام الظاهري ، واعتقل بالقلعة عند نائبها ، وكان نائبها إذ ذاك علم الدين سنجر الدواداري ، وأحيط على أموال نائب الشام وحواصله ، وجاء على نيابة الشام الأمير شمس الدين سنقر الأشقر في أبهة عظيمة ، وتحكم مكين ، فنزل بدار السعادة ، وعظمه الناس وعاملوه معاملة الملوك ، وعزل السلطان قضاة مصر الثلاثة; الشافعي والحنفي والمالكي ، وولوا القضاء صدر الدين عمر بن القاضي تاج الدين ابن بنت الأعز عوضا عن الشافعي ، وهو تقي الدين بن رزين ، وكأنهم إنما عزلوه لأنه توقف في خلع الملك السعيد . والله أعلم .