: الشيخ وممن توفي فيها من الأعيان الصالح المقرئ ، بقية السلف ، عفيف الدين أبو محمد عبد الله بن عبد الحق بن عبد الله بن عبد الأحد بن علي القرشي المخزومي الدلاصي ، شيخ الحرم بمكة ، أقام فيه أزيد من ستين سنة يقرئ الناس القرآن احتسابا ، وكانت وفاته ليلة الجمعة الرابع عشر من المحرم بمكة ، وله أزيد من تسعين سنة ، رحمه الله .
شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أبي القاسم الهمذاني ، أبوه الصالحي المعروف بالسكاكيني ، ولد سنة خمس وثلاثين وستمائة بالصالحية ، وقرأ بالروايات ، واشتغل في مقدمة في النحو ، ونظم قويا ، وسمع الحديث ، وخرج له الشيخ الفاضل ابن الفخر البعلبكي جزءا عن شيوخه ، ثم دخل في التشيع ، فقرأ على أبي صالح الحلبي شيخ الشيعة ، [ ص: 212 ] وصحب ابن عدنان ، وقرأ عليه أولاده ، وطلبه أمير المدينة النبوية الأمير منصور بن جماز ، فأقام عنده نحوا من سبع سنين ، ثم عاد إلى دمشق وقد ضعف ، وثقل سمعه ، وله سؤال في الجبر ، أجابه فيه الشيخ تقي الدين ابن تيمية وكل عنه غيره . وظهر له بعد موته كتاب فيه انتصار لليهود وأهل الأديان الفاسدة ، فغسله تقي الدين السبكي لما قدم دمشق قاضيا - وكان بخطه ، ولما مات لم يشهد جنازته القاضي شمس الدين بن مسلم . توفي يوم الجمعة سادس عشر صفر ، ودفن بسفح قاسيون ، وقتل ابنه فيما بعد على قذفه أمهات المؤمنين عائشة وغيرها ، رضي الله عنهن وقبح قاذفهن .
وفي يوم الجمعة مستهل رمضان صلي بدمشق على غائبين هما الشيخ نجم الدين عبد الله بن محمد الأصبهاني ، توفي بمكة ، أحد العباد والزهاد الذين يقصدون للزيارة ، وعلى الشيخ محمد الزيلعي ، توفي بمكة أيضا ، وهو من الصالحين أيضا ، وعلى جماعة توفوا بالمدينة النبوية ، منهم أبو [ ص: 213 ] عبد الله محمد بن أبي القاسم بن فرحون مدرس المالكية بها ، والشيخ يحيى الكردي ، والشيخ حسن المغربي السقا .
الشيخ الإمام العالم علاء الدين علي بن سعيد بن سالم الأنصاري ، إمام مشهد علي من جامع دمشق ، كان بشوش الوجه ، متواضعا ، حسن الصوت بالقراءة ، ملازما لإقراء الكتاب العزيز بالجامع ، وكان يؤم نائب السلطنة وهو والد العلامة بهاء الدين محمد بن علي مدرس الأمينية ومحتسب دمشق ، توفي ليلة الاثنين رابع رمضان ، ودفن بسفح قاسيون .
الأمير حاجب الحجاب زين الدين كتبغا المنصوري ، حاجب دمشق ، كان من خيار الأمراء وأكثرهم برا للفقراء والمساكين ، يحب الختم والمواعيد والموالد ، وسماع القرآن والحديث ، ويكرم أهل ذلك ، ويحسن إليهم كثيرا ، وكان ملازما لشيخنا أبي العباس ابن تيمية كثيرا ، وكان يحج ويتصدق ، توفي يوم الجمعة آخر النهار ، ثامن عشرين شوال ، ودفن من الغد بتربته قبلي القبيبات ، وشهده خلق كثير ، وأثنوا عليه ، رحمه الله .
[ ص: 214 ] والشيخ بهاء الدين بن المقدسي ، والشيخ سعد الدين أبو زكريا يحيى المقدسي ، والد الشيخ شمس الدين محمد بن سعد المحدث المشهور ، رحمه الله .
وفيها توفي سيف الدين الناسخ ، المنادي على الكتب .
والشيخ أحمد الحرام ، المقرئ على الجنائز ، وكان يكرر علي " التنبيه " ، ويسأل عن أشياء منها ما هو حسن ، ومنها ما ليس بحسن .